شعار قسم مدونات

سلسلة الخلاص.. رسول يوم القيامة

blogs كورونا

يبدو أن شمس هذه الحياة تغيب وألوانها المزهرة تنطفئ وتذوب، وزهور حدائقها تموت وتذبل، يصرخ القاصي قبل الداني، هل من حياة إلى سبيل؟ ولكن بالرغم من أن الوباء يحمل في طياته كل أطياف الخوف والرعب وتتناثر مع أخباره رائحة الموت، حتى أنها باتت تشتم في هذه السطور، لا يذهب ريحها عطر لهذه الدنيا ولا بخور، ولكن تبقي الحقيقة المضيئة، لكل صاحب عقل وفهم وذو لب أو طريقه، فهذا الوباء يحمل معه أهم وأخطر رسالة عرفتها الإنسانية، منذ نهاية عصر النبوة ومنذ بدأ الخليقة، رسالة أن للكون رب وخالق وأن يوم القيامة حق وحقيقة، فهل أفضل من ذلك رسالة وهل أدل من ذلك على مصير الكون ونهاية الخلق وبعث الخليقة.

 

باتت أحاديث يوم القيامة والحساب والبعث قصص تتلي وتسمع بدون حس ولا تمحيص ولا امتثال لعظمة الأمر وجلال تلك الحقيقة، كفر الناس في كل مكان، وتلاعبوا بناموس الدنيا حتى تزاوج الذكران، بات الإلحاد علما يدرس، والكفر كتب تفهرس، ظن الظالم أن الأمر استتب له، وبات لسان حاله ينطق بما نطق به فرعون، أنا ربكم الأعلى، وهذه القصور والأنهار تجري بأمري، أنا أحيي هذا فأتركه يعيش، وأميت هذا فأعتقله هو وأهله وأقضي عليه وعلي ذرية خلقه، شر الخلق كلاب جهنم، قد باتوا يتبوؤون المناصب ويحكمون الأمم ويتحكمون في أصحاب الهمم، والساعة لا تأتي إلا بغتة ولا تتنزل علاماتها الكبري إلا فجأة، وقد علقت أبواب التوبة ولكل إمرا طريقه، إما جنان وإما عذاب بلا نهاية حتى تنتهي النهاية فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم يرحمون.

 

ولكن الله أرحم الراحمين، ربكم ورب آبائكم الأولين، قد أرسل لكم اليوم رسالة بلا نبي، وحقيقة قبل أن يظهر عليكم المهدي، فهذا الوباء رسالة حية وقوية، تعيش الناس فيه أجواء يوم القيامة قبل أن يتنزل أمرها، او يظهر عليكم دليلها، الموت في كل مكان، لا تستطيع أمة، ولا قوة ولا مال ولا علم ولا عليم أن يوقفه، بل إن الجميع قد ركع، والكل قد استكان وخضع، والقادم أكبر وكبير، فلو تمكنا من صناعة اللقاح فقد يبقي الوباء لعام أو أكثر لكي يزاح، أما بدون لقاح ومع زيادة المقاومة والحصار، يتطور الميكروب وتتغير الأسرار، ومن عجائب هذا الوباء أن من يشفي ويتاب قد يعود الأمر عليه تارة أخري فيصاب، ومن هذا نستدل ونعلم وبالعلم هنا نتكلم، قد تستمر الدائرة دائرة، وتعيش الإنسانية في أجواء المرض والوباء لسنين طويلة قد تبلغ في علمي أربعين عاما وللرقم معني ومرجعية أصيلة، ندعو الله أن لا نري هذا ونشهده.

   undefined

  

وعودة لمغزي الكلام، فلا نعمة أفضل من أن تعيش أجواء يوم القيامة قبل أوانها، ويهبك الله تلك الفرصة لكي تتوب، قبل أن يأتي وقت لا تغفر فيه أعمال ولا ذنوب، فلا أحد لديه الجواب، هل هي النهاية أم هو ناقوس البداية، وعليه فهذا فضل لكي مؤمن لكي يستغفر ويستزيد، ويدرب النفس ويعدها ليوم تلقي فيه ربها فيدخلها جناته برحمته، فما بالكم برب أرحم بهذا على عباده، ليسوق لهم رسول قيامته قبل أن تحين ساعته، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم تقبلنا في عبادك الصالحين، وارزقنا رؤية وجهك الكريم، واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرحيم.

 

ورسالتي في آخر الكلام، لكل ظالم وجبار، وكل منافق ومؤيد للظلم والقتل والاعتقال في بلدي مصر وفي كل بلاد الأخيار، بدا الموت من كل مكان فهل أنتم قادرون على إيقافه، لا تعلمون متي ينتهي بكم الزمان، الكل يصاب والكل تحت مقصلة الموت ولا نعلم متي تنتهي الدائرة أوقد لا تنتهي، بدأ المرض بأكثر الدول تقدما حتى لا تعولوا على علم ولا مال، فليس لكم سبيل إلا رحمة الولي المتعال، تعلمون أنكم ظلمتم ونافقتكم وقتلتم وشردتم وتلطخت أيديكم بالدماء ومازلتم، فماذا أنتم فاعلون؟ هل تطمعون أن تتوبون؟ وماذا عن حقوق العباد، لا أمل لكم ولا توبة ولا رجاء، ولكن موت بالوباء وجهنم إلى أبد الآبدين بلا رجاء، هل يغني عنكم اليوم كبيركم أو كبراؤكم، هل تغني عنكم بدلكم ورتبكم، ويحكم، لا والله بل هم شركاؤكم في النار والعذاب.

  

ولكن يبقي الأمل فيمن يتوب ويصلح، فإذا كان لديكم عقول على رؤوس فلتسرعوا في محاولة أخيرة لكي تتجنبوا العذاب، أو ربما تفرون من العقاب، والتوبة مع الإصلاح شرط، فهل منكم رجل رشيد، يتوب ويصلح وينهي تلك الحقبة السوداء من تاريخ مصر الوليد، عسانا نعلم بعد حين، إذا كان لديكم وقت قبل أن يحصدكم الوباء والموت المهين، إن الوباء رسول يحمل الخير للمؤمنين وكل العذاب للظالمين، فلا تجزعوا ولا تحزنوا ولا تخافوا وأنتم المؤمنين، فأنتم في حفظ رب العالمين والبلاء امتحان واختبار وإعداد أو بوابة لجنة رب كريم، ولتبقي الحقيقة لأبد الآبدين بأن الوباء هو رسول يوم القيامة، لكي تستعدوا حتى حين، اللهم قد بلغت، اللهم فأشهد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.