شعار قسم مدونات

الإمارات والثورات العربية.. هل ستنجو الثورة السودانية؟

blogs السودان

منذ بزوغ فجر الحادي عشر من أبريل 2019 يوم انهيار النظام الشمولي الذي عاث في بلادنا خرابا ودماراً، ومنذ توجه العسكر نحو معسكر الشر الإمارات راعية الثورات المضادة في المنطقة، طرأت هذه الأسئلة هل ستنجوا ثورتنا ثورة التاسع عشر من ديسمبر من المصير الذي آلت إليه ثورات الربيع العربي؟

فمصير ثورة يناير المصرية عالقٌ في أذهان السودانيين، فهل سيتخلى العسكر الذين فضوا ميدان القيادة عن أحلامهم، فلو لم يكن للمجلس العسكري أي أطماع في السلطة لما قدم على ارتكاب مثل هذه المجزرة ولما جال الفريق أول حميدتي دقلو، البلاد غربا وشرقا لحشد التأييد الشعبي عبر مايسمى الإدارات الأهلية، ولكن هذه الأطماع والتطلعات نحو كرسي الحكم تحطمت موقتًا أمام صلابة الشعب السوداني الثائر الذي خرجت جموعه في الثلاثين من يونيو ضد سلطة الأمر الواقع، حينها تراجع المجلس العسكري خطوة للوراء، وجلس مع المدنيين ليوقع معهم الوثيقة الدستورية.

غاية العسكر أن تفشل الحكومة المدنية في إحداث شرخ في جدار هذه الأزمات الاقتصادية حتى ينحسر التأييد الشعبي، وينحسر التفاف الشعب السوداني حول ثورة ديسمبر، وهذا ما حدث ويحدث الآن لتصل الثورة لأزمات مفتعلة وغير مفتعلة

فالعسكر لم يكن ليتخلى عن أطماعه التي ارتكب من أجلها أبشع الجرائم في تاريخ السودان الحديث، ولكن الزخم الثوري كان على أشده يوم أن خرجت جموع الثوار في يونيو. الآن وقد أكملت حكومة الثورة شهرها السادس نجد أن الزخم الثوري قد تدنى لمستويات يمكن معها تقبل أي ارتداد أو أي سيناريو يمكنه أن يحدث شرخا في الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان، فتوقعات وآمال الشعب السوداني بالحكومة المدينة التي ظل يهتف باسمها في كل تجمع حتى عبرت عنها إحدي الثائرات في بيت الله الحرام بـ (مدنياااااااو) أمام الفريق أول البرهان، قد تحطمت كلها أمام واقع مزري وحكومة دون التطلعات، فمفاصل الاقتصاد لازالت في أيدي العسكر، بل وأكبر مُدر للدولارات لحزينة الدولة في أيدي العسكر، مما يجعلهم صاحب السلطة الحقيقة.

الإمارات بدورها تدير المرحلة فهي أكبر مستفيد من وجود العسكر ف هرم السلطة، فالمعدن النفيس يصدر إليها بالأطنان سنويا عبر مطار الخرطوم دون علم حكومة الثورة وأكبر ميناء في السودان تسيطر عليه دولة الإمارات، وليس هذا وحده بل يعتبر نجاح الثورة السودانية محفزا لشعوب المنطقة ويعيد الآمال في الثورات العربية التي أحالتها الإمارات لخراب وحروب ونكبات على الشعوب الثائرة فنجاح التجربة السودانية يعيد روح النضال للشعوب العربية ويبعث فيها الأمل بنجاح الربيع العربي وعودته مجددا للساحة.

لهذا كله لا تريد دولة الإمارات أن تصل ثورة ديسمبر لغاياتها المنشودة، والآن يتم إغراق الحكومة في الأزمات كما فُعِل بحكومة الدكتور محمد مرسي رحمه الله، فحلفاء (حميدتي) في الخليج يتغاضون عن دعم الحكومة، والأنهيار في كل نواحي الدولة السودانية وصفوف الوقود والخبز في كل مكان، وندرة وغلاء في السلع الأساسية والأستهلاكية الضروية للمواطن، وتخلي الأمن والشرطة عن مهامهم في حفظ الأمن والاقتصاد، وشح للنقد الأجنبي في البنك المركزي وانهيار تام في كل القطاعات. كل ذلك ليرفع المواطن يده عن الثورة وحكومتها، حتى يعود العسكر بحجة إنقاذ الشعب السوداني، ومن ثم تتوفر كل السلع.. وتتدافع علينا الدول الخليجية (حلفاء حميدتي) بالدعم المالي من العملة الصعبة، لتكرر نفس السيناريو المصري في السودان.

وغاية العسكر أن تفشل الحكومة المدنية في إحداث شرخ في جدار هذه الأزمات الاقتصادية حتى ينحسر التأييد الشعبي، وينحسر التفاف الشعب السوداني حول ثورة ديسمبر، وهذا ما حدث ويحدث الآن لتصل الثورة لأزمات مفتعلة وغير مفتعلة في كل قطاعات الدولة، والآن نرى أن السيناريو المصري قريبًا من ثورة الشعب السوداني فبعد كل الأزمات التي تحيط بالمواطن وتنوشه من كل جانب زاد عليها الاستقطاب الحاد بسبب تصريحات بعض وزراء أو قيادات الحرية والتغيير التي تشير إلى أيديولوجيا ضد توجه السواد الأعظم من الشعب السوداني، وأصبحت الساحة مهيأة أمام الانقلاب العسكري وحتى نخرج من عنق الزجاجة ونصل بثورتنا المجيدة لبر الامان يجب أن تلتفت حكومة الثورة السودانية نحو الشعب وتواجهه بكل الأزمات والتحديات والحقائق، فالشعب هو من يستيطع أن يفشل كل مخططات الإمارات والعسكر، وحتى تنجو ثورتنا من مصير الثورات العربية يجب أن يُبْعد كل من يحمل ايديولوجيا محددة يريد أن يمررها عبر حكومة الثورة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.