شعار قسم مدونات

منتدى دافوس.. وقفة على آثاره في عالمنا العربي والإسلامي

blogs منتدى دافوس

انطلقت أعمال منتدى دافوس يوم الثلاثاء الموافق 22/01/2020 بحضور عدد من زعماء ومشاهير العالم على رأسهم الرئيس الامريكي دونالد ترمب ورئيسة وزراء فنلندا سانا مارين التي تبلغ من العمر 34 عاما والناشطة المناخية الصبية السويدية غريتا ثونبرغ الحاصلة على جائزة مجلة تايم العريقة عن شخصية العام 2019م.

  

منتدى دافوس الذي تم إنشاءه عام 1971م تحت اسم منتدى الإدارة الأوروبي كمنظمة غير حكومية وغير ربحية بعضوية 1000 شركة متعددة الجنسيات تعمل على رفع القيود لتيسير الأعمال ويعد البروفيسور الألماني كلاوس مارتن شواب عراب هذا المنتدى، وتعود التسمية نسبة إلى مكان انعقاده في منتجع دافوس بسويسرا، ومنذ ذلك الحين استمر في الانعقاد كل عام ليجمع طيفا من قادة العالم في مجالات الاقتصاد والسياسة والقضاء والفن والناشطين وغيرها، ويقدر عدد الحضور ما يقارب 3000 مدعو، وغالباً ما تستثمر شخصيات بارزة المنتدى للتأثير في عملية تحديد أولويات السياسة العالمية والدفع بقضايا معينة إلى مقدمة الاهتمام العالمي.

 

من إسهامات المنتدى حل بعض الإشكالات السياسية مثل جمع الرئيسين التركي تورغوت اوزال واليوناني اندرياس باباندريو على هامش المؤتمر سنة 1988م في الوقت الذي كانت فيه طبول الحرب تقرع بينهما بسبب نزاع حول الأبحاث التي أجرتها تركيا بالمناطق المائية القريبة من الجزر اليونانية، كما نجح مؤتمر دافوس من إحداث اختراق دبلوماسي حين جمع وفدين وزاريين للجارتين الكوريتين الشمالية والجنوبية في أول اجتماع على مستوى وزاري عام 1989م ،وأيضا نجاح المنتدى في جمع رئيس المؤتمر الوطني الإفريقي نيلسون مانديلا ورئيس جنوب أفريقيا لأول مرة وجها لوجه عام 1994م ،كما استثمر التحالف العالمي للقاحات والتحصين المناعي (GAVI) المنتدى لإطلاق برامج تلقيح ملايين الأطفال ضد الأمراض وغيرها من الانجازات.

   

علينا أن نتعلم من دروس الماضي وأن نستفيد من هذه المنتديات مستقبلا التي ستستمر في الانعقاد وأن نعلم أن هذه اللقاءات هي لتثبيت نظام عالمي مكتمل الأركان سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتكنولوجي

ولم يسلم المنتدى من الانتقادات حيث أطلق عليه أنه ملتقى عائلي لصفوة العالم، وأنه اجتماع النخب لإصلاح العالم الذين تسببوا هم في إفلاسه، وما يعنينا هنا ما هو أثر ونتائج هذا المنتدى الاقتصادي العالمي على عالمنا العربي والإسلامي بالدرجة الأولى وعلى دول العالم الثالث بصورة عامة ، لقد ظل منتدى دافوس منذ إنشائه بعضوية عدد كبير من الشركات المتعددة الجنسيات مؤيدا بصورة كاملة للرأسمالية الليبرالية داعما بشتى السبل لترسيخ نظام تجاري عالمي مبني على فتح الحدود وتسهيل عبور المنتجات وتحرير الاقتصاد وهو نظام بلا أدنى شك يصب في مصلحة تلك الدول المنتجة والمصدرة لأغلب منتجات العالم تاركا للدول المستهلكة (والتي في طليعتها بلا شك دول العالم العربي والإسلامي ) تحمل تبعات رهن اقتصادها للتبعية المقيتة لإخطبوطات الاقتصاد العالمي ما يمهد لابتلاع اقتصادياتها ودخول بعضها في دوامات القروض والمعونات الأجنبية.

 

أيضا دفع أباطرة الاقتصاد الرأسمالي العالمي (ممثلين بدولهم) دول العالم الثالث المغلوب على أمره إلى عدم انتهاج سياسات احترازية تحمي الصناعة الوطنية ومن وضع قيود للاستيراد والتصدير تسمح لها بتوطين الصناعة وحمايتها من المنافسة غير المتكافئة مع المنتجات العالمية.

   

إننا هنا لا نقول أن هذه المنتديات شر صرف وإنما علينا أن نتعلم من دروس الماضي وأن نستفيد من هذه المنتديات مستقبلا التي ستستمر في الانعقاد وأن نعلم أن هذه اللقاءات هي لتثبيت نظام عالمي مكتمل الأركان سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتكنولوجيا نحن اكبر المتأثرين به بدون أن يكون لنا اي دور فيه ولا يكون لنا حتى حق اختيار مصائرنا التي توضع وتصاغ بأيدي غيرنا ،مصائر ستتحكم في مستقبل شعوبنا وأبنائنا لأعوام طويلة، الواجب علينا أن لا نذهب لهذه اللقاءات كضيوف شرف يجب أن لا نظل متلقين لما يطلب منا ، فرغم كل ما يصيب عالمنا العربي والإسلامي من ويلات ونزاعات إلا أننا ما زلنا نملك مصادر قوة وموارد كبيرة وإلا لما ظللنا حتى هذه اللحظة قبلة الشرق والغرب لإيجاد الفرص التجارية والموارد النقية كل ما ينقصنا أن نعرف قيمة أنفسنا وان نمتلك الإرادة القوية والرؤية الثاقبة لننتقل من موضع المتلقي إلى موضع المؤثر. ختاما لنا تاريخ عظيم يدعمنا، يقوينا، ويلهمنا لان ننهض من جديد لأننا أمة القيم، امة الخير، لأجل ديننا وقيمنا وأجيالنا القادمة..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.