شعار قسم مدونات

بنزيما الذي يريد أن يبقى بنزيما!

blogs بنزيما

الحديث في ريال مدريد عن هازارد وبوغبا والبقية، لكن بالنسبة لي شخصيا أكثر ما يجب أن يستثمر فيه النادي الملكي هو الحصول على مهاجم صندوق، ومن ثم بناء الفريق حوله.

 

لطالما كنت من معجبي كريم بنزيما، ودائما ما كنت أردد أنه ظُلم كثيرا بقبوله العيش في جلباب رونالدو، فبات المهاجم الوحيد في العالم، الذي يقرأ الملعب في محاولة للتضحية بنفسه كبيدق، من أجل افساح المجال لراجمة الصواريخ للقيام بما يمكنه القيام به مغمض العينين، التسجيل من وضعيات مُختلفة، لكن في الواقع وبالعودة إلى سجل أهداف المهاجم الفرنسي، فإن بنزيما لم يكن يوما ذلك الهداف الخارق، بل ظل نجما واعدا في ليون حتى انتقل إلى ريال مدريد، وهناك جُبل على خدمة رونالدو، وربما كان ذلك هو السبب في بقائه في مدريد رغم الانتقادات التي تعرض لها منذ موسمه الأول في البيت الأبيض.

 

بنزيما تعرض لضغط كبير هذا الموسم، فرحيل رونالدو أصاب مشجعي مدريد بالهيستيريا، فبأي اسم سيتغنون إذا ما غنى مشجعو برشلونة باسم ليونيل ميسي، غاريث بيل صديق عيادات، وفينيسوس شاب لازال الوقت طويلا أمامه

بنزيما عرف كيف يقسم جماهير ريال مدريد، فبعضهم قال بأن المهم أن الفريق يسجل وأنه لا يوجد مهاجم في العالم سيقبل بالتضحية بأدواره الهجومية إيثارا وعن قناعة، بينما حلم البقية بفريق يضم رونالدو وليفاندوفسكي مثلا، لاعبان قادران على تجاوز حاجز الـ100 هدف في الموسم الواحد، والحقيقة أن كلا وجهتي النظر لا تخلوان من صواب، لكنهما أيضا ليستا صحيحتين مئة بالمئة، بل إن الحل ربما يكمن في المزج بينهما.

  

فوجهة النظر الأولى صحيحة لكنها ناقصة بسبب أن بنزيما نفسه لو كان يسجل "كل الفرص المتاحة له" وهنا أعني الفرص التي يهدرها وليست التي يخلق فيها المساحة لرونالدو، لكان خط هجوم ريال مدريد بالفعل وصل إلى حاجز المئة هدف وأكثر، والنقص في الفكرة الثانية يكمن في "نوع" المهاجم الذي لطالما طالبت به جماهير الملكي، فمن البديهي أن قدوم أي "نجم" سيعني فتح باب المنافسة بينه وبين رونالدو، ومحاولة كليهما تجاوز الآخر، ما سيحول الفريق من مجموعة تلعب من أجل القميص، إلى أفراد يلعبون ليثبتوا أن عليهم اللعب بشكل منتظم في كل المباريات، فبنزيما نفسه لو قدِم مثلا وهو نجم أو هداف لريال مدريد، لكان الفريق دخل في هذه الدوامة، لكنه انضم إلى النادي كنجم واعد، يعرف مُسبقا أن رونالدو واحد من أفضل اللاعبين في العالم، وكأي شاب يطمح للعب بشكل منتظم "خاصة مع منافسة كبيرة من هيغواين" كان الحل الوحيد أمام بنزيما أن يثبت أنه لاعب الفريق وليس الفرد الذي سيضايق مَن مِنَ المفترض أن يكون نجمه الأوحد.

  

كل ما سبق قد لايكون ضروريا وأنت تشاهد رونالدو يواجه أياكس بقميص يوفينتوس، لكنه كان مهما من أجل إيضاح وجهة نظري الشخصية والتي أسأل فيها "مادام سبب بقاء بنزيما هو خلق المساحات لرونالدو، فلماذا لم يتم التعاقد مع رونالدو آخر ليخلق كريم له المساحات؟"، ريال مدريد كان مهتما بنيمار وهازارد، لكنه لم يحرك ساكنا من أجل ضم أحدهما، في محاولة قد تكون بائسة إلى حد كبير، في تعويض كريستيانو رونالدو، الذي تصر الجماهير على أنه جناح هداف، رغم أنه بات مهاجما ثانيا مذ وطأت قدما كارلو انشيلوتي ملعب سانتياغو بيرنابيو.

  

بنزيما تعرض لضغط كبير هذا الموسم، فرحيل رونالدو أصاب مشجعي مدريد بالهيستيريا، فبأي اسم سيتغنون إذا ما غنى مشجعو برشلونة باسم ليونيل ميسي، غاريث بيل صديق عيادات، وفينيسوس شاب لازال الوقت طويلا أمامه، لذلك لم يكن هنالك غير بنزيما، ففي نظرهم هو من يجب أن تُلق عليه الآمال من أجل قيادة هجوم الملكي، لذلك لم يظهر بشكل مقنع حتى الآن، على الرغم من أن هذا الموسم هو أحد أفضل مواسمه من الناحية التهديفية، مشجعو بنزيما أو المتعاطفون معه -رغم أن أعدادهم في تناقص كبير- قد لا يتمنون رؤية مهاجم جديد بقميص الملكي خوفا على مركز لاعبهم المدلل، لكن في نظري قدوم أي مهاجم صندوق إلى ريال مدريد، قد يعني تحرر بنزيما لأول مرة، واشراكه كمهاجم ثان صريح، فحتى عندما كان رونالدو يسجل الاهداف كانت الجماهير تتساءل أين هو " المهاجم كريم بنزيما؟

 

من ناحية الإمكانيات بنزيما واحد من أفضل المهاجمين "المساعدين" في العالم إن لم يكن أفضلهم، ويناسب بشكل لا يصدق خطة 4-4-2

نحن مُصابون بهيستيريا الأرقام، لذلك نطلق على أي رقم 9 مهاجما، وأي لاعب رقم 7 أو 11 جناحا واي رقم 10 صانع لعب، لذلك لا أحد يستغرب من صناعات ميسي، ويتعجبون أكثر من تسجيله للأهداف، رغم تحوله لماكينة أهداف منذ موسمه الأول مع غوارديولا، فلم يطلق عليه أحد لقب أفضل مهاجم في التاريخ أو أفضل مهاجم في العالم في الفترة الحالية، بل إننا دائما ما نسمع أن رونالدو أفضل جناح في العالم، وبأن ميسي أفضل لاعب متجاهلين حقيقة مركزه، الأمر ذاته تضرر منه كريم بنزيما، فاللاعب يرتدي الرقم 9 الذي حمله رونالدو داليما، لكنه لم يكن يوما مهاجم صندوق بحت، بل كان يبحث عن المساحات ويقوم بما يقوم به أي تسعة مساند في العالم، لكن لأن تلك التسمية لم تكن قد عُرفت قبل 7 سنوات ظل الشارع الرياضي يكرر أكذوبة المهاجم كريم بنزيما، ولم يكلفوا أنفسهم عناء سؤال "ما لذي يجعل اللاعب مهاجما، أو كيف يتم تحديد مركز لاعب كرة القدم؟؟ " السؤال الذي كانت اجابته ستزيح الكثير من الضغط عن كاهل كريم.

 

ضيق الأفق أو النظر من زاوية واحدة، ربما حرم كثيرين ولا أعني جماهير ريال مدريد وحدها، فرئيسهم يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية بانتظاره تفجر موهبة بنزيما التهديفية وهو في سن الحادية والثلاثين، من مشاهدة متعة كروية تكمن في المزج بين بنزيما وليفاندوفسكي مثلا، أو كريم واغويرو أو كريم…. واكتب اسم المهاجم الذي تراءى لك مكان تلك النقاط، المشكلة أن أحدا لم يكلف نفسه عناء سؤال كريم، هل ترغب باللعب إلى جانب مهاجم آخر أم يتم الاعتماد عليك في الهجوم، فمن ناحية الإمكانيات بنزيما واحد من أفضل المهاجمين "المساعدين" في العالم إن لم يكن أفضلهم، ويناسب بشكل لا يصدق خطة 4-4-2 بوجود مهاجمين أحدهما متأخر عن الآخر يلعب دوري "صانع الألعاب الوهمي – المهاجم الوهمي" ويتمركز في المنطقة بين ظهر لاعب الارتكاز وأمام قلبي الدفاع، في حين يشغل المهاجم الثاني المنطقة بين قلبي الدفاع.

 

يقول بنزيما بعد مباراة اسبانيول وريال مدريد "في كل مباراة اريد ان أقوم بأشياء جميلة، (القليل من كل شيء) الناس تطلب مني التسجيل دائما لكنني أعتقد أني رقم 9 ولكن بروح اللاعب رقم 10، لذلك ربما لو تم سؤاله ما إذا كان يريد أن يكون مهاجما صريحا، أم صانع ألعاب، كان ليقول بأنه يفضل أن يكون كريم بنزيما.. لا أكثر ولا أقل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.