شعار قسم مدونات

مصر تكسب رهان التنظيم والجزائر تتوج باللقب

blogs منتخب الجزائر

أعلنت لحظة تسليم اللقب لقائد منتخب الجزائر عن الاختتام الرسمي لنهائيات كأس الأمم الأفريقية التي جرت بالملاعب المصرية على مدار شهر تقريبا، وابتسمت لهذا الجيل من لاعبي المنتخب الجزائري الذي نجح في محاكاة إنجاز جيل تسعين وتسعمئة وألف، بظفره بالكأس القارية على حساب منتخب السينغال الذي فشل مرة أخرى في التتويج بأول لقب له في هذه المسابقة، عقب هزيمته في المباراة النهائية بهدف سُجل في بداية المباراة وظل صامدا إلى غاية إعلان الحكم عن نهاية المباراة، ومعها بداية الأفراح الجزائرية وتواصل الأحزان السينغالية إلى أجل غير مسمى.

نجحت مصر في تنظيم كأسٍ إفريقيةٍ مميزة على جميع الأصعدة بحضور أربعة وعشرين منتخبا وزِّعت على ست مجموعات، جرت كل مجموعة في ملعب خاص بها وحصل كل منتخب على ملعب خاص بالتداريب لا يشاركه فيه أي منتخب آخر. تميزت كل هذه الملاعب بعشب طبيعي جيد يساعد على إجراء مباراة في كرة القدم في أحسن الظروف، عكس ما هو عليه الحال في أغلب بلدان القارة السمراء، وإن شكلت درجات الحرارة المرتفعة عائقا خاصة أمام منتخبات شمال أفريقيا، لكن بمجرد أن تتلاشي آخر أشعة الشمس حتى يتحسن الطقس نوعا ما ومعه يتحسن الأداء في بعض المباريات.

لم يواكب الحضور الجماهيري حسن التنظيم خلال أغلب المباريات كأس الأمم الأفريقية، باستثناء مباريات المنتخب المصري التي أجريت أمام مدرجات مملوءة بستاد القاهرة، وبعض مباريات المنتخبات العربية

تلقت الجماهير المصرية والأفريقية صدمة كبيرة وهي ترى البلد المستضيف يغادر كأس الأمم الأفريقية من دور الثمن على يد منتخب جنوب أفريقيا؛ فصحيح أن هذا الجيل ليس هو أفضل جيل للمنتخب المصري لكن إقامة البطولة على الأراضي المصرية يكفي لترشيحه للذهاب إلى أبعد نقطة في هذه المشاركة، فهو من استضاف البطولة في مناسبتين سابقيتين وفاز بهما، ناهيك عن خمس كؤوس أخرى. فاجأ إقصاء المنتخب المغربي بدوره من مرحلة الثمن الجميع، خاصة أن الخصم لم يكن سوى منتخب البنين الذي لم يسبق له أن تذوق طعم الفوز في جميع المباريات التي أجراها على مدار مشاركاته القليلة في الكأس القارية.

خيب كثير من اللاعبين آمال جماهير بلدانهم التي كانت تنتظر منهم الكثير في هذه البطولة، على غرار نجم المنتخب المصري وليفربول الإنجليزي، محمد صلاح، الذي سجل هدفين في مباريات دور المجموعات لكن شتان بين مستواه مع بلده ومستواه مع فريقه الذي ساهم في تتويجه بدوري أبطال أوروبا، ونجم أجاكس أمستردام والمنتخب المغربي، حكيم زياش، الذي يجب عليه أن يمحي ذكرى مشاركته في هذه البطولة ومعه الجمهور المغربي في أسرع وقت ممكن.

أعلنت هذه البطولة ميلاد أسماء لاعبين جدد ينتظرهم مستقبل زاهر كما هو الشأن بالنسبة إلى متوسط ميدان المنتخب الجزائري، إسماعيل بناصر، المتوج بجائزة أحسن لاعب في البطولة والظهير الأيمن للمنتخب نفسه، يوسف عطال، الذي غيبته إصابة في الكتف عن استكمال مشواره مع منتخب بلاده. ومن جهة أخرى، أثبت أسماء أخرى وجودها مثل قائد المنتخب الجزائري، رياض محرز، الذي كان حاسما في بعض المباريات وهداف الدورة، أوديون إيغالو، الذي سجل خمسة أهداف وهو رصيد تهديفي لم يتحقق منذ دورة 2010.

تأرجح المستوى الفني للبطولة بين المقبول أحيانا ودون المتوسط أحيانا كثيرة؛ فهناك مباريات مملة للغاية خاصة خلال مرحلة المجموعات، ومباريات أخرى ارتقت إلى المستوى المطلوب لا سيما تلك التي وضعت منتخبات كبيرة وجها لوجه. ومع ذلك، يمكن وضع هذه البطولة ضمن خانة البطولات التي شهدت تسجيل رقم محترم من الأهداف وصل إلى 102، أي بمعدل 1.69 هدف في المباراة الواحدة.

لم يواكب الحضور الجماهيري حسن التنظيم خلال أغلب المباريات كأس الأمم الأفريقية، باستثناء مباريات المنتخب المصري التي أجريت أمام مدرجات مملوءة بستاد القاهرة، وبعض مباريات المنتخبات العربية. وأثر إقصاء المنتخب المصري من أدوار مبكرة على حضور الجماهير، وهذا أمر عادة ما يحدث في جميع نسخ كأس إفريقيا، لأن الحضور الجماهيري يرتبط ارتباطا وثيقا ببقاء المنتخب المستضيف.

يقودنا نجاح مصر في احتضان هذه البطولة، التي لم تسند إليها إلا شهورا قليلة قبل انطلاق المنافسات، إلى التساؤل حول مدى قدرة الكاميرون على احتضان الدورة المقبلة بعد عامين من الآن، بحضور العدد نفسه الذي شارك في النسخة الأخيرة. وكما يعلم الجميع فالكاميرون هي الدولة التي كانت من المقرر أن تستضيف كأس أفريقيا 2019 قبل أن يسحب منها التنظيم بسبب عدم جاهزيتها، فهل ستكون بالفعل جاهزة سنة 2021؟ وهل يمكن لدول جنوب الصحراء أن تنظم كأس أفريقيا في المستقبل بمشاركة أربعة وعشرين منتخبا؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.