شعار قسم مدونات

كيف اختبر فيروس كورونا كفاءة المستشفيات حول العالم؟

blogs كورونا

نقص في الأدوية والأجهزة سوء ردة فعل والتخطيط وعجز كوادر الطبية في معالجة المشكلة. هذه بعض من الثغرات التي أظهرها فيروس كورونا بالمؤسسات الصحية في دول المبتلية بها. فيروس كورونا الذي أعلن مرضاً وبائياً من قبل منظمة الصحة العالمية، يختبر المؤسسات الصحية في قدرتها وكفاءتها عندما يأتي الأمر للتعامل مع أمراض متفشية وبائية. بالطبع ليس غريب للمجتمع البشري انتشار أمراض وبائية بين أفرادها فهي باتت روتينا متوقعا منذ نشوء أول مدن البشرية وتكاثف السكان في حيز محدد.

نذكر منها أخطر وأقوى وباء تعرض له سكان العالم في عام 1918 عندما تفشى فايروس أنفلونزا الأسباني في جميع مناطق الأرض. وهو تاريخُ لم ينساه دول الأوروبية حيث قتل أكثر من 50 مليون شخصاً في السنة الواحدة. انبهر العالم آنذاك في فعالية هذه الكائنات الصغيرة على قتل الجنود بشكل أسرع وأفتك من الحرب العالمية الأولى التي انتهت للتو في ذلك العام. كانت ردة فعل بلاد في ذلك الوقت سريعة ولكن متبعثرة ولم يشك دول العظمة مثل بريطانيا وأمريكا وألمانيا بقدرتها على مواجهة إنفلونزا واحتواءها فقد كانوا يظنون بأنهم متطورين ومستعدين مع اكتشاف اللقاحات والمضادات الحيوية وتعليم كوادر الطبية وأمدادهم بكامل المعلومات من أرقى الجامعات. ولكنهم كانوا على خاطئ كما نعلم من قراءة التاريخ.

إلى حد الآن النتيجة بينت فشل تلك المستشفيات والأطباء والمسؤوليين في حماية صحة المجتمع ضد فيروس كورونا. ولكننا نأمل بالتأكيد أن يكون هذا الوباء درساُ قيماً لعمل إجراءات ومخططات وإعداد أكثر عندما يأتي الأمر للأمراض المعدية أخرى

لم يقدر المختبرات الطبية في اكتشاف لقاح للفيروس ولم يفد مضادات الحيوية التي كانت تقتل البكتريا بشكل فعال جداً ضد الفيروس. لجأت حينها المستشفيات إلى اتخاذ إجراءات وقائية واحترازية بدلاً من العلاجية وهذا يعني حجر الشخص وعزله عن الآخرين ولكن سرعان ما اكتشف أن المستشفيات ليست لها قدرة على تحمل ذلك العدد من الأشخاص وحاول عديد من الدول إنشاء مخيمات من أجل دعم المرضى المصابين. والدعم كان فقط إعطاء مغذي للمريض والعناية به إلى أن يتحسن حالته. بينما قامت الحكومة بالاستجابة السريعة على هذه المعضلة بحجر المصاب وعزله وعمل توعيات للاهتمام بالنظافة الشخصية ثم الأهم منها قيام بحظر التجوال وغلق أماكن العامة.

بمقارنة استجابة الدول آنذاك على فيروس إنفلونزا مع استجابتهم اليوم لفيروس كورونا نرى بأنه ليس هناك اختلافاً كبيراً بينهما بالرغم من اكتشاف أدوية ومضادات حديثة وبالرغم من وجود أجهزة تنفسية داعمة للحياة ووجود مستشفيات خاصة لمعالجة أمراض انتقالية وتدريب الكوادر مميزة للتعامل معها إلا أن الحكومات الدولية بدأت تلجأ إلى وسائل قديمة للعناية بالمشكلة. لم يتعلم العالم كيفية استجابة المناسبة للأوبئة منتشرة في داخلها. بمرور التاريخ نرى نفس الأفعال والتصرفات البدائية الهروب العزل ثم العناية الثانوية.

هناك اليوم مصادر مادية كافية ومعلومات علمية وافية للوقاية من والأستجابة فعالة للأمراض الوبائية. كان من المفترض أن يتم بناء مستشفيات كبيرة خاصة وملئها بالأجهزة الطبية الداعمة للحياة تحزراً لتلك الأمراض المعدية أو حتى بناء قبو تحت المستشفيات الموجودة واتخاذها محجراً صحياً للسنوات المظلمة للأسف لم يقدم أي من الحكومات على تلك المشاريع ونرى عاقبته اليوم في مستشفيات إيطاليا التي عجزت عن إدخال جميع المصابين بفيروس كورونا إلى المستشفى والعناية بهم وأجبر على اختيار بين من يجدر عليه العيش ومن يتحتم عليه الموت.

كذلك لم يتم تدريب الأطباء والممرضات بشكل جدير لمعالجة مثل هذه القضايا حيث نرى إصابة وموت الآلاف من الأطباء والممرضين في مستشفيات صينية بسبب عدم كفاءتهم في احتواء المرض. لا يعد فيروس كورونا ذات أثر شامل وقوي بالنسبة للمصابين به. ولكنها بالفعل تعتبر اختباراً لقدرة تلك المستشفيات على تشفية المصابين بأعداد كبيرة وكذلك تدريباً للأطباء المختصين والممرضات ومدراء العاملين في مراكز الصحية في كيفية تخطيط وتفعيل أجراءات وقائية ضد الأوبئة بشكل عام. إلى حد الآن النتيجة بينت فشل تلك المستشفيات والأطباء والمسؤوليين في حماية صحة المجتمع ضد فيروس كورونا. ولكننا نأمل بالتأكيد أن يكون هذا الوباء درساُ قيماً لعمل إجراءات ومخططات وإعداد أكثر عندما يأتي الأمر للأمراض المعدية أخرى. منهم فيروس إنفلونزا وكوليرا ونقص المناعة المكتسب الذين يقتلون مئات الآلاف من الأشخاص من دون تغطية الإعلام لهم بشكل مستحق أو حتى عدم الاستجابة لهم من قبل المختصين بفعالية ونصح المجتمع في كيفية الوقاية منهم.

فيروس كورونا لم يكن أول وباءٍ يصيب البشر ولن يكون آخر واحد. نحن متأكدين أن ما ينتظرنا في المستقبل هو موجات من الأوبئة والأمراض المعدية فلا بد من اتخاذ إجراءات لازمة لها وتعليم الكوادر الصحية على كيفية وقاية منها وتصرف صحيح نحوها ثم بناء مستشفيات طارئة عملاقة لتتحمل معالجة المجتمعات التي تتكون من آلآف من الأفراد المصابين بتلك أمراض الفتاكة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.