شعار قسم مدونات

كارثة تشرنوبل وأكذوبة الطاقة النووية السلمية

blogs مفاعل نووي

في الفترة الأخيرة زاد أقبال الكثير من الدول للحصول على محطات للطاقة النووية السلمية لتزويد بنيتهم الأساسية عن طريقها بالكهرباء والتي كان من بينها بعض الدول العربية في خطوة أسعدت البعض لحدوث التوازن المنشود للقوى بالشرق الأوسط بعد امتلاك إيران والكيان الصهيوني لليورانيوم وتخصيبه، إلا أنه على الجانب الأخر الذى تمتلك فيه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية العشرات من تلك المحطات هنالك من يحاول التخلص منها والبحث عن بديل لها والتي من أهمها ألمانيا مما يثير التساؤل حول أهمية تلك المحطات وميزاتها التي جعلت البعض يتهافت عليها وعيوبها التي يحاول أخرون الهروب منها وما علاقة هذه المتاهة المظلمة بكارثة تشرنوبل.

 

الطاقة النووية السلمية

قبل التحدث عن ميزات تلك الطاقة علينا أولاً معرفة كيفية توليد الطاقة الكهربائية من انشطار ذرات اليورانيوم بالنيترونات مما ينتج عنه طاقة حرارية هائلة تستغل لتسخين المياه وتحويلها إلى بخار والذى بدوره يدخل مرحلة تحويله إلى طاقة ميكانيكية تمد مولدات الكهرباء بالطاقة الكهربائية الرخيصة والدائمة التي الكثير من الدول على نمو اقتصادها ورفاهية سكانها وازدهار عظيم لبنيتها التحتية في وقت قصير فعلياً وغيرها من الميزات المترتبة على تلك النتائج مما يدفع معظم البشرية للتمسك بها فهي التي ستحمل المستقبل للبشرية بعد فناء البترول هكذا تظهر لنا ميزاتها.

 

كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني في العام 2011 أعادت من جديد التساؤل والمخاوف علي السطح ذلك المفاعل الذي دمر نتيجة زلزال ضرب اليابان وليس خطأ بشرى كتشرنوبل

إلا أن العيوب تجعلنا نتردد كثيراً قبل المخاطرة في الحصول عليها أو حتى التفكير في التخلص منها للذين يملكونها فللأسف لكل شيئا ثمن يجب دفعه وتلك الطاقة كما تولد الكهرباء تولد أيضاً نفايات إشعاعية يصعب التخلص منها بجانب التكاليف المرتفعة لبناء تلك المفاعلات النووية وأخرها المخاوف المتعلقة بسلامة تلك المفاعلات وأمنها وهذا يذهب بنا إلى حادثة تشرنوبل الروسية.

    

كارثة تشرنوبل ومفاعلات الطاقة النووية السلمية

في يوم السبت 26 من أبريل العام 1986 في مفاعل رقم 4 من محطة تشرنوبل للطاقة النووية في أوكرانيا الاتحاد السوفيتي سابقاً وقعت حادثة نووية اشعاعية بسبب عيب في زر صغير من المفترض أن تكون وظيفته إغلاق المفاعل عند الطوارئ، ليصبح في لحظة خاطفة السبب في انفجار قلب المفاعل النووي وتحقق أكبر كارثة بيئية في تاريخ البشرية أطلق على أثرها تسرب إشعاع نووي يعادل 500 قنبلة من هيروشيما التي سقطت في اليابان.

 

هل تخيلت حجم الخسائر البشرية والقتلى الذين كانوا بالألاف أشعة سامة تميت خلايا جسدك أو تغير في حمضك النووي فتنتشر التشوهات والسرطان الذي سجل حالات مرتفعة وصلت إلى المدن والقري المجاورة وطالت حتى التربة والحيوانات حتى وصل تقدير البعض لعودة الحياة لتشرنوبل وما يجاورها من المناطق التي هجر منها السكان فأصبحت كمدينة أشباح قدروا عودتها لصلاحها للحياة لمئات السنين وليس قبل ذلك، خطأ زر صغير أدي إلى كل تلك الكارثة فما بالك بالأخطاء الكبيرة التي قد ترتكب في ليلة وضحاها تحول الازدهار والتقدم والرفاهية إلى لعنة على الكثير من الأجيال تتحمل عواقبها دون أي ذنب سوي اقترافنا الحلم بحياة أفضل لنا ولهم، فهل هذا الحلم صالح للتحقيق إذا ما تجنبنا أخطائه؟

 

الخيار الذي يجب على العالم اتخاذه

قد يرى البعض أن بالإمكان تجنب تلك الأخطاء والتعلم منها والدليل وجود العشرات من المفاعلات النووية السلمية التي تعمل منذ عشرات السنين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية دون كوارث أو أخطاء كالتي حدثت بتشرنوبل فهل يستحق خطأ واحد في محو مئات الأشياء الجيدة، لكن كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني في العام 2011 أعادت من جديد التساؤل والمخاوف علي السطح ذلك المفاعل الذي دمر نتيجة زلزال ضرب اليابان وليس خطأ بشرى كتشرنوبل وكأن الطبيعة تريد أن تنبهنا إلى ما تقترفه يدينا بها من تلوث يصيبها نتيجة نفايات المشعة لذلك الوقود النووي.

  

لقد صار لزاماً علينا أن نتخذ موقف بشأن تلك المفاعلات النووية السلمية منها قبل المدمرة بالقنابل ودراستها جيداً قبل السير في وحل طريقها الذي من الممكن أن يسير بنا إلى الأمام عشرات السنين ولكنه حتما عند الخطأ ستلقى بنا إلى الوراء لمئات السنين حتى لا يعود هنالك مكان بكوكبنا يصلح لنا للعيش به.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.