شعار قسم مدونات

المعارضة المصرية والاستفتاء على التعديلات الدستورية

BLOGS التعديلات الدستورية

مما لا شك فيه أنه يوجد اختلافات واسعة بين أطياف المعارضة للنظام المصري، وجوهر الاختلافات هو كيفية التعامل مع النظام؟ وكيفية تقييم شرعيته طبقاً لهذا التعامل؟ وهنا تكمن الفجوة بين أطياف المعارضة التي تمنعهم من السير معاً في طريق واحد لمقاومة أفعال النظام الجائرة.

يسعي النظام الانقلابي بمصر للوصول لمزيد من التمكين الدائم له من خلال طرح تعديلات دستورية جديدة للاستفتاء خلال هذا الشهر، وهنا تجد أيضاً اختلافاً بين أطياف المعارضة قد يكون في صالح النظام أيضاً مثلما حدث في عمليات اقتراع سابقة، وهذا الاختلاف هو في كيفية التعامل مع هذا الاستفتاء فهناك من ينادي بالمقاطعة وآخرون ينادون بالمشاركة والتعبير بالرفض لتلك التعديلات، ولكل طرف وجهة نظره مع الاتفاق علي شئ وهو أن النظام سيسعي لتزوير النتائج لصالحه، وما أريده هنا هو تفنيد القرارين مع العلم أني ممن يدعون بالمقاطعة ولكلٍ قراره:

المجتمع الدولي الذي لا يري إلا من يُسير مصالحه حتي ولو مجرم، ولكن هم أيضا في حالة ترقب ورصد لجميع ردود الأفعال ومن جميع الأطراف حتي يطمنوا تسيير مصالحهم في أي وضع ستؤل إليه البلاد

أولاً: الدعوة بالمشاركة والتعبير عن رفض أعلم أنها دعوة صادقة وأيضاً لها مبرر قوي ومنها أن تكون خطوة للتحرك والخروج للتعبير عن الرفض التام للنظام وهذا أفضل من المقاطعة والتزام السكون، وأيضا ستكون دليلاً ضد النظام في حالة التزوير، كما أنها ستكون مثلا إنذار للنظام بحجم من يعارضونه.

ثانيا: الدعوة بالمقاطعة لها مبرراتها وأيضا منها المشترك مع دعوة المشاركة بالتعبير بالرفض، ولكني هنا سأوضح وجهة نظري كأحد الداعين للمقاطعة في ثلاث نقاط أساسية بعيداً عن مبرر أن المشاركة ستعطي شرعية دستورية للنظام حيث انه نظام انقلابي لا شرعية له والمشاركة في أي عمل انتخابي يقوم به هو باطل:

١- هذا النظام قائم علي انقلاب وحكم عسكري أي أن المواطن عبارة عن جندي يجب أن يطيع الأمر حتي لو لم يحلو له، فهنا المقاطعة لها دلالة بعدم الاعتراف بهذا الأمر خصوصاً وأن النظام لا يهمه ما سأدلي به من الأساس، فحينها أن زادت رقعة المقاطعة بشكل أكبر من عمليات الاقتراع السابقة ستسبب ارباك للقائمين علي هذا النظام مما تزيد لدي المعارضة فرص الانقضاض علي الميادين في لحظات الارتباك التي ستؤثر بالقطع علي قوة النظام في أحكام ملاحقة المعارضين.

٢- القائد العسكري له استراتيجيات أخري وهي عبارة عن رصد للحالة المعنوية للمواطن وكيفية التعامل معاها طبقاً للأحوال المعيشية والتغييرات التي تحدثها الإدارة السياسية، فهناك إدراك بأن المواطن مشحون بشحنة غضب ويجب امتصاصها من خلال خلق معركة له يخوضها لتفريغ تلك الطاقة وفي ساحات محددة والسيطرة والقوة والتحكم فيها للنظام بعيدة عن الخروج العشوائي للميادين، وحتي وإن ظهرت النتائج علي غير رغبة المواطن فقد فرغ جزء من شحنته وبعدها ستستبدل باليأس مع الحديث عن وعود من النظام لتحسين وضعه، ومن هنا وجب علينا المقاطعة حتي يدرك أن النظام أن هناك بالتأكيد ردة فعل غير متوقعة من المواطن قادمة لا محالة، حيث انه يري المواطن في هذه الحالة كالمتفرج من نافذة منزله متوعدا لهم ليس مستكيناً ولا يآسا، بل انعكست المعركة المعنوية ضد النظام.

٣- المجتمع الدولي الذي لا يري إلا من يُسير مصالحه حتي ولو مجرم، ولكن هم أيضا في حالة ترقب ورصد لجميع ردود الأفعال ومن جميع الأطراف حتي يطمنوا تسيير مصالحهم في أي وضع ستؤل إليه البلاد، فعندما يرون تلك الحالة التي تكمن في عدم الرضي وعدم مشاركة النظام لأي إجراء يقوم به، حتما سيكون هناك ضغط علي النظام ليس بما يرجوه المعارضة ولكن هذا الضغط مع الإرتباك من حدوث أي ردة فعل من الشعب خصوصاً مع حركة الشعوب في بلدان مجاورة مثل الجزائر والسودان الذين لا يرتضوا لأنفسهم بمصير الشعب المصري سيجعل للنظام نقط ضعف كثيرة ستعود بالفائدة لأي تحرك من المعارضة ضده وسيحدث تخبطات بأركان القوة لديه الذي يحاول الأن شراءها بالأموال وكثيرا من الامتيازات والرفاهية.

ما يشترك بين الإثنين هو إيضاح إنذار للنظام دليل علي رفضه، وفي الحالتين سيظهر التلاعب بالنتائج، والطرفتن يريدان تحريك الشعب من سكينته ومحاولة لكسر حاجز الخوف من بطش النظام، ولكن تحديد القرار بالمقاطعة أو المشاركة لابد أن يكون نابع من إدراك ردة فعل النظام الغاشمة، ويجب علي الطرفين إدراك التوقيت جيدا، والمقاطعة أو المشاركة دون إدارة أو دون وضعها كخطوة من خطة لكسر جناح البطش أم هو عبارة عن حالة نحياها وتمر مرار الكرام كسابقتها؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.