في العلم توجد حياة حقيقة وقد تولد الفرص من رحم المعرفة وفي الجهل تكمن مسببات الموت البطيء المحقق، خصوصا فيما يتعلق بالمرض.. اختبرت ذلك بنفسي يوما بعد يوم، وفي كل مرة كانت المعرفة هي فرصتي للنجاة. أول خطوة بعد التنبأ بوجود عارض ما في جسمك ينذر بأن المنظومة الحيوية تعاني من خلل ما هو السعي لمعرفة هذا الخلل والبحث على الأسباب سواء كان عارضا أو مزمنا كمرض السكري مثلا؛ ثاني أهم خطوة علينا الإنتقال إليها مباشرة هي: البحث عن علاج آمن ومتخصص من قبل الأطباء والمختصين. وبعدها لا تقلق فقد تأتي خبرتك الشخصية وتتحول لطبيب نفسك ولكن لا تستعجل هذه الخطوة.. عليك أولا أن تلم بكل ما أنت بحاجة إليه لتفهم طبيعة مرضك والعلاج الفعال والتأقلم مع التغيرات الحياتية التي تصاحب ذلك المرض.

 

ببساطة داء السكري مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الإنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن الاستخدام الفعال للإنسولين الذي ينتجه.

 

1- السكري من النوع الأول

السكري من النوع الأول (السكري لدى الأطفال/ السكري لدى اليافعين – Juvenile Diabetes).

2- السكري من النوع الثاني

السكري من النوع الثاني (أو سكري النمط الثاني/ سكري البالغين) هو مرض يتم خلاله تدمير وإتلاف خلايا بيتا في البنكرياس لأسباب وراثية.

3- سكري الحمل

خلال فترة الحمل، تنتج المشيمة هرمونات تساعد الحمل وتدعمه، هذه الهرمونات تجعل الخلايا أشدّ مقاومة للأنسولين.

 

لاحظت زميلتي في العمل أني أستخدم أقلام الإنسولين مؤخرا فسألتني بشهقة فزع! لماذا تستخدمين الأنسولين؟ لن تستطيعي التخلص منه.. قلت لها لماذا تقولين ذلك؟ فقالت لي شيئا -بدا منها ينم عن اقتناع حاد ليس من السهل زحزحته- "أمي أيضا مريضة سكر وقد نصحها الطبيب أكثر من مرة أن تستخدم الأنسولين ولكنها ترفض ذلك تماما" فقلت لها: إذا والدتك قوية جدا لتتبع حمية غذائية صحية وتلعب الرياضة باستمرار فتقلل من احتياج جسمها لفرز الأنسولين.. فقالت لي ببراءة شديدة: كلا بل هي تأكل كل شيء، والعام الماضي اضطرت لعمل عملية في إحدى عينيها بسبب اعتلال الشبكية، كما أن قدمها تؤلمها دوما ولا تستطيع المشي وعلى الرغم من ذلك تتحمل وتقول إلا الأنسولين.. فقلت لها: لماذا لديها هذا الرفض للأنسولين وكأنه هو السبب في قيام الحربين العالميتين! فقالت: حتى لا تعتاد عليه ويصبح كادمان لا يمكنها التخلص منه..

لم أعرف من أين أبدأ معها وكيف سأنصحها لتنصح والدتها ولتفهم هي الأخرى وتتخلص من ذلك الإرث الغريب الذي سمعته بعد ذلك مرارا وتكرارا من أكثر الناس حولي عندما يلاحظون استخدامي للأنسولين وكأني أستخدم الترامادول أوالهيروين.. أنا لست طبيبة حتى أؤكد عليها أنها يجب أن تبدأ في استخدام الأنسولين بالرغم من أن الطبيب نفسه نصحها بذلك ولكنها أخبرتني أيضا أنها توقفت عن الذهاب للطبيب وتكتفي بالحبوب لو تذكرتها وأخذتها في مواعيدها! قلت لها: "أنا أخشى على والدتك من الغيبوبة" عليك أن تقرأي عن مرض والدتك وأن تسألي طبيب مختص لأن معلوماتك قد تكون ناقصة كثيرا وربما بإمكانك أن تُنقذي والدتك. مبدئيا علي أن أخبرك أن أول ما تعلمته أن الإنسولين هو هرمون وهو من أهم الهرمونات يساعد الجسم على استخدام الجلوكوز للحصول على الطاقة، ويتم إنتاجه من قبل خلايا بيتا في البنكرياس. ويُدخل الإنسولين السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا وتوجد ماكينة لضخه تسمى البنكرياس فإذا تعطلت تلك الماكينة أو أصابها العطب فيجب الحصول على بديل خارجي يكمل العمل، لذلك يا صديقتي عليك مراجعة معلوماتك ومعلومات والدتك في أقرب فرصة.

من ضمن النصائح الفريدة الأخرى التي يحدث بها الشارع: أنه إذا ارتفع معدل السكر لديك يمكنك تناول شيئا مالحا ليهبط مستوى السكر أو يمكنك شرب مغلي أوراق شجر التوت أو مغلي أوراق شجر الزيتون أو الليمون مع القرفة أو عصير الصبار أو أي أعشاب تنمو في غابات السافانا! قد يكون ذلك صحيحا ولكن إذا كنت مريض سكري من النوع الأول فذلك يعني أسفا أن البنكرياس قد توقف عن عمله في إفراز الأنسولين وتنظيم السكر في الدم، التحاليل الدورية -كل ثلاث شهور- تؤكد ذلك؛  فيمكن استخدام الأعشاب والطرق الطبيعية للدعم وتحسين الصحة ولكن ليس يمكن استبدالها بهرمون الإنسولين!

عند ارتفاع مستوى السكر في الدم فوق 250 ملغ /ديسيلتر فذلك يعني أنه عليك استشارة طبيبك ليعيد تنظيم جرعاتك ويقدم لك النصيحة المناسبة لحالتك فإرتفاع السكر له أسباب كثيرة تختلف من حالة لأخرى. في مرة ما سألت إحدى صديقاتي لو حدث لي هبوط في مستوى السكر وفقدت الوعي كيف يمكنكم إسعافي؟ فقالت لي هل نعطيك حقنة أنسولين فورا؟.. قلت لها شكرا لك جدا فبهذه الحقنة ليس فقط سأغيب عن الوعي بل سأغيب عن الدنيا كلها.. قالت كيف ذلك؟ فقلت لها سيتوقف عقلي عن العمل وبالتالي سأموت! في حالة حدوث هبوط حاد في مستوى السكر في الدم مما يؤدى في بعض الحالات لفقدان الوعي عندها يمكن المحاولة بإعطاء المريض ماء بسكر أو عصير بسكر يعني شيئا سائلا حتى لا يغلق مجرى تنفسه وأيضا طلب الإسعاف فيمكن لفاقد الوعي أن لا يستطيع البلع وفي هذه الحالة يجب تبليغ المسعفين لأنه من الضروري حقنه بالجليكوجين.

 

وجود جهاز منزلي  لقياس نسبة السكر في الدم هو أمر مهم جدا لمريض السكري خصوصا الذي يستخدم الأنسولين كعلاج وذلك للتحكم في جرعة الأنسولين أولا وثانيا لمعرفة إذا كان السكر مرتفعا أو منخفضا وفي الحالتين هو أمر خطير يجب ملاحظة واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لعلاج ارتفاع أو انخفاض السكر..

1- السكري مرض مزمن قد يلازمك طوال حياتك ولكن يمكن السيطرة عليه من خلال التحكم في نظام حياتك اليومي.

2ـ تناول طعاما صحيا ضمن برنامج حمية غذائية تتوقف فيها عن استخدام السكر الأبيض تماما والحد من تناول الكربوهيدرات.

3ـ حافظ على مواعيد الدواء والوجبات ولا تفوت قياس السكر في الدم قبل كل وجبة وبعدها بساعتين حتى تحدد نسبة احتياجك للأنسولين.. عليك تعلم حساب الوجبات كما عليك استخدام جهاز قياس السكر المنزلي حتما..

4-إشرب الماء وامش أو مارس الرياضة.

5ـ الحفاظ على فحصك الدوري للسكر التراكمي يعني معرفة ما يحدث في الخلفية كل 3 أشهر على الأكثر وكلما تطلبت الحاجة.

6- يجب أن يعلم كل من هو قريب منك عن مرضك سواء في العائلة أو الأسرة الزوج والأب والأم والأخوات والأبناء وأيضا في مكان الدراسة أو مكان العمل.. وعليك أن تحمل في جيبك أو محفظتك ما يدل على أنك مريض سكري حتى يتم اسعافك بشكل صحيح في حال تعرضك لخطر الغيبوبة أو الإغماء وأو احتجت مساعدة من أحد ما.

في نهاية الحديث أنا لست طبيبة ولا أتحدث من منبر طبي إنما أنا مريضة سكري حديثة العهد فليس هدفي الأساسي هو عرض معلومات طبية؛ المعلومات الطبية موجودة بغزارة لمن يريد المعرفة سواء عبر الإنترنت، أو النشرات الطبية والعلمية في المراكز الصحية، أو لدى الأطباء المختصين.. وددت فقط مشاركة ما تعلمته لأنه أحزنني كثيرا أني وجدت الكثير ممن حولي يعانون من نفس المرض وعندما سألت بعض الناس التي قطعت شوطا كبيرا مع ذلك المرض تفاجأت من قدر معرفتهم لمرضهم ووجدت أن الجهل هو بطل القصة دوما الذي يؤدي إلى الموت البطيء المحقق.