شعار قسم مدونات

زمن جياع الشهرة.. مشهورون لكن فارغون!

blogs - socialmedia- photo

كنت أتردد كل مرة وأنا أبدأ الكتابة حول هذا الموضوع، إلا أنني ألغي كتابته بدافع أن لكل واحد الحق في السعي وراء ما يريده. الآونة الأخيرة، كثر التضارب حول الشهرة، لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي تحقق غايتها، بل أصبح الكل ينشد فيها باسم الشهرة رغم أنه لا يملك أي موهبة أو ديبلوم معين! مشهورون لكن فارغون!

لا أنكر طبعا أن للأضواء بريق خاص يصعب على الإنسان تجاهله وقد ينحني بأي لحظة لهذه الأضواء ويقوم باسترخاص نفسه والتهريج بذاته امام الملأ من أجل أن يكون شخص معروف ومرموق في المجتمع مهما كانت نوعية الرسالة التي يقدمها في وسائل التواصل الاجتماعي. هذه المشكلة كالمرض أو الهوس للذين يلهثون وراء هذا الطريق المليء بالمحطات قد تكون الأسباب وراء هذه المشكلة نفسية، وقد تكون شخصية تتعلق بافتقار الشخص نفسه للعلاقات الاجتماعية فتدفعه لخوض هذا الطريق الذي هو ليس أهلاً له من الأساس.

الشهرة لن تجعلك تعيش في راحة تامة وسعادة حقة فكل شيء سيكون محسوبًا عليك في حياتك فكلما التفت برأسك يمينًا أو يسارًا ستلاحظ بأن كل شيء حسب عليك من قبل المجتمع الذي تعيش فيه

أضف إلى ذلك، باتت الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي تعتمد على القدرة على تجميع أكبر عدد من الإعجابات والتعاليق، مما خلق مجتمعات تفضّل الصورة على الحقيقة، والنسخة على الأصل، والتمثيل على الواقع، والمظهر على الجوهر. قُدِّس الوهم وأصبحنا نعيش في مجتمع هدفه الاستعراض. أصبحت تقاس نجاح العلاقات الأسرية بجمع أكبر كم للايكات والمتابعين، أصبح تقييم الأشخاص من الصور المأخوذة بالفيلترات لا بعقولهم وشخصيتهم!

الكل يدعي الفاشن والجمال والشعر والكتابة رغم أن لا علاقة تجمعه بكل هذه الميادين التي أراها تتطلب العديد من السنوات لتمتلكها بحوزتك كمهوبة مصقولة! شخصيا، أصبحت أرى الكل شاعراً وكاتبا وأصبح الكل يبحث عن الشهرة ولو بقصيدة واحدة وكتاب واحد قرأه، وعلى أننا كنا في السابق نبحث عن المبدع من الأدباء، إلا اننا الآن لم نعد نفرق بين الجيد والرديء. بعد أن تراودت في ذهني المثير من التساؤلات حول السبب الذي يدفع هؤلاء إلى الرغبة في الشهرة، قمت ببحث شامل وجمعت آراء فلاسفة وعلماء نفس واختصاصيين هي كالآتي:

 
جيفري هانكوك، أستاذ التواصل بجامعة ستانفور، يُفيد أن فيسبوك قد يملك تأثيرا إيجابيا على تقدير الذات لدى طلاب الجامعات؛ لأنه في الغالب يُظهر النسخة الإيجابية من أنفسنا. كذلك، وجدت دراسة أخرى تفيد أن استعراض وتعديل حساب الفيسبوك الخاص بك، يمكنه أن يُعزز ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك. وبيّن محمد الزايد في إطار أخلاقيات الشهرة، أنّ هناك ولعا بالشهرة قد يصل لدرجة الهوس الذي أوقع بكثيرين في شباك المشاكل المعقدة، موضحاً أنّه لا بأس بالبحث عن الشهرة، لكن أن تتبع الأخلاقيات المعروفة في المواقع، فهناك من يوقعه حب الظهور في التصادم مع الأصدقاء المضافين أو المتابعين، والإساءة للغير بقصد أو غير قصد، وقيادة حملة ضد آراء مجتمعه، والبعض من هؤلاء الباحثين عن الشهرة تم استدراجهم لأغراض ليست من أخلاقيات المجتمع.

أما بالنسبة لبرينشتاين، فيرى بأن الرغبة في الشهرة قد يسعى وراءها الناس لتُخفي إحباطا أو اضطرابا نفسيا غير مشخّص، كما تقدم الشهرة وعدا -كذلك- بالهروب من العزلة، سواء كان ذلك حقيقيا أو بصورة متخيلة. إنها تردع المنتقدين، بل وربما تعتصر بعض الفُتات من التقدير من أولئك الذين استكثروا علينا الابتسامة بينما كنا نتشبث بطريقنا للخروج من أرض النكرات.

الشهرة لن تجعلك تعيش في راحة تامة وسعادة حقة فكل شيء سيكون محسوبًا عليك في حياتك فكلما التفت برأسك يمينًا أو يسارًا ستلاحظ بأن كل شيء حسب عليك من قبل المجتمع الذي تعيش فيه، وإن اقترفت أبسط الأخطاء، الشهرة قد تجعل من حياتك الشخصية عامة، ومن مشاكلك مزحة ونكتة. إن كنت تريد الشهرة حقا، ابحث عن موهبتك على هذه الأرض وقم بتطويرها جيدا، لا بأس، خذ وقتا طويلا لذلك وأرنا بعد ذلك محتوى جيد مبني على أسس وقيم وأخلاق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.