شعار قسم مدونات

إلى متى سيظل مطار الريان مغلق؟

BLOGS مطار المكلا

منذ تحرير مدينة المكلا بساحل حضرموت شرق اليمن في 2‪4 أبريل عام 2016م أغلقت قوات الإمارات مطار الريان الدولي وحولته إلى قاعدة عسكرية، واستمر غلق مطار الريان تحت مبررات – إصلاحات وصيانة- وهي مبررات تبين مؤخراً عدم صحتها، ومع كل المطالبات التي طالب بها اليمنيون من مختلف مواقعهم بإعادة فتحه إلا أن قوات الإمارات لم تبالي، بل تعمدت تجاهل كل هذه النداءات وأصرت على استمرار غلق المطار.

 

على مستوى الجانب الرسمي وعد الرئيس هادي قبل عامين بإعادة فتح الريان في ١٥ يناير عام 2‪017م إلا أن ذلك لم يتحقق، وعلى صعيد السلطة المحلية بمحافظة حضرموت سبق وأن وعد محافظ حضرموت السابق أحمد بن بريك في مناسبات مختلفة بإعادة تشغيل مطار الريان لكن شيء لم يتحقق، وكسابقه وعد محافظ حضرموت الحالي فرج البحسني بفتح المطار في ٢٤ أبريل الماضي لكنه لم يفي بوعده، ولم يوضح أسباب استمرار غلقه على الرغم من أنه بات جاهزاً بشكل كامل كما أكد ذلك المسؤولون الحكوميون في المكلا.

 

لقد دفع استمرار غلق المطار النخب اليمنية لا سيما في حضرموت كالساسة والصحفيين والنشطاء ورجال العلم والأعمال والقبائل المطالبة بسرعة فتحه بعد أن أكتملت تجهيزاته، لكن كل هذه المطالبات ذهبت أدراج الرياح، ولم تؤثر على الجهة التي تملك قرار فتحه، وفي ظل هذه المطالبات يبقى السؤال الأبرز من يمتلك قرار فتح مطار الريان؟ ولعل أدق إجابة على هذا السؤال ما صرح به رئيس الوزراء اليمني السابق د. أحمد عبيد بن دغر خلال مؤتمر صحفي في مدينة المكلا رداً على سؤال أحد الصحفيين عن دور الحكومة في إعادة فتح مطار الريان، حيث قال رئيس الوزراء بأن الشرعية اليمنية طلبت من الإمارات فتح الريان، وأضاف أننا نتمنى من الشيخ محمد بن زايد أن يسمح بفتح مطار الريان!

 

ضربت الإمارات بكل القضايا عرض الحائط، ولم تهتم بمعاناة اليمنيين بل تسلقت على أجسادهم الجريحة للوصول إلى أهدافها الأنانية المتمثلة في الاستحواذ على منابع النفط والغاز والموانئ والمطارات والجزر ومضيق باب المندب

بينت تصريحات بن دغر أن قرار غلق الريان جاء من أبو ظبي التي تمتلك أيضاً قرار فتحه إلا أنها لم تتجاوب مع كل المطالبات التي رفعتها الشرعية اليمنية، وبذلك تتحمل الإمارات المسؤولية الكاملة عما لحق بالمواطنين نتيجة غلق المطار الوحيد في ساحل حضرموت والذي يعد أهم مطار بعد مطار صنعاء الدولي، لكن الغريب في كل هذا ما مصلحة دول الإمارات من غلق مطار الريان في مدينة المكلا؟

 

هل المطار يؤثر على مطار دبي الدولي؟ طبعاً لا، لكن لا أحد يعلم الدوافع التي تقف خلف غلقه وعدم السماح للمرضى والطلاب والمسافرين باستخدامه، في الوقت الذي تستخدمه القوات الإماراتية والمسافرون الإماراتيون لليمن بشكل ينم عن استخفاف بالشرعية اليمنية، والمواطن اليمني الذي لا يزال صابراً على كل هذه التجاوزات الحمقاء التي أظهرت الإماراتيين في عيونه بمظهر المحتل لا المساعد المنقذ.

 

التصرفات السيئة التي قامت وتقوم بها الإمارات في المناطق الجنوبية تتنافى مع قواعد الاستعانة التي طلبتها الشرعية من خلال السعودية، فالشرعية لم تذهب للإمارات وإنما طلبت المساعدة من السعودية التي استعانت بالإمارات في اليمن. لم يكن أحد يعلم أن أبو ظبي ستفعل كل هذا الجرم في ظل أزمة إنسانية هي الكبرى في القرن الواحد والعشرين حيث وصل عدد الفقراء في اليمن إلى 57٪ وفق آخر تقرير لمنظمات دولية معنية بالشأن، وانتشار الأمراض والبطالة وجمود في الأفق السياسي الذي لا يزال يراوح مكانه دون إحراز تقدم يذكر.

 

ضربت الإمارات بكل هذه القضايا عرض الحائط، ولم تهتم بمعاناة اليمنيين بل تسلقت على أجسادهم الجريحة للوصول إلى أهدافها الأنانية المتمثلة في الاستحواذ على منابع النفط والغاز والموانئ والمطارات والجزر ومضيق باب المندب، في عمل متجرد من كل الأخلاقيات العربية والإسلامية، إذ لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تستغل ضعف وفقر بلاد أخرى لتمرير مشاريعها رغم أنها تعلم بفظاعة هذه المشاريع.

 

لقد سقطت الإمارات "من عيون اليمنيين" كما سقطت من ذي قبل الحبشة التي استولت بقوة السلاح على اليمن، ومن يسقط من عين اليمني لا حد لسقوطه إلا تراب الأرض، نأمل من أبو ظبي أن تعيد مراجعة سياساتها الاحتلالية في اليمن، وتعلم أن السكوت على أفعالها مؤقت لظروف استثنائية، وحينما يعيد الشعب اليمني عافيته وصحته حتما لن يتسامح مع تصرفات الإمارات التي تخطت كل الحدود.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.