شعار قسم مدونات

بطل القارة السمراء.. لماذا أحببنا ماني وتعاطفنا معه؟

blogs ماني

‎تحول الحلم إلى حقيقة واقعة في مصر بمدينة الغردقة. غادر داكار كطفل، وفي إنجلترا أصبح أسداً واليوم يجلس على عرش القارة، ساديو ماني أفضل لاعب إفريقي لعام 2019 عن استحقاق وجدارة.

في البداية نتعرف باختصار على قصة ماني

نشأ في قرية صغيرة بالسنغال، لم يكن طريقه إلى قمة كرة القدم الأوروبية مستقيماً. منذ أن كان في الثانية أو الثالثة من العمر، كان لديه كرة قدم معه دائمًا، ويتذكر أنه يكبر ويصبح لاعب كرة قدم. وكلما رأي أطفالًا آخرين يلعبون في شوارع قرية "بامبالي" السنغالية، كان يلعب معهم. فبدأ من الشوارع. لقد كان شغف ساديو الشاب بكرة القدم مستقبلياً يقابل بشكل سيئ من قبل عائلته التي حاولت منعه من اللعب، لقد اعتقدوا أن كرة القدم مضيعة للوقت ولن ينجح بها. كان ماني يهرب من المنزل وينضم إلى أكاديمية كرة قدم، وقال لعائلته  "لقد قلت دائمًا، هذه هي الوظيفة الوحيدة التي ستمكنني من مساعدتكم. وأعتقد أن لدي فرصة لأن أصبح لاعب كرة قدم". عندما رأوا أنه في رأسه وفي قلبه كرة القدم فقط، أقتنعوا بذلك وسمحوا له بالذهاب إلى داكار، ومن هناك بدأت حياة ساديو ماني الكروية، حيث أنضم إلى أكاديمية لكرة القدم وبدء في التدريب واللعب معهم.

نحب البساطة ونشعر بالإنسان البسيط والهادئ، لا نحب الغرور والتكبر. نحتاج للكثير مثل ساديو ماني في حياتنا، لا نحتاج لأناس تمتلك أضعاف ما يمتلكه ماني ولا يفعلون شئ

فكان ماني من أسرة فقيرة ولم يمتلك شورت رياضي فكان يلعب ببنطلون طويل ويقوم بلفه لفوق الركبه، وحذاءه الرياضي كان مقطعاً. وكان بعض أصدقائه في الفريق يسخرون من شكله، ويقول هل هذا سيصبح لاعب كرة قدم؟! ومع مرور الوقت أستطاع ماني أن يقوم بشراء طقم رياضي، ويصبح مثل زملائه في الأكاديمية. وبدء ماني رحلته الكروية حتى انتقل إلى نادي ميتز الفرنسي، ومنه إلى نادي ريد بل سالزبورغ النمساوي، ثم وقع مع ساوثهامبتون الإنجليزي. ومنه انتقل إلى ناديه الحالي ليفربول في عام 2016 مقابل 34 مليون جنيه إسترليني، ليصبح أغلى صفقة انتقال للاعب أفريقي في التاريخ في ذلك الوقت. وتطور بشكل ملحوظ وأثبت ساديو ماني نجاحه الفوري مع الريدز. واستمر هذا التوفيق إلى الآن.

لماذا أحببنا ماني وتعاطفنا معه؟

كمحبين ومشجعين لكرة القدم، بجانب اللعبة نحب دائماً اللاعب الذي يشبهنا، نحس أنه مننا، يتعب مثلنا في الحياة حتى يحقق هدفه. لا تغيره الأيام مهما حصل من تغيرات وشهرة ومال. حتى لو كان هذا اللاعب يلعب في نادي غير الذي ننتمي له ونحبه، فالأمر هنا لا علاقة له بالأندية، الأمر مشاعري ينتج عن إحساس بالحب لشخص تعب في الحياة ويستحق ذلك التقدير. وكرة القدم قبل ما تكون لعبة، فهي رسالة لها تأثيرها المجتمعي، ويستطيع اَي لاعب أن يكسب حب الناس ويؤثر فيهم من خلال أفعاله.

ساديو ماني يشبهنا، نحس أنه مننا. يبتسم في وجه الجميع، متصالح مع الكل، بسيط في حياته، ابتسامته الجميلة دائماً على وجه، لا يكره أحد، لم ينسى أهله ومنطقته الذي نشئ وتربى بها، يساعد الغلابة.. يبني المدارس والمستشفيات والملاعب. أستغل كرة القدم وأسلوبه في التأثير بالمجتمع وإصلاحه. قال ماني ذات مرة: "لماذا أريد عشر سيارات من طراز العالمي أو عشرين ساعة من الألماس أو طائرتين؟ ماذا ستفعل هذه الأشياء بالنسبة لي وللعالم؟". "كنت جائعًا، وكان عليّ أن أعمل في الميدان، لقد نجوت في أوقات عصيبة، ولعبت كرة قدم حافي القدمين، ولم يكن لدي تعليم وأشياء أخرى كثيرة، لكن اليوم مع ما فزت به بفضل كرة القدم ، يمكنني مساعدة شعبي".

"لقد بنيت المدارس، ملعب كرة القدم، ونحن نقدم الملابس والأحذية والغذاء للأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع. بالإضافة إلى ذلك أعطي رواتب شهريًا لجميع للناس في منطقة فقيرة للغاية من السنغال والتي تساهم في اقتصاد الأسرة". "لست بحاجة إلى عرض السيارات الفاخرة والمنازل الفاخرة والرحلات وحتى الطائرات. أفضل أن يحصل شعبي على القليل مما أعطاني إياه". نحب البساطة ونشعر بالإنسان البسيط والهادئ، لا نحب الغرور والتكبر. نحتاج للكثير مثل ساديو ماني في حياتنا، لا نحتاج لأناس تمتلك أضعاف ما يمتلكه ماني ولا يفعلون شئ، وكل شغلهم الشاغل الظهور أمام الناس وفي الإعلام بشكل يجذب الأنظار دون فعل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.