شعار قسم مدونات

الثورة السورية في ذكراها التاسعة

blogs الثورة السورية

تسع سنوات يا ثورة، يا مجدنا وميلاد كرامتنا، ما حسبتكِ يوماً تبلغين هذه السنوات، وتحصدين هذه الأيام الطوال، كان عهدي بكِ إبان خروجكِ الأول ومولدك الأعظم أن لا يطول زمانك عن شهرٍ أو اثنان يسقط فيها النظام وتتبدل الأحوال، ومن ثمَّ نعود إلى ما كنَّا عليه، نمارس الحياة والروتين اليومي.
هذا ما تخيلته يوم كنت على أبواب السادسة عشر، نيسان 2011، مراهقٌ تتلمذ في مدارس البعث على ثورتين، ثورة الثامن من آذار والحركة التصحيحية، وصل حزب البعث بالأولى إلى الحكم، وسيطر الأب السفاح بالثانية على الحكم والبلاد، وكلتاهما انقلاب عسكري، لا يصح تسميتهما بثورة، لكن للأسد رأيٌ آخر في هذا. 

لحظات أو برهة من الزمن، يُخيّل لي فيها أنني في حلمٍ سأفيق منه عاجلاً، أو أن العالم حولي وما يحدث فيه مجرد دعابة. هنا يصعب علي أن أتقبَّل كل هذا التغيّر في كل شيء، ما تصوُّرت ولم أكن لأتخيل سنواتٌ عجاف يملؤها القتل والتهجير والبطش والتدمير والاعتقال، هذا الكم اللامتناهي من الإجرام والوحشية، لماذا! للحفاظ على الحكم والسيادة! فإما الأسد أو نحرق البلد. 

"تجرأنا على الحلم، ولن نندم على الكرامة". وعد الخطيب، مخرجة فيلم For sama 

سيدي الرئيس، يا مهزلة العالم وأضحوكة الشعوب ومسخرة الإعلام والأطفال؛ إن الشعب اليوم بعد تسع سنين لهو أكثر إصراراً وعزماً من ذي قبلِ، لم تهزّه انتصاراتك الروسية وخطاباتك العنفوانية

ولا لبرهةٍ ما ندمنا، ولن نفعل، كيف نندم على حياةٍ كسبناها وكرامةٍ نلناها وثورةٍ أشعلناها لتحصيل حقٍ ورفع ظلمٍ، وإقامة عدلٍ، ونيل حرية. في عامها العاشر وذِكرى ميلادها المجيد، تعيش ويسقط من عاداها، تعيش لنعيشَ نحن، فما قيمة عيشنا بموتها وفنائها! وإن طال عهدها وصعب منالها، تعيش لنعيش نحن. تعيش من قدّمت لنا الكثير، وعلّمتنا ما لم نكن لنتعلمه بعشرات السنين. يكفينا منها أن كشفت لنا الصديق من العدو، والخائن من الصادق، نفاق المجتمع الدولي وأكذوبة حقوق الإنسان وحماية الأطفال، مقاومة حزب الشيطان، المقامة السورية ضد إسرائيل وأهزوجة الاحتفاظ بحق الرد، بيع ثروات الوطن والتنازل عن سيادة البلاد، الأطماع الروسية الجيوسياسية والأيرانية بتوسيع النفوذ العسكري وزيادة المدّ الشيعي، والمصالح الأمريكية والأوربية مع دول المنطقة على حساب دم الشعب. ثورةٌ، تحارب احتلالاً روسياً أيرانياً، وتقاتل نظاماً مجرماً فاق في إجرامه وبطشه الوصف والخيال، وتنازع على البقاء والصمود أمام محاولات وأدها واستئصالها بتحقيق المصالح الدولية على حساب موتها وإرغام أهلها.  

في عامها العاشر، باتت حركة تحرير وثورة تغيير، تحرير البلد من الاحتلال الروسي والإيراني وذنبه اللبناني، وثورة على كلّ من عاداها وسعى في خرابها، بعثيٌّ كان أم مدني في منطقةٍ محتلَّة أم محرَّرة، ثورةٌ على العسكر بمختلف أشكالهم وتحزُّباتهم وشعاراتهم؛ على الأسد وحلفائه، على داعش وأتباعها، على النصرة وأنصارها، على قسد وعساكرها (قوات سوريا الديموقراطية) على قطّاع الطرق والعصابات المسلحة في المناطق المحرَّرة. ثورة لا تبقي إلا على من عمل للشعب وللوطن وللجميع قبل الواحد. 

ألعوبة العالم وأضحوكة الجماهير، الذليل المفدَّى

سيدي الرئيس، يا مهزلة العالم وأضحوكة الشعوب ومسخرة الإعلام والأطفال؛ إن الشعب اليوم بعد تسع سنين لهو أكثر إصراراً وعزماً من ذي قبلِ، لم تهزّه انتصاراتك الروسية وخطاباتك العنفوانية.

سيدي الرئيس، لقد كُسِر حاجز الرعب وسقط الخوف منذ أول صرخة في آذار لتسع سنوات خلت، لا إرهابك وجيشك ينفعان، لا زوجك الأيراني وسيّدك الروسي ينفعان، في الحقيقة لا ولن ينفعك شيء، سوى انتظار حتفك في عقر دارك.

سيدي الرئيس، يا لفخرك واعتزاك واعتزاز شبيحتك بك، ونحن نراك دميةً بيد الدب الروسي وعبداً للوحش الصهيوني، وخادماً مطيعاً لأصحاب القول في المجتمع الدولي، سيدي الدمية(ويا لك من دمية) إن الشعب اليوم فوقك، وأبقى منك ومن حكومتك، إن الشعب اليوم صاحب الإرادة والكلمة الأولى.

نصرها قادم، ومجدها قائم، لن تفنى؛ هي على موعد مع النصر والفرح، ربما لن يشهد كاتب هذه الكلمات موعدها (وإني لأرجو الله أن يمنّ علي بشهود هذا اليوم) ربما يطول أمدها كغيرها من ثورات التاريخ العظيمة التي غيّرت وجه التاريخ وشكل العالم، وكذا هي وأخواتها الربيع العربي، شأنهم عظيم وخروجهم بداية تاريخٍ جديد واستبدال ماضٍ مظلم بمستقبل مشرق.

حتى ذلك الحين، فالمجد لها، والمجد للشهداء، والمجد والخلاص لمعتقليها، المجد لكل من ثبت وما زال ثابتاً على دربها الأوحد. الرحمة للشهداء، والخلاص للمعتقلين، والمجد للثابتين والصابرين، عاشت سورية حرَّة حرَّة ويسقط بشار الأسد، عاشت الثورة ولا عاش سواها. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.