شعار قسم مدونات

خارطة الطريق لنجاح حمدوك

blogs حمدوك

تكاثرت الاشاعات هذه الايام عن استقالة حمدوك وتوقع العديد من المتابعين لسيناريو انسحابه من المشهد بهدوء بما سيواجهه من عقبات ستؤدي به إلى أن يستقل طائرة الخطوط الإثيوبية ليعود إلى أديس رفقة زوجته ليستمتع بالزغني والتيبس إلى الأبد.

 

لماذا حمدوك؟

فلنتفق أن حمدوك تجتمع فيه عوامل قل أن تجتمع في شخص آخر في الوقت الحالي فهو مقبول من معظم التيارات السياسية سواء كانوا معارضة سلمية أو قوى الكفاح المسلح الذين كانوا من أكبر المعارضين للوثيقة الدستورية ومع ذلك أبدوا مساندتهم لحكومة حمدوك وحتى المؤتمر الوطني الذي تم اسقاطه ومع أنه الخاسر الأكبر وبعد أن بدأ يستجمع قواه تحدث رئيسه المكلف غندور حديثا ايجابيا عن حمدوك وأنهم لن يواجهوا حكومته بالعراقيل.

 

هذا بالإضافة للحفاوة التي وجدها حمدوك من طوائف الشعب المختلفة ما قد يمثل إجماع شعبي عليه لقيادة البلاد بل الطريف أن ظهرت بعض الصفحات في الفيسبوك المتعصبة لحمدوك مثل شباب حول حمدوك وهاشتاق كتائب ظل حمدوك الذي تم اطلاقه في الأيام الماضية مع الوضع في الاعتبار أن حمدوك قد هبطت طائرته في مطار الخرطوم الدولي منذ حوالي أربعة أسابيع فقط وتم تشكيل حكومته قبل عشرة أيام فقط فالتأثير الذي تركه حمدوك في هذه الفترة القصيرة هائل.

 

ليس هناك خيار آخر غير أن يحاول حمدوك أن يشق طريقا منفصلا عن كل الطرق التي مهدت له ليسير فيها والخطط التي وضعت لتسييره كالروبوت سواء كانت هذه الخطط من الحرية والتغيير أو العسكر

هذا على الصعيد الداخلي أما في الصعيد الخارجي فلا يمكن أن نتجاهل العلاقات المميزة لحمدوك التي تتجاوز النطاق الإقليمي ويظهر ذلك في الدعم الدولي الذي وجده من الدول الكبرى والمنظمات الدولية والعالمية بل أصبح مشهد الوفود الدبلوماسية رفيعة المستوى في القصر الجمهوري اعتياديا والتي تأتي للتهنئة بنجاح الثورة واعلان مساندتها للحكومة الجديدة ورغبتها في الوقوف بجانب السودان واستعدادها لتقديم كل أنواع الدعم ليستطيع هذا البلد الذي يقبع في شرق أفريقيا من تحقيق نهضة اقتصادية سريعة.

  

ما هي العقبات التي سيواجهها حمدوك في مسيرته؟

فلنبدأ بالاتفاق الذي تم بين الحرية والتغيير والعسكر الذي تم بموجبه تقسيم السلطة، يمكن أن نقول أن الطرفان لديهما ثقل كبير قد يؤثر في تحركات حمدوك المكوكية التي يقوم بها في إطار خطته لإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي للبلاد فلا يخفى أن لكل طرف مصالحه التي يلعب عليها سواء كان العسكر الذين يمكن القول انهم قبلوا بالاتفاق على مضض بعد أن لم يتركوا خيارا لإجهاض الثورة ولم يفعلوه وهذا لا يعني أنهم استسلموا بل ربما أن خطتهم تغيرت للخطة ب أما بالنسبة للحرية والتغيير فلا يمكن تجاهل دورها الكبير في إنجاح الثورة ولكن اتضح للجميع بعد التوقيع على الوثيقة ومنذ تشكيل مجلس السيادة واختيار الوزراء تخبطهم الكبير وعدم تجانس قيادتهم واختلاف صناع القرار وعدم خضوعه لآلية معينة ، ما يجعل البعض يتخوف من اختطاف الحركة الوليدة من بعض الانتهازيين السياسيين ما قد يجعل الوضع يرجع إلى المربع الأول.

 

وهناك إشكالية أخرى تواجهها حكومة حمدوك من بعض الحانقين من الأحزاب المعارضة وبعض الناشطين الغاضبين من تجاهلهم وعدم اتاحة دور لهم في صناعة الأحداث وهي كيف يحق لحمدوك أن يحكم البلاد بدون انتخابات لمدة ثلاثة سنوات ومن أين له بهذه الشرعية الدستورية ليمكث فترة انتخابية إلا قليلا. لنكون عمليين ما الذي على حمدوك فعله ليتجاوز هذا المأزق الضيق ويمضي بالبلاد إلى بر الأمان ويتجاوز الاشكاليات التي لم يكن سببا فيها وكذلك ليسجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ هذا البلد العريق.

 

ليس هناك خيار آخر غير أن يحاول حمدوك أن يشق طريقا منفصلا عن كل الطرق التي مهدت له ليسير فيها والخطط التي وضعت لتسييره كالروبوت سواء كانت هذه الخطط من الحرية والتغيير أو العسكر ويمكن أن نستدل هنا بقول بعض الحكماء أن كل طريق سهل ممهد لا مشقة فيه يكون آخره على غير ما نتوقع ؛ فالاستقلالية هي ما ستجعل كل الاطراف تؤول إليه ليلعب دور الضامن لنجاح لفترة الانتقالية وسيجعل الجميع يخضع اليه وهو الكرت الذي يفتقده الجميع، ثم أن محاولة بناء خط يقدم المصلحة العامة على الخاصة ليرسخ مفهوم الوطنية وينسخ المحاصصة المناطقيه؛ هنا سيلتف الجميع حوله وستميل مكونات الشعب لحمدوك ولا إراديا يكون قد خلع أنياب الحرية والتغيير التي جعلت له هذه الحظوة وهي قدرته على تحريك الشارع وفي نفس الوقت أخضع العسكر الذين عرفوا خطورة هذا السلاح وهو ما قد يمثل له مفتاح العبور لينجح في مهمته التي قدم لأجلها.

  

أما بالنسبة لسؤال الشرعية هناك عدة أجوبة له فعلى سبيل المثال يمكن أن يتم التنظيم لمليونية حاشدة تفويضا لحمدوك لإدارة المرحلة يكون من خلالها ثبت أقدامه وأخرس ألسنة الطاعنين في قانونية مخرجات الوثيقة وكونها لم تخضع لاستفتاء شعبي أو أي وسيلة أخرى تقنن مخرجاتها. إذا تم اتباع خارطة الطريق هذه فإن احتمالات فشل الحكومة والفترة الانتقالية ومرحلة ما بعد الثورة ستقل وربما عندها سنرى السودان عاليا بين الأمم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.