شعار قسم مدونات

هل أنا نادم على انتمائي للإخوان؟

blogs الإخوان المسلمون

سؤال يجول بخاطري منذ فترة وأنا أرى حالة من التخبط والتيه اللذين تعيشة كثير من أبناء الحركة على مستوى الخلق والدين كما تعيشه قيادتها على مستوى الفكر والسياسة، فالمطالع لصفحات التواصل الجماعي يرى كثيرا من أبناء الدعوة ينحلون عن أخلاقهم وأدآبهم ودينهم فى ردة مفزعة عن تعاليم دينهم التى تربوا عليها لسنوات داخل حركتهم. اعلم جيدا إن من أهم أسباب هذا التفلت الاخلاقي صدمة الشباب فى قيادات لطالما سمعوا لهم وأطاعوا دون تفكر أو تدبر وهذا من وجهة نظري أكبر أسباب الانتكاسة فقد فرط الشباب كثيرا فى إعداد نفسه تربويا وعلميا ونفسيا واجتماعيا وسياسيا فلم يكن مؤهلا لمناقشة قرارت قيادته وكان يعتبرها مقدسة فلما وقعت الواقعة حصلت الردة والصدمة.

 

لست هنا فى خضم الحديث عن أخطاء الماضى أو أسبابه فقد كُتب فيها كثيرا عقب الانقلاب بل وتعرض كثير من المفكرين الصادقين لأخطاء الجماعة حتى قبل الأزمة عبر النصائح ولكن كان قدر الله نافذ ولم تلقى أذن واعية، لكن ومع كل هذه الأخطاء السياسية والتى يعلمها القاصي والداني هل هذه الأخطاء تجعلنى أندم على انتمائى للحركة الإسلامية وفي القلب منها الإخوان المسلمون، الإجابة ببساطة شديدة، لا، فإن من أعظم نعم الله عليَّ بعد الإسلام هو إنتمائي للحركة الإسلامية وحتى لا يكون كلاما مرسلا دعني أبين مظاهر هذه النعمة فأقول

 

من هذه الفضائل هذا الشعار الذى كان دائما يردد فى جلساتنا وتقام على الحلقات والأسر وهو شعار اصلح نفسك وأدعو غيرك وهذا شعار فى وجهة نظري عبقري

تعلمت فى الأزهر الشريف منذ نعمومة أظافري وتلقيت فيه علم الشريعة من عقيدة وفقه وحديث، وأتذكر وأنا فى الصف الأول الإعدادي كنا كثيرا ما نسأل الأساتذة هل يجوز أن يصلى الحنفي خلف المالكي إذا قنت فى الفجر، وكانت الأساتذة تجيب بكلام فقهي كقولهم إذا قنت فأسكت ولا تتبعه، دون معالجة المرض الذي ينبع عنه هذا السؤال وهو الانشغال بالفروع والجزئيات فى وقت تنهال على الأمة الفتن والكربات

 

فما غير فكري هذا وضبط بوصلة عقلي إلا هذه الدعوة المباركة التى جعلت القلب قبل الفكر والعقل يتعلق بالأمة كل الأمة فتجاوز الفكر حدود المذهبية والحزبية والقطرية وتحقق فى وجداني قوله تعالي (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)

 

كان من مقتضيات هذه الوحدة تحقق معاني الأخوة قبلها، كثيرا ما كان منتقدي الإخوان يرددون لو عطس المرشد فى الإسكندرية قال له الإخوان فى أسوان يرحمكم الله وهذه حقيقة عايشتها بنفسي فقد شاركني إخواني ساعات الغم والحزن إلى جانب ساعة الفرح والمن.

 

كنت فى إمتحانات الثانوية الأزهرية وجاءنا امتحان مادة الفيزياء به صعوبة بالغة حتى فوجئت أن الدفعات التى بعدنا كانت تسمي دفعتي بدفعة النكسة، المهم أصابنى احباط شديد فى هذا اليوم ولم أجد من يخرجني من غمي هذا فالأهل فى حالة حزن مثلك وربما لشدة حزنهم خرجت منهم كلمات ضاعفت الألم والهم، واستمر هذا الألم إلى وقت صلاة العشاء وكان فى اليوم التالى إمتحانا آخر ولم أكن بدأت فى مراجعته من شدة حزني، فإذا بجرس الهاتف يرن وتنادينى أمي الاستاذ محمد يريدك، فقمت وحدثته فأخذت كلماته تشد من أزرى وترفع معنوياتي فقد شعر بما فى داخلي كما لم يشعر به أقرب الناس إلي، وبعد انتهاء المكالمة فزعت إلى مكتبى واستأنفت مذاكرتي وكان له من الدعوات والثناء ما أذكره له إلى اليوم، وقصصي مع إخواني أكثر مما تحويه صفحات أو مجلدات فبارك الله فيهم جميعا.

 

– كذلك من هذه الفضائل هذا الشعار الذى كان دائما يردد فى جلساتنا وتقام على الحلقات والأسر وهو شعار اصلح نفسك وأدعو غيرك وهذا شعار فى وجهة نظري عبقري ربما لم يكن الإخوان من ابتدعوه لكنهم حولوه إلى واقع عملي ملموس ومشاهد فأنطلقنا نصلح أنفسنا وندعو غيرنا وكانت دعوة الغير هى سبب صلاح النفس لأننا شعرنا بمعنى قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).

  

خلاصة القول حتى لا أطيل على القارىء الكريم، رَبَّى الإخوان جيلا من الرجال والنساء تعاهدوا على الحب فى الله والذى لايزال يملأ القلوب السوية إلى الآن فالحر من راعى وِدَاد لحظة، وانتمى لمن أفاده لفظة وكذلك تعاهدوا على حب دينهم ونصرة شريعة ربهم وهذا العهد هو مع الله وليس مع الجماعة، فإذا اختلفنا مع القيادة فى سلوكها السياسي والذى ربما يتفق عليه أغلب الناس ولقد انتقدته كثيرا فى مقالات ومنشورات، فلا ينبغى أن ننحل من قيمنا وأخلاقنا التى أوصى بها شرعنا الحنيف ولا يجوز أن نخاصم هذه الاخلاق والقيم لمخاصمتنا من تعلمناها منهم، فالحق قديم، والإنصاف من شيم الكرام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.