شعار قسم مدونات

كرة القدم.. لعبة جميلة وسياسة قبيحة

blogs السيسي

الساسة ورؤساء الدول يعرفون جيدا أهمية كرة القدم في تأثيرها المجتمعي، ويحاولون تقديم الدعم لكرة القدم ويعرضون سلطتهم الخاصة وهم يحضرون مباريات الافتتاح إذا كانت البطولة تقام على أرضهم أو يقدمان الكأس للفريق الفائز ويظهرون بشكل مختلف في النهائيات. وعلاوة على ذلك، فإنهم يربطون أنفسهم بنشاط مشهور يظهرون أنهم يتشاركون في مشاعر شعبهم.

  

المزيد من البطولات والألعاب الرياضية تستضيفها بعض الدول، وتستخدمها لاكتساب الشرعية السياسية وتعزيز قوة وصورة حكامها، ف لا تخلو اللقاءات والبطولات الرياضية الكبرى من الاستغلال السياسي دائما. ومع زيادة أهمية كرة القدم، وأهم مناسباتها الكروية، بدأت تظهر تصرفات تؤكد عمق التوظيف السياسي الذي يقوم به حكام الدول للرياضة في كل العالم. فإن قادة الدول يستخدمون كرة القدم كوسيلة للتواصل والدعاية لأنفسهم.

 

الظهور الذي ظهر به السيسي خلال كلمته الافتتاحية للبطولة، ومشكلة الصوت التي حدثت وسرعان مع عملت ردود فعل قوية على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، وأصبح وسم "صوت السيسي" يتصدر جميع وسائل التواصل

أصبح العالم العربي مؤخرا مركزًا رياضيًا مهمًا، وأصبحت الدول العربية تستضيف المزيد من الفعاليات العالمية والقارية، وفي مصر الآن تلعب بطولة كأس الأمم الأفريقية، وتحاول الحكومة المصرية أن تثبت أنهم قادرين على تنظيم بطولات من خلال هذه البطولة، ويحاولون أن يكتسبوا ثقة الشعب، ويحسنون صورتهم ويجمعون "القوة الناعمة" بين شركاءهم وحلفاءهم في العالم العربي والغربي. ويحاولون استغلال كرة القدم في الهاء الشعوب عن حملات القمع والعنف التي تقودها الحكومة المصرية الحالية.

 

سيطرت السياسة على أرض الملعب في افتتاح البطولة بكلمة "السيسي"، لقد أبدى السيسي اهتمامًا كبيرًا بدرجات متفاوتة لكأس الأمم الأفريقية لهذا العام، وحاول إظهار أنه متحمس حقًا لكرة القدم و"أشك في ذلك" أو يحاول الاستفادة من هذا الحدث الذي لا مثيل له، وحرص السيسي على إظهار نفسه للشعب مع المنتخب الوطني خلال المعسكر التي كان قبل بدء البطولة، وفي حضور مباراة الافتتاح التي تعتبر هي الأولى لظهور السيسي لمثل هذه الفعاليات.

 

البطولة بالنسبة للسيسي والحكومة المصرية هي معركة شاقة يحاولون استعادة سمعتهم بين الغرب، لكن هل تساعدهم البطولة في التغيير أو التأثير على الأفكار التي تشكلت بالفعل بشأنهم عند الغرب والعالم؟ أعتقد أنه من الصعب حدوث ذلك، فمنذ أيام قليلة قبل بداية البطولة توفي الرئيس المصري السابق "محمد مرسي" أثناء المحاكمة، بسبب الإهمال الطبي الذي تعرض له خلال فترة الست سنوات التي قضاها في السجن منذ حدوث الانقلاب العسكري عليه في يوليو 2013.

 

الشيء الأخر، الظهور الذي ظهر به السيسي خلال كلمته الافتتاحية للبطولة، ومشكلة الصوت التي حدثت وسرعان مع عملت ردود فعل قوية على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، وأصبح وسم "صوت السيسي" يتصدر جميع وسائل التواصل، وتناولت مواقع عالمية الخبر والسخرية التي حدثت عليه، مما جعل السيسي في موقف سيء في افتتاح البطولة التي كانت ينتظرها من أجل اظهار وتقديم نفسه للعالم.

 

الشعب خارج المعادلة والكورة ليست هي المحرك الأساسي، الشعب يحب الكورة فقط، والحكام يستخدمون الأمر لصالحهم، لكن يمكن للطاولة أن تنقلب عليهم في أي وقت

نقطة أخرى محورية يتحدث عنها الناس دائما أن الشعوب تجري وتلهى وراء كرة القدم، وتنسى أحوال وأوضاع البلاد. الحقيقة ليست الصورة كما يتحدث عنها البعض، فالشعوب تعشق الكورة ليس حبا في الحكام، هي تحب الكورة من أجل المشاهدة والاستمتاع فقط، على الرغم أن غالبية الشعوب تعلم أن الحكام تستخدم كرة القدم سياسيا، لكن لا يهمهم ذلك.

   

وأذكركم ببطولة الأمم الأفريقية 2006 وكانت تنظم في مصر أيضا، والتي فازت بها مصر، كان الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك حريصا على حضور المباريات هو وأبناءه، وكان أولاده جمال وعلاء يجلسون وسط الجمهور ويهتفون معهم، وتوقع البعض في هذه الفترة أن مبارك كان يحاول ترميز وإظهار ابنه جمال ليتوله قيادة البلاد من بعده.

 

فازت مصر بالبطولة واحتفل الناس في الشوارع والميادين، وفازت أيضا بالبطولتين التاليين 2008 و2010، وكان أبناء مبارك أيضا حريصين على الحضور وتقديم الدعم للمنتخب، لكن في يناير 2011 قامت الثورة المصرية على حسني مبارك ورحل عن السلطة، فهل قدمت له البطولات والانجازات التي حققتها مصر في عهده شيء؟

 

لا أقصد أن الثورة يمكن أن تقوم على السيسي خلال الفترة القادمة حتى إذا فازت مصر بالبطولة، الله أعلم، لكن المقصود أن الشعب خارج المعادلة والكورة ليست هي المحرك الأساسي، الشعب يحب الكورة فقط، والحكام يستخدمون الأمر لصالحهم، لكن يمكن للطاولة أن تنقلب عليهم في أي وقت!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.