شعار قسم مدونات

ما الذي يعيب المنتخب المغربي حتى يكون بطلا؟!

blogs منتخب المغرب

لقد كشف المدرب الفني للمنتخب المغربي هارفي رونار على اللائحة النهائية للاعبين الذين سيخضون غمار منافسات كأس أمم إفريقيا في نسختها الـ32، إذن بعد أسبوع من يومنا هذا، سيدخل اسود الاطلس منافسات دور المجموعات، وهم يطمحون لتجاوز هذا الدور رغم وقوعهم في مجموعة حديدية، إلا أنهم يشكلون فريقا يحمل المقومات التي تجعله من واحدا من الفرق الأقرب للتتويج، فما هي إذن مكامن قوة وضعف المنتخب المغربي؟ وهل فعلا يمتلك كل الشروط التي تمكنه من الظفر باللقب؟

 

اعتمد هيرفي رونار في حراسة المرمى، على كل من: منير المحمدي الحارس الأول للمنتخب المغربي، الذي يلعب حاليا مع فريق مالقا الإسباني، وهو الحارس الذي له الأفضلية في التعامل مع ركلات الجزاء الترجيحية، ياسين بونو حارس خيرونا الاسباني والملقب من قبل الصحافة الإسبانية ب "سبيدرمان" علاوة على تصنيفه واحد من أفضل حراس الليغا الإسبانية الموسم الماضي. بالإضافة إلى الحارس محمد رضا التكنتاوي والذي تألق خلال مرحلة الذهاب في الدوري المغربي. أما على مستوى خط الدفاع، نجد كل من مروان ديكوستا، لاعب الاتحاد السعودي والذي رغم ضعفه في المواجهات الثنائية، إلا أنه من الاعبين الذين ضمنوا حضورهم مع الأسود لعامل الثقة والمعنويات العالية.

 

حكيم زياش نجم الأياكس الهولندي، أهم صناع الألعاب لأسود الاطلس ولعله هو الورقة الرابحة التي بقيت لدي المغاربة في رهانهم

لدينا من جهة أخرى، روماني غايم سايس المغربي المحترف في الدوري الإنجليزي والذي كان له دور في صعود فريقه ولفرهامبتون إلى البريميرليغ، ومن مميزاته كلاعب انه يستطيع أن يلعب وسط الملعب أيضا. ولدينا في قلب الدفاع، القائد مهدي بن عطية، الذي سبق له ولعب في أندية أوروبية كببرة أبرزها يوفينتوس الإيطالي قبل أن ينتقل إلى الدحيل القطري، وهو لاعب ماهر في إرسال الكرات القطرية ويشكل مع روماني سايس الثنائي الذي يرتكز عليه رونالد في التشكيلة الدفاعية.

 

أما فيما يخص مركز الأظهرة، فقد تم استدعاء كل من نبيل درار، الذي لازم كرسي الاحتياط مع فريقه فنربخشة التركي، هذا ما يخلق شكوكا حول امكانياته الفنية والجسدية لخوض المنافسات التي أصبحت على الأبواب، لدينا أشرف الحكيمي، الظهير الأيمن لدرتموند الألماني، اللاعب الصاعد خريج أكاديمية ريال المدريد للشباب، اسلوبه مميز وأدائه ممتاز من حيث السرعة. إضافة إلى منير المزراوي، الذي يمتلك مهارات فردية عالية ويتطور بشكل ملحوظ وقد أدى موسما رائعا مع اجاكس الهولندي، ولعل ميزة كل من أشرف الحكيمي ومنير المزراوي إنهما يستطيعان اللعب في الظهير الأيمن او الظهير الأيسر، كما أن لهما ملكات هجومية، خاصة منير المزراوي الذي يمكن اعتباره ظهير هجومي أكثر من كونه ظهير دفاعي، دون نسيان تميزه في إرسال الكرات العرضيه بشكل محكم.

 

في وسط الملعب تلك المحطة التي تصل بين المدافعين والمهاجمين، نجد في المركز كل من مهدي بوربيعة، يوسف الناصري، كريم الأحمدي ومبارك بوصوفة، الذين دارت عليهم الانتقادات من طرف الجمهور المغربي، نظرا لأدائهم المتذبذب مع الفرق التي يلعبون لها، غير اننا نرى في مبارك بوصوفة عامل الخبرة كنقطة إيجابية تُحسب له، وإمكانية اللعب كرأس حربة ثاني بالنسبة ليوسف الناصري لاعب ليجانس الاسباني، وبالنسبة لمركز 10 صانع الألعاب، فعند هيرفي رونارد أكثر من اسم لامع، فخلفية المهاجمين الجيدة جدا، واحدة من مميزات المنتخب المغربي، حيث سيلعب في الأماكن الامامية كل من: فيصل فجر، الذي ظهر بمستوى جيد مع الفريق لكنه أبان عن أنانيته في المباراة الودية الأخيرة التي جمعت المنتخب المغربي بنظيره الزامبي، إذ يحاول احتكار كل من ضربات الأخطاء والزوايا وحتى ضربات الجزاء.

 

حكيم زياش نجم الأياكس الهولندي، المُتوّج أكثر من مرة بجائزة لاعب العام في هولندا، أهم صناع الألعاب لأسود الاطلس، مُمرر ومراوغ فنان، قادر على التحول من مركز الجناح إلى صانع الألعاب أو مهاجم إذا ما اقتضى الأمر ذلك.، ولعله هو الورقة الرابحة التي بقيت لدي المغاربة في رهانهم، بعدما غادر المعسكر (الأمس) المهاجم حمد الله، لدينا نورالدين المرابط، المقاتل الباسل، بطل العالم في نظر المغاربة، بعد موقفه الوطني والرجولي وأداءه القتالي في منافسات كأس العالم 2018 بروسيا، خاصة في مواجهة أسبانيا التاريخية.ة، إنه بلا شك ملك الجناح الهجومي. سفيان بوفال هو الاخر، يقدم مدرودا لا بأس به وله مراوغات ولمسات كروية مُلفتة، وعند خط الهجوم، كان لدينا عبد الرزاق حمد الله الذي غادر بطريق مفاجئة معسكر مدينة سلا، وهو الذي قدم موسم استثنائيا مع فريق النصر السعودي. فكيف يمكن أن نعوض حمد الله سواريز العرب؟ كيف يمكن أن نستدرك الموقف بعدما غادرنا واحد من أهم المهاجمين على المستوى العربي والافريقي؟

 

أظن أن الجميع سيشاطرني الرأي في أنه قد حان الوقت ليتوج المغرب مرة ثانية بطلا لإفريقيا، حان الوقت لنعيش فرحة 1976 أو على الأقل نصف فرحة 2004

إن الفريق المغربي فقد من كان بإمكانه هز شباك الخصم اي كان حجم الرقابة عليه، خاصة وأنه تم تعوضه باللاعب باعدي الذي يلعب مع حسنية أكادير كظهير أيسر! وتبقى لنا في التهديف، كل من خالد بوطيب الذي رغم أدائه الضعيف مع فريق الزمالك المصري غير أنه مهاجم من النوعية الخاصة، يحرك الكرة بطريقة جميلة مع زملائه ومتمكن من الكرات الأرضية والعالية، ويوسف الناصري مهاجم ليجانيس الاسباني، الفرصة المتبقية للمنتخب إذا ما أراد التسجيل.

 

أقل ما يمكن قوله على هذه اللائحة قبل مغادرة حمد لله، إنها قائمة قوية ومتكاملة نوعا ما، إذا لدينا أكثر من لاعب يستطيع أن يشغل أكثر من مركز، وهذه المرونة تعطي المدرب أريحية في توظيف اللاعبين وتوزيع الأدوار، فما الذي ينقص المنتخب المغربي حتى يقف مرة ثانية على منصة التتويج بعد غياب طال أكثر من 40 سنة؟ ما الذي يمنعه وهو المنتخب الذي يوجد حاليا تحت قيادة واحد من أهم المدربين على الساحة الإفريقية؟، خاصة وأن هيرفي رونالد استطاع الفوز بكأس أهم بطولة في القارة السمراء مع كل من غانا وكوديفوار، لدينا إذن فريق ذو شخصية قوية، يقدم كرة قدم ممتعة، فالعالم كله صفق له على أداءه الرائع في منافسات كأس العالم 2018، لقد أحرجوا إسبانيا بالتعادل الغير المستحق وفازت عليهم البرتغال بمشقة الأنفس، ولولا ظلم الفار لكان لتلك المجموعة سيناريو مروري آخر. فما الذي يعيب هذه التشكيلة التي يمكن أن تلعب بأي خطط عددية 4141 أو 4231 أو 343 أو 442؟ كل هذه الخطط ممكنة مع القائمة المغربية، فأين هي مكامن الخلل؟

  

المنتخب المغربي من الفرق التي تستحوذ على الكرة بشكل كبير، ولكن للأسف دون أي نتيجة مثمرة قد تذكر، لدينا ثغرة هجومية خاصة مع غياب حمد لله، بات ينقصنا فعلا قناص الفرص، وأعتقد أن إشكالية المنتخب المغربي الحقيقية تكمن في كبر سن أغلب اللاعبين، حيث أن معدل سن المنتخب هو 27.2 سنة، وطبعا هذا الأمر يؤثر على مردودية الفريق بصفة عامة، دون الوقوف عند مشكل غياب الانسجام بين بعض العناصر والذي لاحظناه في المباراة الودية الأخيرة التي أجريت يوم الأربعاء المنصرم، والذي كان فيها أداء الفريق باهتا وبعيدا عن المستوى الذي عهدناه.

  

كهاوية ومتتبعة لكرة القدم، ما يهمني هو المتعة، لا يهمني أفريق سيفوز باللقب بقدر ما يهمني أي فريق سيُمتِّعُني بلعبه، لأنه وببساطة لا يوجد اي فريق يمكنه أن يتقاسم معي غنائمه! لذلك فإنني سأقف لأصفق للفريق الذي أمتعني سواء خرج رابحا أو خاسرا، المهم هو المتعة، وأظن ان هذا العنصر حاضر مع التشكيلة المغربية التي تلعب كرة قدم عصرية، قهرت الكبار وأحرجت الأبطال كما ذكرنا سابقا، ولكن عندما أتحدث باعتباري مواطنة مغربية غيورة على وطنها، عند هذه النقطة تتغير الرؤية، وأصبح مهتمة بالنتائج قبل الأداء.

   

وأظن أن الجميع سيشاطرني الرأي في أنه قد حان الوقت ليتوج المغرب مرة ثانية بطلا لإفريقيا، حان الوقت لنعيش فرحة 1976 أو على الأقل نصف فرحة 2004، حان الوقت لنجني ثمار الميزانيات الخيالية التي تصرفها الجامعة المغربية لكرة القدم على هذه الرياضة.. فما الجدوى من كل هذه المصاريف على كل فاعلين إذا لم يكن هنالك قيمة مضافة ملموسة؟  وإن لم تفعلها الأسود في مصر وهذا العام، فكفانا إذن هدرا لأموال الشعب. أيها الأسود قاتلوا وعودوا ومعكم اللقب، هذا هو الغرض الذي من أجله عليها أن تقلع طائرة اسود الاطلس في اتجاه أرض الكنانة! هذا هو ما ينتظره المغاربة من المنتخب الوطني، وكل التوفيق للفرق الأربع والعشرين المشاركة في أهم منافسة كروية في القارة السمراء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.