شعار قسم مدونات

سر الوصول إلى القمة

BLOGS تأمل

هل سألت نفسك ذات يوم، ما السر وراء ارتقاء البعض للقمة؟ ما السبب الذي رفع البعض نحو مراكز مهمة في مؤسسة ما؟ وكيف يبقى بعض الناس في ذات الوظيفة وذات المؤسسة لأعوام عديدة براتب متشابه تقريبًا؟ بالنسبة لي الحياة هي ذاتها للجميع، لكن المختلف هو نمط التفكير وطبيعة الشخصية والمجتمع المحيط، فلا يمكن أن نقارن بين شخص يعيش في منطقة نائية تفتقر لفرص العمل وتعاني الفقر ونقص الماء وأحياناً بلا كهرباء، بشخص آخر يسكن في دولة من دول الاتحاد الأوروبي، لكن ما لا يمكن الجدال فيه، أن اللاعب الأساسي في حياتنا اليومية، العملية والنفسية، هو عامل الإرادة، هل سمعتم بها من قبل؟

  

ما هي الإرادة؟ 

لعل الكثير منا قد سمع عن مصطلح الإرادة لكنه لم يفكر في معناه، أو مر عنه مرور الكرام مثلما نفعل مع غالب أمور حياتنا، فلا نعير اهتمامًا كبيراً للمصطلحات كالغالبية العربية، الإرادة هي مفتاح ذو تركيبة معقدة، يحوي مسننين، يجمع بين التضحية والصمود، لا يمتلكه إلا من أراد ذلك، مالكه صاحب هدف واضح ومحدد، والمفتاح أمر مفصلي لفتح أي طريق مستقبلي مختلف عن الطريق الروتيني في الوصول لأي شيء، التصميم على أمر لأجل تحقيقه، وقوة الإرادة مختلفة من شخص لآخر.

 

صناعة أي شيء لا تتحقق بفجر ليلة وضحاها، وصعود السلم يحتاج لجهد متتابع كي تصل للطابق العلوي، كلما ازداد مشوارك لطوابق أعلى في عمارة شاهقة ازداد الجهد المبذول في ذلك

بين الفشل والنجاح خطوة واحدة، الأولى سهل الوصول إليها بمجرد وقوفك على نمط واحد، خائفًا من تجربة أي شيء جديد أو تطوير نفسك، والثانية مكون ارتقائها الإرادة، فبخطوك خطوة للأمام من أجل تطوير نفسك أو زيادة مهاراتك بمجال معين أو خوض تجربة جديدة مختلفة، فأنت بالفعل تريد ذلك، ستصل لما تريد. هذا هو معيار الصعود ولا صعود وارتقاء لمن يقف بذات الخطوات وبنفس إعدادات حياته اليومية الروتينية.

  

هل الإرادة أمر مكتسب؟

قد يختلف البعض حول هذا المحور، بإعادتها لعوامل وراثية، لكن الغالب في الإرادة أنها مكتسبة، وكي ندرك ذلك أكثر يجب أن نفرق بين الرغبة كرغبة والإرادة، الرغبة تعبر عن نداء داخلي مصدره النفس ذاتها، فمثلاً قد نرغب في تغيير عادة معينة، كالإقلاع عن العادات الغذائية السيئة، رغبة داخلية مصدرها الشخص نفسه، الإرادة ذات نطاق أوسع، المجتعمات العربية كمثال لا تلقي بالاً للعادات الغذائية الصحية الصحيحة، ويُستهزأُ بمن يتبع الأنظمة الصحية في الغالب من قبل الأسرة أو المجتمع أو كلايهما.

 

في المثال السابق رغب الشخص في تغيير عادة لديه، لكن المجتمع بيئة غير مشجعة على اتباع ما يرغب به الشخص، إرادة المجتمع تعاكس الرغبة في كثيرٍ من الأحيان، وهنا يظهر صاحب الإرادة من فاقدها، هل سينجح في تحقيق رغبته رغم رفض المجتمع؟ أم أنه سيجلس جانبًا هاربًا من واقع تحقيق الرغبة والهدف والوصول؟

 

كيف أحصل على إرادة قوية؟

ليس الوصول لإرادة قوية أمراً سهل المنال، خطوات عديدة يجب السير من خلالها أو بجوارها على الأقل، يبدأ الأمر بإيجاد الذات والشعور بالرضا تجاهها، عندما تشعر بالرضا تجاه نفسك ستكون في بداية الطريق نحو الإرادة القوية. عندما ندرك ذاتنا ونشعر بقيمة نفسنا، لا يجب أن نذهب نحو الإجهاد واستمرار البذل دون راحة من فترة إلى أخرى أو تقدير، الخطوة الثانية في تقوية الإرادة أن نكافئ أنفسنا عندما ننجز كي نزداد ثقةً ورضاً بما نعمل.

 

صناعة أي شيء لا تتحقق بفجر ليلة وضحاها، وصعود السلم يحتاج لجهد متتابع كي تصل للطابق العلوي، كلما ازداد مشوارك لطوابق أعلى في عمارة شاهقة ازداد الجهد المبذول في ذلك، كذلك الإرادة تزداد قوة بالاستمرارية والتتابع، خطوة بخطوة، لا جرياً سريعاً، قَسم أي عملية تغييرية أو تجربة جديدة إلى خطوات وخطوات، وجرب جزءاً جزءاً منها، تدريجيًا حتى تحقق الهدف المراد. كي تصنع النجاح الحقيقي، والذي يشكل الأساس لنموك في المجتمع ورقيك نحو الأفضل، تمسك بالخطوات السابقة واعمل جاهداً على الوصول لهدف المدونة وأطروحتها، الإرادة، بها نصنع المستحيل ونحقق المجد الذي تقمعه بعض المجتمعات العربية إن لم يكن كلها. عندما تحضر الإرادة يتبخر المستحيل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.