شعار قسم مدونات

اقتصاد الذكاء والمعرفة

blogs اقتصاد

الاقتصاد الذكي (Smart Economy) أو اقتصاد المستقبل أو الاقتصاد الجديد أو الاقتصاد الرقمي Digital Economy أو اقتصاد المعرفة، جميعها مرادفات لنفس المفهوم. يرتبط هذا النوع من الاقتصاد ارتباطًا وثيقًا بالمعلومات وقدرة الأفراد على إدارتها والتحكم بها، إنه الارتباط الوثيق بين الاقتصاد الذكي وروح الابتكار ومجتمع المعرفة، لا بد أنك سمعت عن المدن الذكية وأشهرها لندن ودبي ونيويورك وأمستردام وطوكيو، فالاقتصاد الذكي هو أحد المقومات والركائز الأساسية لبناء المدن الذكية، والاقتصاد الذكي يهتم بزيادة الإنتاجية من خلال الترابط والعلاقات التشاركية بين الأفراد والمؤسسات معتمدًا في ذلك على سهولة تبادل المعلومات من خلال وسائل التواصل والشبكات الحديثة.

    

الوصول إلى المعلومة هو الغاية لمن يحتاج المعلومة، أما استثمار المعلومة فهو الوسيلة لمن يمتلكها، أو يحسن الاستفادة منها، فالمعلومة هي سمة الاقتصاد الحديث، اقتصاد المستقبل أو كما يطلق عليه الاقتصاد الذكي، أو ما يعرف تحديدا باقتصاد المعرفة Knowledge-based Economy المُعتمِد على صناعة وتداول وتقييم المعرفة، وهو الاقتصاد الذي يعتمد على استخدام رأس المال الفكريّ، وقد تم تعريف اقتصاد المعرفة من قبل واحة العلوم في إيرلندا الشمالية، على نطاق أوسع من النشاط الاقتصادي، ويعني "إنشاء وتطوير وصقل وتسويق الأفكار الجديدة والناشئة، والتقنيات، والعمليات، والمنتجات، وتصديرها في جميع أنحاء العالم.

  

انطلاقا من فكرة إدارة المعلومات واستثمارها، تنوعت ميادين الاقتصاد ومنها، اقتصاد المعرفة، والاقتصاد التشاركي، واقتصاد الريادة والإبداع. وكما عرف الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الاجتماعي

تقرير مؤشر المعرفة العربي الصارد في 2016 فَرّق بين اقتصاد المعرفة والاقتصاد القائم على المعرفة، بناء على تسارع التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية. يتعلق اقتصاد المعرفة بعمليات إنتاج المعرفة وصناعتها، وعمليات البحث والتطوير. أما الاقتصاد القائم على المعرفة فهو التطبيق الاقتصادي في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وهو أوسع وأشمل لأنه يتعلق بحجم قطاعات المعرفة والمعلومات والاستثمارات داخل الاقتصاد، وبحجم تداخل المعرفة والتكنولوجيا في الأنشطة الإنتاجية، ولذلك يعتبر الاقتصاد القائم على المعرفة مرحلة متقدمة من الاقتصاد المعرفي.

   

قبل عقود في الاقتصادات التقليدية، كانت الشركات الكبرى والمؤسسات المسيطرة على الاقتصاد هي الشركات الأكثر امتلاكًا للأصول والمعدات والآلات، أما الاقتصاد الذكي الحديث فإنه يعتمد على المعلومة والمعرفة وتقنيات الاتصالات ومدى الإبداع والابتكار في إدارتها واستخدامها، وهنا تبرز أهمية توفر المعلومات لدى المؤسسات وخاصة مؤسسات القطاع الخاص مما يساعد في التنبؤ واتخاذ القرارات وتجنب القرارات الاندفاعية. يبدو هذا الحديث نظريا، ولكنها حقيقة وواقع يتأكد بمعرفة أن اقتصاد المعرفة يساهم في الناتج المحلي للدول ويسيطر على أكثر من 7 بالمائة من الناتج الإجماليّ المحليّ في العالم، وينمو بشكل مضطرد سنويا.

 

وانطلاقا من فكرة إدارة المعلومات واستثمارها، تنوعت ميادين الاقتصاد ومنها، اقتصاد المعرفة، والاقتصاد التشاركي، واقتصاد الريادة والإبداع. وكما عرف الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الاجتماعي، وظهر أيضا الاقتصاد البنفسجي واقتصاد الإلهام. جميع هذه الأشكال من الاقتصادات أتاحت الفرصة للشركات الجديدة أن تكون عابرة للقارات وأن تقدم منتجات وخدمات مرنة وأن تتغلب على القيود التقليدية التي تواجه جميع الأطراف وأتاحت الفرصة لشركات جديدة ومنتجات جديدة لاختراق أسواق عالمية ومكنتها من المنافسة.

 

وبالتزامن مع ظهور هذه المفاهيم ظهرت مفاهيم تتعلق بالأشخاص الذين يديرون هذا الاقتصاد. حيث كان تعبير "رجل الأعمال Businessman" أو التاجر هو الوصف السائد لكل من يشارك في عمل استثماري أو إنتاجي، ثم ظهر مفهوم "رائد الأعمال أو الريادي Entrepreneur" ليوضح المفهوم الجديد للتعامل مع المنتجات والخدمات بما يتلاءم مع احتياجات العصر ومحاولة استغلال الموارد بطريقة أفضل لتحقيق نتائج وعوائد أفضل، حتى ظهر المصطلح الجديد "الريادي المعرفي infopreneur" وهو الذي يقوم بنقل خبرته وتجربته وتحويلها إلى عائد مادي.

 

تقارن الدول بمدى تطبيقها واستفادتها من الاقتصاد الذكي من خلال عدة مؤشرات ومعايير منها، قياس حجم تداول المعرفة، البنية التحتية في مجال الاتصالات والشبكات، حقوق الملكية

الاقتصاد التشاركي Sharing Economy: وهو من أشكال الاقتصاد الجديد المبني على تطور وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو نظام اجتماعي اقتصادي يقوم على مشاركة الموارد والأصول البشرية والمادّية بين الأفراد والمؤسّسات الخاصّة والعامّة. الاقتصاد التشاركي (اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التعاوني) يشمل الإبداع والإنتاج والتوزيع والإتجار والاستهلاك التشاركي للبضائع والخدمات بين مختلف الأفراد والمنشآت التجارية. فكرة الاقتصاد التشاركي تتكون من طرفين: الأول لديه منتج أو فكرة ويريد تقديم مجموعة من الخدمات، ولكنه لا يمتلك الفريق اللازم أو الموارد اللازمة لتقديم هذه الخدمات التي يحتاجها الجمهور، فيلجأ لطرف آخر "هو أصحاب المهنة" أو أصحاب الموارد لتسجيل بياناتهم والتمكن من التواصل مع الجمهور لتقديم الخدمة مباشرة مقابل عمولة للشركة أو الفرد صاحب الخدمة، وأحد أبرز الأمثلة العالمية على ذلك هو نموذج شركة أوبر وكريم والتطبيقات التي تقدم خدمات التوصيل والصيانة والتطبيقات الطبية وتطبيق تأجير العقارات AirBNB. وتعتبر الصين من الدول الرائدة في مجال الاقتصاد التشاركي من حيث عدد مستخدمي الخدمات وحجم التجارة الإجمالي للاقتصاد التشاركي ومساهمته في إجمالي الناتج المحلي للصين.

 

وتقارن الدول بمدى تطبيقها واستفادتها من الاقتصاد الذكي من خلال عدة مؤشرات ومعايير منها، قياس حجم تداول المعرفة، البنية التحتية في مجال الاتصالات والشبكات، حقوق الملكية، عدد براءات الاختراعات، سنوات الدراسة للفرد، وأيضا معدل الإنفاق على البحث والتطوير. وتصنف هذه المؤشرات ضمن أربع دعائم أساسية لاقتصاد المعرفة وهي، النظام الاقتصادي والمؤسسي، وأنظمة التجديد والابتكار، والتعليم، والبنية التحتية للمعلومات. وفي مقالة قادمة سوف نتحدث عن الاقتصاد المستديم، وفيه الاقتصاد الاجتماعي والبيئي والبنفسجي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.