شعار قسم مدونات

ماذا بقي لإيران من اقتصادها؟

blogs إيران

لعل العالم ما زال يترقب نتيجة المفاوضات الخفية والتفاهمات الأمريكية مع إيران والدول الثماني التي تم انتهاء استثناءاتها من العقوبات الأمريكية في الثاني من شهر مايو الماضي، ويتوقع ذلك بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران عشية خروجها من الاتفاق النووي، بنيَة تجفيف مصادر التمويل الإيراني ونتيجتها كانت حرمان الحكومة الإيرانية من حقها في شراء الدولار الأمريكي وتجارتها في المعادن الثمينة وعملت العقوبات الأمريكية أيضا على إيقاف نشاطات إيران التي تتعلق بالإجراءات المالية مع الكثير من دول العالم وقُوضت بشكل كبير جدا التحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني.

ولعل العصى قد رميت في عجلة المباحثات الإيرانية مع الولايات المتحدة وخاصة بعد إرسال الأخيرة تعزيزات عسكرية توصف بالكبيرة إلى الشرق الأوسط ضمت خمس طائرات من طراز بي 52 وحاملة طائرات ونشر بطاريات صواريخ باتريوت وسفينة هجومية بر مائية وتواجد ما يقارب 31000 جندي أمريكي في دول الخليج مما أسفر عن تصاعد وتيرة التصريحات بين الجانبين بين جهوزيتهم للحرب وعدم رغبتهم بها كل ذلك وضع إيران في بوتقة ضيقة جدا تعاني فيها من وضع اقتصادي سيئ جدا ووضع مزري يعيشه المواطن الإيراني.

إغلاق المضيق يمكن أن يصب في مصلحة الولايات المتحدة لتشجيع المستثمرين على شراء النفط الأمريكي الصخري الزيتي الذي يتمتع بارتفاع تكاليف استخراجه

وهنا يمكن أن نلاحظ ما حل بالاقتصاد الإيراني من انهيارات كارثية متلاحقة تتساقط تباعا فوق رأس هذا الاقتصاد المتهاوي، وكان أول هذه الأزمات تتعلق بالنفط الذي يعتبر المورد الأساسي لإيران والذي يشكل ما يقارب 80 بالمئة من الواردات الإيرانية فقد حرمت إيران من 53 بالمئة من إيرادات صادراتها النفطية للعالم منذ مايو الماضي والذي بدوره شكل ضغط كبير على الاقتصاد الإيراني ونسبة تضخم تكاد تكون هي الأعلى منذ 1980م بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي وقد خسرت إيران خلال الأشهر الأولى من العقوبات أكثر من 10 مليار دولار من الواردات النفطية بحسب تصريحات أمريكية.

وفي تقديرات لصندوق النقد الدولي فإن الاقتصاد الإيراني سيعاني من انكماش اقتصادي قد يصل إلى 6 بالمئة هذا العام مقارنة بـ3.9 بالمئة في عام 2018م. فإذا ما استمرت هذه العقوبات الأمريكية على إيران سنشهد لفترة اضطرابات اقتصادية شرق أوسطية ستتجلى في عدم استقرار أسعار النفط وهروب رؤوس الأموال نتيجة لمخاوف المستثمرين وتذبذب في أسعار صرف العملات بشكل عام.

من المستفيد من هذه العقوبات

الخوف السعودي الإماراتي بشكل رئيسي من التمدد الإيراني في المنطقة والهجمات الأخيرة من قبل جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا على مواقع سعودية جعل منهم أولى الدول الداعمة لهذه العقوبات وإبداء جاهزية بلدانهم لتعويض النقص من النفط الإيراني وتعويض الدول المستفيدة منه بالنفط السعودي والإماراتي بحسب ما أوضح الرئيس الأمريكي.

الخيارات الإيرانية في مواجهة العقوبات الأمريكية

بعد التهديد الأمريكي الصريح بفرض عقوبات على كل من يشتري النفط الإيراني باتت إيران أمام خيارات ليست بالكثيرة ولا النافعة بشكل كبير لاقتصادها المنهار فيمكن أن نرى تحدي دولي في مواجهة العقوبات الأمريكية واستمرار الدول الثماني باستيراد النفط الإيراني ومحاولة الالتفاف على هذه العقوبات لكن هذا لن يكون بالواقع بحسب تصريحات العديد من الدول والتي ألتزمت بهذا القرار وأعربت عن بذلها جهود لاستيراد متطلباتها النفطية من غير إيران. ويمكن أن يكون هناك تعديل في العقود المبرمة وإبرام اتفاق جديد بين هذه الدول وغيرها مع الولايات المتحدة حتى تصبح هذه الدول جاهزة للاستغناء عن النفط الإيراني وتعويضه من دول أخرى.

أما بالنسبة للتهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز فليس لإيران الجهوزية لما سيخلفه هذا التصرف من قرع طبول حرب أمريكية عليها في ظل ما يعانيه اقتصادها من تدهور مع العلم أن إغلاق المضيق يمكن أن يصب في مصلحة الولايات المتحدة لتشجيع المستثمرين على شراء النفط الأمريكي الصخري الزيتي الذي يتمتع بارتفاع تكاليف استخراجه. وعلى صعيد آخر قد نشهد انقلاب عسكري داخل إيران نتيجة الغليان الشعبي الصامت والوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن الإيراني وانهيار العملة الإيرانية بشكل كبير، وفي ترجيحات أخرى يمكن لإيران أن تنصاع للضغوط والمطالب الأمريكية كخروجها من سوريا وتقديم التنازلات لعقد اتفاق جديد مع الولايات المتحدة الأمريكية مقابل فك الحصار المفروض عليها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.