شعار قسم مدونات

هل يحتاج الشعب السوداني للإنقاذ من حكومة الإنقاذ؟

blogs السودان

المتابع لأخبار الثورة السمراء في السودان سيرى وبوضوح بأنها ثورة شباب ضد شيب يتجسد خلالها الصراع الأزلي بين الديموقراطية والديكتاتورية. شباب السودان الغرير الذي تسلحوا بالسلمية في وجه رصاص غاد، لنظام جائر، يقتل ثائر، للحرية سائر، ويردي صافر، بهتاف باسر، وبدمع صابر، ليرفع حاسر، ويبين أن النظام سافر وحاكمه قاصر.

 

شباب من خيرة الشباب وفي عمر الزهور يتساقطون مغتالين تاركين لبقيتهم العهد ليواصلوا المسير نحو فجر الحرية وليسدلوا الستار على فصل المعاناة الذي دام لثلاثة عقود مريرة بيد البشير الذي بشر ومازال يبشر حتى عزله بإصلاحات لم تأخذ دورا في المسرح السوداني لأنها قد أخذت دورا فعلا ولكن في صف البشريات الطويل والطويل جدا. اغتيال شبابنا الأبي أقوى دليل على قسوة ووحشية هذا النظام الظالم الذي يتخذ من الإسلام غطاء يخفي سجلات إجرامية لا أول لها ولا آخر ويكفي وزيادة أن البشير -المخلوع-مجرم حرب مطلوب للجنائية.

  

حكم العسكر لا قومية له ولا دين ولا أخلاق، ناشر للجهل في المجتمعات، مبيد للحياة منهي لها ومضيق للمعيشة، أسعار المواد التموينية المتزايدة يوما بعد آخر تجعلنا نعتقد أننا في مزاد علني يهدف لبيع المواطن لا السلعة وتحضرني أبيات شاعر النيل-رحمه الله-حين يقول:

وعزت السلعة الذليلة حتى بات مسح الحذاء أمرا جساما

وغدا القوت في يدي الناس كالياقوت حتى نوى الفقير الصياما

 

بدا جليا بأن حكومة الإنقاذ وعلى مدار ثلاثة عقود لم تنقذ أحدا، ولا أحد يعلم مم أنقذت شعبها تحديدا، ومع ذلك سينقذ الشعب نفسه من ببن أنيابها بتوفيق الرب وإرادة الشعب

إذا أصبحت الحياة الكريمة حلما مترفا للمواطن يسعى طيلة حياته لتحقيقه إذا زادت الحكومة أحلام المواطن دون توفير ما يضمن لها التحقيق فيجب أن نركز في التفكير في فك ترميز الثورة ليثور الشعب وينطلق ضد الاستبداد. وصف الصحفي والمحلل السياسي محمد القدوسي حكم العسكر بأنهم مجرد عساكر يلعبون أدوار رفيعة كأنها ثياب يتم ارتدائها فيصير العسكري قاض أو حتى وزيرا للصحة. يقوم العسكر بإعدامات رسمية قانونية -كما يفعل فرعون مصر الحديث-مدعيا أنه يحارب الإرهاب ولو حارب نفسه لحارب الإرهارب.

 

حكامنا لا وطنية لهم ومعظمهم عملاء وخراف خرفة لدول عظمى والتي سيأتي قصابها-الشعب-ولو بعد حين ليحد سنانه، ويرفع بنانه، ويحالف أعوانه، ليتحرر فالحرية عنوانه. ليس من المقبول منطقيا أو عقليا محليا أو دوليا التصريحات الرسمية للبشير -المخلوع-بإنجازاته من تعبيد للطرق وتوصيل شبكات كهرباء ومياه في وقت ترك فيه البشر عمارة كوكب الأرض وفي طريقهم لإعمار كواكب مجاورة. حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان خالي من الوطنية كأنما أعتبرها كلسترولا مضرا وسما زعافا يذيق الشعب الويلات فأذاقهم ما السرطان أهون عليهم منه. ولا أدري أأحزن على قائد الأمة أم على الأمة؟ فالأمة غالبية أفرادها بإنجازات الرئيس سعيد وله يطبل منهم العديد ولا أعلم أيعلمون أن حياتهم كحياة العبيد؟

 

قد استخدم حذاق الحزب الحاكم الإسلام وسيلة في سبيل الوصول لمبتغاهم وإطالة فترة حكمهم والإسلام مبرأ من أفعالهم فهم كما قال أمير الشعراء-رحمه الله-:

برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا

فمشى في الأرض يهدي ويسب الماكرينا

لقوله:

مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا

 

آخر تصريحات البشير- المخلوع -قبل صدور قرار عزله بيوم قوله لقادة الجيش: طبعا كلكم تعلمون أننا نتبع المذهب المالكي، وهذا المذهب يتيح للرئيس أن يقتل ثلث شعبه، بل وهناك من هم أكثر تشددا يقولون النصف. المشير البشير المعزول لا ينفك من تفكيك الشعب السوداني ونظرا لأن دولته إسلامية -مظهرا لا جوهرا-لا يستطيع أن يصرح بلا فتوى ولا يفتأ ولا يفتر من تأليف فتواه الخاصة حتى وإن كانت هذه الفتوة بشيرية الصنعة عمرية الطابع حزبية التوجه عصبية الصيغة تدميرية المحتوى محلية التطبيق لا دينية المضمون وحشرية الرونق. وأتى بعده ابن عوف الذي ما استقر حتى لحق صاحبه وهو ما يثير تساؤلات واحتمالات في الشارع السوداني بأنها مجرد مسرحية عسكرية التمثيل سيئة الإخراج.  وبان بعدهما البرهان والذي يبدو وكأنما أخذها كرهان لفض الاعتصام وإخلاء الميدان ولهذا السبب تخلت عنه عدة أحزاب مطالبة بحكومة مدنية تكنوقراط.

 

استمرار الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة وانسحاب الأحزاب وقوى إعلان الحرية والتغيير أجبر بعض القادة التابعين للنظام الإسلامي السابق كالفريق أول عمر زين العابدين والفريق أول جلال الدين الشيخ والفريق أول شرطة الطيب بابكر على الاستقالة ومحاولات تتجدد للتفاوض مع الأحزاب وقوى إعلان الحرية والتغيير، المشهد السياسي يبدو مضطربا والأحداث تتسارع ولا أحد يعلم إلى أين، فدفة المشهد السياسي مجهول من يقودها والشعب الثائر كل منهم خرج ونفسه بين جنبيه ولم يقرأ أحدهم كتبا على شاكلة (كيف تسقط نظام عسكري خلال أيام) إنما خرجوا وكل منهم يحدوه التفآؤل بمستقبل مشرق.

 

بدا جليا بأن حكومة الإنقاذ وعلى مدار ثلاثة عقود لم تنقذ أحدا، ولا أحد يعلم مم أنقذت شعبها تحديدا، ومع ذلك سينقذ الشعب نفسه من ببن أنيابها بتوفيق الرب وإرادة الشعب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.