شعار قسم مدونات

لماذا قد يشترون؟.. سؤال يغيّر قواعد لعبة المبيعات

يحب الناس أن يشتروا ولا يحبون أن يباع لهم والفارق كبير (مواقع التواصل الإجتماعي)

كثيراً ما يخطئ العاملون في مجال المبيعات في اختيار التوجّه السليم من خلال استيفاء إجابة السؤال التقليدي "كيف أبيع هذا؟" فيصبّون اهتمامهم على كل ما يجعل عروضهم متألقة فتجدهم يحشدون المزايا ويعددون نقاط القوة ويدرسون السلع المنافسة ليحددوا نقاط الضعف فيها ويتلقّون التدريبات الخاصة بالتعريف بالسلعة وبمهارات البيع ويهتمون بكل ما يجعل الصورة الذهنية لسلعتهم في أفضل حال. ومع الاتفاق على أهمية كل ما سبق من أدوات فإن أغلب النتائج تأتي مخيبة للآمال وذلك لسبب بسيط وهو أنهم يجعلون السلعة محور الاهتمام. وفي هذا السياق يجب أن ننتبه لأمرين:

أولاً: يحب الناس أن يشتروا ولا يحبون أن يباع لهم والفارق كبير

قارن بين إحساسك وأنت تتجول في متجر لاختيار سلعة تريد أن تشتريها و"أنت" تستمتع بقضاء الوقت في البحث عن الأفضل وبين إحساسك وأنت تقابل شخصاً حدد معك موعداً لعرض سلعة و"هو" على ما يبدو مستمتع بقضاء الوقت في عرض ما لديه لتعرف المقصود بالفارق الكبير.

ثانياً: المبيعات لعبة أشخاص وليست لعبة أرقام

شئنا أم أبينا فقد تحوّل كل معنى في عالم المبيعات إلى رقم (عدد عملاء – عدد لقاءات يومية – عدد منافسين – مستهدف شهري أو ربع سنوي يجب تحقيقه – عمولات إضافية… إلخ) كلها أرقام وهو ما أعطى انطباعاً خاطئاً بأنها لعبة أرقام في حين أن كل شخص من العملاء عبارة عن وحدة مستقلة لها مكوّنات وخصائص وظروف واحتياجات وبالتالي فكل شخص من هؤلاء له محفّزاته ومثبّطاته وهو ما يستدعي سؤالاً مختلفاً.. سؤالاً يخصهم ولا يخص السلعة: "ليحل محل "كيف أبيع هذا؟" بما يجعل العملاء محور الاهتمام وهو ما يقود حتماً إلى التركيز على هذه المكونات والخصائص والظروف والاحتياجات وهو ما يصنع فارقاً كبيراً في الأداء ومن ثَمَّ في النتائج.

ومع تغيير التوجّه كان لابد للعلم أن يضع بصمته ليصل بنا إلى الطريقة المثلَى فى استهداف كل عميل على حدة وذلك بإيجاد نظام تستطيع من خلاله التنبؤ بسلوك الشراء والذي لا يُقصد به فقط "كيف يوافق هذا العميل على الشراء؟" وإنما يشمل أيضاً "ماذا يمكن أن يمنع هذا العميل من الشراء؟" وذلك من خلال تصنيف البشر حسب قيَمهم الأساسية (ما يعتبرون له قيمة كبيرة وما لا يعيرون له اهتماماً – ما يحبون من سلوك وما لا يحبون – ما يستهويهم من أساسيات في حياتهم وما لا يستهويهم – ما يحفّزهم على إبرام صفقة وما يثبّطهم) وأزعم إذا سألنا كل العاملين في عالم المبيعات المحترفين منهم والمتعثّرين "ما الأداة التي تفتقدها في عملك؟" أنّ الغالبية العظمى ستشير إلى كل ما هو بين القوسين أعلاه وهو شرح لمصطلح "سلوك الشراء".

قسّم هذا النظام القيَم الأساسية للبشر إلى أربعة نماذج وأطلق عليها (التخطيط – النشاط – الرعاية – المعرفة) على أن يكون تصنيف البشر تبعاً لترتيب هذه النماذج (المبنية على القيَم الأساسية) وهو ما يجعل لكل شخص شفرة عبارة عن مزيج مرتب من النماذج الأربعة. وبحساب عدد التباديل المتاحة بينها يصبح العدد الإجمالي أربعة وعشرين شفرة مما يجعل نسبة النجاح المتوقعة باستخدام أسلوب واحد لاستهداف الجميع هي 1/24 أي 4% فقط وهو ما قد يفسّر أسباب التعثّر رغم كل التجهيزات.

في عام 2016 نشرت جامعة سان فرانسيسكو تقريراً في مجلتها السنوية شرح فيه أحد أساتذتها د/ريان هويل كيف يتنبأ هذا النظام بسلوك الشراء وجعلت منه موضوع الغلاف.

الجدير بالذكر أن هذا النظام قد حقق نتائج وصلت في أحيان كثيرة إلى ثلاثة أضعاف حجم المبيعات سواءً للشركات ذات الأحجام المتوسطة والصغيرة أو للذين استخدموه من أفراد المبيعات وذلك بكشف الأسرار التي ظلت خفية كما أنه حقق نتائج كبيرة على صعيد بناء العلاقات وتحسين سبُل التواصل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.