شعار قسم مدونات

التوأمان.. بوريس جونسون ودونالد ترامب

blogs جونسون

يطلق لفظ توأم على الذريتان الناتجان من فترة حمل واحدة داخل رحم الأم، وعادة ما يكون الفرق بين زمن الولادة هو بضعة دقائق أو سويعات لا أكثر. وهناك صنفين من التوائم، التوائم المتشابهة في الشكل والتوائم المختلفة في الشكل. ويرجع ذلك إلى مرحلة تلقيح البويضة في رحم المرأة (الأنثى)، حيث تنشأ التوائم المتشابهة من بويضة واحدة لقحها حيوان منوي واحد في طريق انقسامها، مما أدى ذلك لتكون أكثر من جنين. بينما تنتج التوائم المختلفة شكلا من أكثر من بويضة ملقحة بأكثر من حيوان منوي.

  

هذا التوأم لم يتشكل من بويضة واحدة، بل ولم ينمو في رحم واحد ولا في بلد واحد ولا في قارة واحد، لكن الشبه بينهما قد يصل لحد التطابق، تبدو ملامحهما واحدة من حيث لون البشرة والشعر، حتى في طريقة تصفيفه، كلاهما شعبويان، متعصبان للعرق الأبيض ولهما نفس وجهة النظر بخصوص التغيرات الجيوسياسية في كل بقاع العالم والهجرة والإسلام.

 

تتقاطع توجهات الرجلين في أماكن عدة، وتبنيهما لنفس المواقف ووجهات النظر يزيد من تطابقهما. فطالما كانت تصريحات جونسون حول الإسلام مثيرة للجدل ومتطابقة مع تصريحات ترامب

انتخب بوريس جونسون في 23 يوليو 2019 زعيمًا لحزب المحافظين البريطاني، مكتسحا جيرمي هنت وزير الخارجية البريطاني في حكومة تيريزا ماي، ما مهد له الطريق ليصبح رئيس للوزراء. رغم تعصبه للعرق الأبيض – شكله شكل ترامب-، فجونسون ينحدر من أصول تركية، فهو الحفيد الأكبر لعلي كمال آخر وزير داخلية للإمبراطورية العثمانية، وقد كان أصله مصدر فخر للعديد من الأتراك. وكما لم يسلم أحد من سلاطة لسان دونالد ترامب، لم تسلم تركيا من تصريحات جونسون في بعض الأحيان، بما في ذلك سخريته الصريحة من الرئيس رجب طيب أردوغان ومطالبته في عام 2016 بأن تستخدم بريطانيا حق النقض ضد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

 

من الوهلة الأولى، يتصدر المواقف المتشددة من كلا الزعيمين مشهد التقارب بينهما، فالرئيس الأمريكي الجمهوري ينتمي لليمين المتشدد، ولطالما أثار الجدل في الولايات المتحدة بسبب مواقفه المناصرة لليمين المتشدد، والتي وصلت لحد اتهامه بالعنصرية، كما أن جونسون يحمل أيضا أفكارا متشددة يمينية، تقترب إلى سمو العرق الأبيض، مثل ترامب، وقد هاجم جونسون الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ليس بسبب سياساته، ولكن لأنه من أصول أفريقية.

 

لا يخفي الرجلين إعجابهما ببعضهما البعض، فلطالما أبدى بوريس جونسون إعجابه بنهج الرئيس الأميركي، إذ قال في إحدى المناسبات مازحا إنه يريد أن تتاح له الفرصة لاستخدام تويتر أكثر أسوة بترامب، كما كان الرئيس الأمريكي في مقدمة المهنئين بفوز جونسون، إذ غرد قائلا: "أهنئ بوريس جونسون الذي أصبح للتو رئيس وزراء بريطانيا، سيكون عظيما".

 

تتقاطع توجهات الرجلين في أماكن عدة، وتبنيهما لنفس المواقف ووجهات النظر يزيد من تطابقهما. فطالما كانت تصريحات جونسون حول الإسلام مثيرة للجدل ومتطابقة مع تصريحات ترامب، فأصدر عام 2006 كتابا بعنوان "حلم روما"، أرجع فيه تعطل عجلة التنمية في عدد من دول الشرق الأوسط إلى تعاليم الدين الإسلامي. كما صرح غير ما مرة أن الإسلام "تسبب في تخلف العالم الإسلامي لقرون"، مشيرا إلى أن "كل بؤرة متوترة في العالم تقريبا لها علاقة بالإسلام، من البوسنة إلى فلسطين والعراق".

 

وبخصوص الهجرة والمهاجرين، وبيد أن بريطانيا لا تملك حدود برية مع أي دولة قد ترفع مستوى تدفق المهاجرين إليها، فقد كرس جونسون كل طاقته لمهاجمة سياسة الاتحاد الأوروبي للهجرة واللاجئين، وتعهد بوضع ضوابط للهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإدخال نظام هجرة قائم على النقاط على غرار أستراليا، إذ كانت لجونسون تصريحات تنتقد زيادة عدد المهاجرين إلى بريطانيا في السنوات الأخيرة.

 

يواجه بوريس جونسون الآن عديداً من الملفات الصعبة، على رأسها أزمة بريكست وخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي وتحرير ناقلة النفط البريطانية من مضيق هرمز وسط توقعات بعض الخبراء أن بريطانيا قد تشهد تحت رئاسة جونسون أقصر حكومة في تاريخها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.