شعار قسم مدونات

ونعيش ما دمنا نحب

blogs الحب

"وأنا أحبكِ‏

حين يضحك ياسمينٌ في دمشقَ‏

وحين تهطل فوق بغداد القنابلْ

بغداد منكِ، وأنتِ مني‏

فلنحاولْ.. أن نغنّي‏

كي يظلَّ غناؤنا معنا يقاتلْ..‏"

ياسر الأطرش

    

ماذا لو كنا شعوباً أكثر صدقاً وصراحة في التعبير عن مشاعرنا بدلاً من قوالب اللف والدوران التي خلقت حول أحاسيسنا وأفكارنا ألف عقدة وعقدة يصعب علينا التخلص منها وما زلنا نورثها لأجيالنا جيلاً بعد جيل بعُقد أكثر حداثة وابعد ما يكون عن الاستقرار والاتزان العاطفي الذي يجعل الشخص منا سوي متقبلًا لذاتهُ عارفًا لها وصادقًا مع من حولهُ مع من يحبهم إن كانوا عائلته اصدقائه وكل من تربطنا وإياهم علاقة طيبة.

  

نحن عندما نذكر الحب غالباً ما يتوارد على الأذهان ذلك الحب الذي تم تحديدهُ بإطار ضيق جدًا ومفاهيم تدعو للخجل في حين، والاختباء وارتكاب عشرات الأخطاء في حين آخر، جميعها تحت مسميات عدة لكن بلا شك الحب بريءٌ منها، لا ارغب أن اخوض المقال هذا بسرد الحب الحقيقي، والحب الصادق الوفي السرمدي والأبدي ؛ بل أدعو قارئي العزيز بالتنقيب عن أوجه الحب الأخرى تلك التي لطالما بحث عنها لكنهُ ما إن وجدها حتى تفلت منهُ مجدداً بعوامل ودوافع خارجية نفسية أو بسبب البيئة وكل ما يحيط بهِ ولكي لا نسترسل طويلاً دعوني أأخذكم على متن رحلة تحط رحالها في أيامنا العادية جداً، وأحلامنا البسيطة جداً، ورغباتنا التي نضع فيها شغفنا ونجددها كل صباح لعلها تزهر في قلوبنا مساءًا من يدري ؟!

  

في خضم الواقع الذي نعيشهُ أول سبب يدعوني للتفاؤل والشعور بالحب هو الاستيقاظ في وقت مبكر جدًا مع أذان الفجر تحديدًا كأنها تلك الساعة البيولوجية التي يتحدثون عنها ،في الفجر نسمات باردة صوت الآذان محاولة الشمس للبزوغ في سماء مدينتي الحزينة، جمال بغداد الذي لطالما حاولت أن أستشعره عند الفجر أشعر بالحب لهذهِ المدينة وهذهِ الطقوس والامتنان لأني ما زلت قادرة على الشعور بجمال هذا الوقت من اليوم دون ضجيج أو إضافات، كلما زارني اليأس ليلًا واللاجدوى من كل ما نعيش من أجلهُ ونقضي النهار نلهث راكضين خلف العمل والتَعلم والأحاديث لنكون أفضل ثم ماذا !

  

حب ما تفعل، حب من حولك، حب الكتاب الذي تقرأ، الحب وحدهُ قادرٌ على إنقاذنا بينما تحاصرنا من كل جانب عشرات الأسباب السيئة

الحرب تلاحقنا، من كل صوب هنالك موت قد يؤدي بك في أية لحظة، لكن لن يوقفنا ذلك نحن لا نخاف الموت بقدر خوفنا إننا لن نشعر بما يكفي من الحب والجمال والامتنان للحياة ثم نغادرها ونحن باسمين مؤمنين، أرغب ان اغادر الحياة وأكون قد وضعت الحب في قلب كل من مررت بهم وقابلتهم، اترك ذكرى وإن كانت ستنتهي بالنسبة لهم بعد وقت قصير، لكنها ذكرى طيبة ونقية، الحب يبدأ من الإنسان ذاتهُ وينتهي بأسلوب حياتهُ بالكامل.

  

الحب لهُ مفاهيم عدة، وللناس مذاهبٌ في الحب، أجملها ذلك الشعور الذي يبقى يفسر الحب على أنه عطاء إمتنان وشعور بأن الحياة فيها جوانب تستحق أن نقف عندها نشكر الله تعالى على نعمة وجودها، أن تغادر منزلكَ صباحًا وأنت تستشعر النِعم التي حولك، أن تكون سعيد بألقاء تحية الصباح على زملاءك أن تبتسم بينما ترتشف مشروبك الساخن وتبدأ بإنجاز عملك، أن تفكر كيف بإمكانك أن تترك أثر في الحياة ولو بمقدار كلمة، وأن تتحلى بالدافع الأقوى نحو الحياة.. إنه الحب !

 

حب ما تفعل، حب من حولك، حب الكتاب الذي تقرأ، الحب وحدهُ قادرٌ على إنقاذنا بينما تحاصرنا من كل جانب عشرات الأسباب السيئة، بمقدورها أن تجعلنا نتآكل داخل قوقعة من الحزن والخيبات والمآسي، للحب مفعول سحري يجعلك تندفع نحو الحياة وأنت في أسوء الأحوال، حب الوطن والانتماء إليه هو السبب الذي يدفع بالجنود نحو جبهات القتال دون خوف أو هوان، الحب هو الذي يمنح المريض القوة التي تساهم في شفاؤه بمقدار يتفوق على الأدوية.

 

لنعيش حياتنا القصيرة هذهِ مهما طالت، لابد أن نقرر أن نعيشها بحب، متجنبين كل المشكلات التي تحاصرنا متسلحين بالحب، لكل منا تفسيرهُ الخاص بمعنى الحب، لكن الأهم أن يكون شعور قادر على أن يمدك بالقوة اللازمة في الوقت المناسب، وينقذك بينما أنت حزين، متعب وقابل للهزيمة والانهيار.. وحدهُ الحب ينقذك تذكر ذلك دائمًا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.