شعار قسم مدونات

هل ننتظر نزول الوحي لإكمال حكومة العراق المعقدة؟

blogs انتخابات

عاماَ كامل، مر على الانتخابات العراقية، وحرب الصراعات المتهالكة ما زالت مستمرة، أنقضى العام ولم تتوصل الحكومة إلى قرار لتشكيل الحكومة !، عقدة تضع الجميع في حيرة من أمره، وربما تصنف بأنها عقدة القرن الحادي والعشرين في العراق.

 

جرت الانتخابات العراقية في 12 مايو، 2018 لانتخاب 329 عضواَ في مجلس النواب العراقي والذي بدوره ينتخب رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية، وكما هو معروف أنتظر الجميع نتائج هذه الانتخابات والأمل يراودهم لتغيير الحال إلى أفضل وانتخاب أشخاص ينظرون إلى البلاد التي تحتويهم وليس إلى البلاد التي تمولهم.

 

مرافقة البداية للنهاية

انتهت الانتخابات والترقب بات هو المسيطر على الساحة، هناك لحقت بنا البداية لتقول إنني لم انتهي، فأنصاري خسروا وأنا أعترض، لسان حال الحكومة الإيرانية، أما الأخرى فجاءت لنا لتقول، أنصاري ربحوا المعركة، فأنا شريك بها، لسان حال الحكومة السعودية، وعلى هذه الحالة سلب حق المواطن العراقي من إبداء رأيه، فالدولارات هنا وحدها من تعتلي المنصة وتتكلم.

 

لم يعد أمر العراق بيده، ولم تعد حضارته تشفع له "سياسيا" بكونه بلد ذات سيادة حادة وله مكانته التي كان يتمتع بها أمام أقوى الدول، فالتدخلات الخارجية باتت تهيمن على السياسة العراقية بكاملها

سائرون فازت، والفتح المفضل إيرانيا جاء بعدها، أما الدعوة وأنصاره فحلت بهم لعنات وخيبات لا مثيل لها، وهنا بدأ الحلفاء بالتدخل، فإيران تريد الرئيس فتحاوياَ، والسعودية تريده صدرياَ، بحكم تقرب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من السعودية، أما العراق فلا يحق له اختيار من يمثله، وكل ما عليه هو تحمل لعنة الحكومة لأربع سنوات جديدة.

      

وزارة بلا وزير

يضم العراق 22 وزارة بعد التقليص، وتشكل هذه الوزارات العمود الفقري للحكومة العراقية، وتحتل وزارتي الداخلية والدفاع نسبة كبيرة من الأهمية وربما تعدان أهم وزارتين في العراق في ظل الأوضاع غير المستقرة التي يواجهها البلاد، لكن الملفت للانتباه والمثير للسخرية، أنه جرى التفاهم على جميع الوزارات وتنصيب وزراء لهم "باستثناء" هذين الوزارتين، حتى ان العراق الان يخوض صراع عسكريا متفاوتا من غير وزير لجيشه>

 

ولأن المنصب يطغي على أهمية روح المواطن، وبكون وزارتي الدفاع والداخلية يحظيان بميزانية طائلة، ظهرت لنا حقبة جديدة من الصراعات لكنها ليست عسكرية هذه المرة، بل أنها كانت داخلية ومن رحم البرلمان حول من سيتولى أدارة هذه الوزارتين والتربع على عرش الثروة التي يجلبانها.

 

شهدت الصراعات حول هذا المنصب تدخلات داخلية شديدة بل وحتى دولية، فالعراق بات منقسما إلى معسكرين مقر الأول في طهران والثاني في الرياض، الأولى تسعى إلى تثبيت قدم بلادها في العراق "عسكريا" والثانية تسعى لإعادة العلاقات إلى بداياتها عبر تكوينها حلفاء "عسكريين" في هذا المنصب. لم يحسم الأمر بعد، فحتى الذي كان بحوزته منصب رأى نفسه محقاَ في طرح أسمه للدفاع والداخلية، فلسان حاله يقول الجميع يرومون الوصول إلى الكعكة، لأشارك معهم وأن لم أنجح لأقطعها على الأقل.

   

رئيس الوزراء عاجز، وقائد البرلمان غير متفرغ تماماَ، أما رئيس الجمهورية الذي يعد الأفضل من بين الجميع غير قادر على التصرف لأنه بكل بساطة، يداَ واحدة لا تصفق، ورئيس واحد لا يمكنه الوقوف بوجه كل الدول المذكورة. لم يعد أمر العراق بيده، ولم تعد حضارته تشفع له "سياسيا" بكونه بلد ذات سيادة حادة وله مكانته التي كان يتمتع بها أمام أقوى الدول، فالتدخلات الخارجية باتت تهيمن على السياسة العراقية بكاملها، أما معضلة الوزارات فلا أحد قادر على إكمالها سوى شخص واحد، وهو نزول الوحي من السماء لتشكيلها من ثم الرجوع.

   

لم تعد عجائب الدنيا سبع، فالعراق حل ثامنها، باعتباره البلد الوحيد الذي أمره ليس بيده ويعجز عن تسيير أموره الداخلية من دون الاستعانة بالجانب الإيراني صاحب المصلحة فيه، وكذلك الجانب السعودي الذي كان يتفنن بأرواح أبناءه قبل أن ينسى سياسيو العراق كل ذلك بسبب القليل من الدولارات والمناصب، ليبقى أمل الشعب العراقي المسكين معولا على نزول وحيه من جديد، لكن وبخلاف نزوله ستبقى هذه الوزارات بلا وزير وسيبقى الجيش العراقي بلا قائد، وسيبقى الحال على ما هو عليه، حتى مجيء الانتخابات الأخرى ليتم بذلك الوقت تغيير الحال ولكن نحو الأسوأ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.