شعار قسم مدونات

استهداف مطار أبها.. الحوثيون من الدفاع إلى الهجوم

blogs اليمن

استهدف أنصار الله الحوثيون، صباح الأربعاء، مطار أبها الدولي بصاروخ كروز بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب التي تشنها المملكة السعودية على اليمن غير أن الأخير اعتبر هذا الاستهداف عملية إرهابية متناسيا كل جرائم الحرب التي ارتكبها بحق اليمنيين والتي خلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

 

وبالمقارنة بما يفعله النظام السعودي، ومعه الإماراتي، في اليمن منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في الـ26 من مارس/ آذار 2015، فإن استهداف مطار أبها ليس شيئا مقابل استهداف المطارات والمصانع والمزارع والمدن والجسور والمستشفيات والمدارس والجامعات وكل ما له علاقة بالبنية التحتية في اليمن من قبل التحالف وكذا مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وموت العشرات جراء منع سفرهم إلى الخارج بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي الذي تلقى مئات الصواريخ السعودية التي حولته إلى مكب لنفايات الطائرات المدمرة.

 

وفي حين يرى البعضُ الحوثيين ارتكبوا جريمة باستهداف المطار الذي يبعد 200 كيلومتر عن الحدود اليمنية فإن آخرين يرون ذلك حقاً مشروعاً لليمنيين للرد على تجاوزات التحالف بحق المدنيين وأطماعه المستمرة بالتعاظم في شمال وجنوب اليمن رغم انسحاب أنصار الله من الجنوب قبل ثلاث سنوات، ومن بين المؤيدين لصواريخ أنصار الله قيادات في حكومة معين عبد الملك المقيمة في الرياض، وقيادات جنوبية اضطهدتهم المملكة والإمارات واستخدمتهم لتنفيذ أجندتها.

    

  

الحوثيون أعلنوا بصراحة مطلقة مسؤوليتهم عن استهداف مطار أبها ضمن ما أسموه "بنك أهداف من 300 موقع حساس وحيوي داخل المملكة والإمارات سيتم استهدافهم حال استمرت حرب التحالف"، وهي حرب أصبح انحرافهاً واضحاً وصارت تتخذ اتجاهات احتلالية في المهرة وحضرموت زادت من أعدائها وقلصت حجم المؤيدين فيما بدأت نتائجها تنقلب ضد المملكة بعد عرض الإعلام الحربي لمشاهد حية تظهر وزير دفاع أنصار الله وهو يتجول على مشارف مدينة نجران الحدودية بعد تصريحات حوثية بسقوط 20 موقعاً عسكرياً سعودياً داخل نجران في أيديهم ثاني أيام عيد الفطر المبارك.

  

وعلى الرغم من تنديد المجتمع الدولي بصاروخ الحوثيين وتصنيفه تهديداً إيرانياً للمملكة والمصالح الدولية فيها إلا أن ذلك المجتمع الذي صمت كثيراً وغض الطرف عن جرائم الحرب في اليمن كان قد ندد ببعض جرائم التحالف لكنه لم يحرك ساكناً واستمرت المملكة والإمارات بقصفها المدنيين وآخر جريمة كانت في شارع الرقاص بمدينة صنعاء عقب استهداف أنابيب النفط بطائرات مسيرة، وعلى ذلك فإن من المسلم به أن إطلاق الصواريخ على السعودية سيستمر وستظل الأخيرة تستجدي من يخرجها من هذا المستنقع الذي باتت غارقة فيه حد الخزي والمكابرة.

 

يتحرك الحوثيون بكل ثقة بعد سنوات من الحرب التي أكسبتهم خبرة على التعامل مع مجرياتها وقدرة على قراءة نفسيات خصومها السياسيين والعسكريين وقدراتهم الدفاعية

كروز ليس أول صاروخ يمني يطلق على السعودية فعلى مدى عامين من الحرب أطلق الحوثيون مئات الصواريخ المصنعة محلياً حسب تأكيداتهم والتي استهدفت مواقع ذات أهمية كبيرة في نجران وجيزان وعسير وأبها وحتى الرياض، وكما هذه العملية ليست الأولى فلن تكون الأخيرة؛ ففشل الدفاعات الجوية السعودية وبطاريات الباتريوت الأمريكية عن صد الطائرات المسيرة وصواريخ كروز وقاهر وبركان وغيرهم وكذا فشل الرادارات الذكية عالية الدقة عن رصدها يؤكد أن المستقبل ينبئ عن عمليات استهدافية يمنية أكثر تأثيراً على المملكة التي مزقت جاراتها وفرضت على البلدان العربية حروباً اقتصادية وعسكرية وسياسية واستخدمت المقدسات الإسلامية لخدمة نظامها السياسي العنيف.

 

السعودية اليوم أكثر ارتباكاً من أي وقت مضى بعد فشل حصارها على قطر وحربها على اليمن وهو ما كشفت عنه نتائج القمم الثلاث التي استضافتها مكة أواخر رمضان المنصرم عقب تحفظ قطر ورفض العراق وسوريا لبياناتها وغياب القضية الكبرى للأمة والمتمثلة في فلسطين في حضرة النظام الملكي الحديث الساعي إلى فرض سطوته على المنطقة العربية بشكل غبي من خلال اتخاذ سياسات عنيفة ومعادية للبلدان.

 

ولعل أهم ما يعبر عن ارتباك السعودية في الوقت الحالي هو حالة الضعف التي وصلت إليها ديبلوماسياً في استغلال القمم لاستعراض صواريخ الحوثيين التي تلقتها المملكة في محاولة منها لكسب التعاطف الدولي، علاوة على فشلها في تحقيق أي نصر عسكري على الميدان ما يجعلها تلجأ إلى قصف المدنيين كحالة من التعبير عن ردة الفعل إزاء هجمات أنصار الله الدفاعية.

 

في المقابل يتحرك الحوثيون بكل ثقة بعد سنوات من الحرب التي أكسبتهم خبرة على التعامل مع مجرياتها وقدرة على قراءة نفسيات خصومها السياسيين والعسكريين وقدراتهم الدفاعية على تحمل أي هجمات جديدة ولعل هذا ما يجعل أنصار الله يختارون نوعية الهدف وزمن تنفيذه لقياس نتيجة تأثيره وهذه ميزة تتجاهلها المملكة السعودية في الوقت الذي تحاول فيه عاجزة عن صد أي هجوم يمني مهما كان حجمه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.