شعار قسم مدونات

ألغام بوتفليقة التي يجب تفكيكها

blogs الجزائر

ما يحدث في الجزائر ليس بمنأى عما يحدث في البلدان المجاورة والعالم ككل، قد يراها البعض ثورة سلمية لتحرير البلاد من الفساد الذي استشرى في البلاد منذ عقود ونخر مؤسسات الدولة وقضى على اقتصادها، في حين يراها آخرون أنها ثورة سلمية لتصحيح مسار البلاد والبحث عن سبل العيش الكريم في ظل أوضاع تقبل أن يعيش فيها الدكاترة المهاجرين والأدمغة المهجرة، ويذهب شاببها عبر البحر إلى دول أوربية سياحا لا حراقة!

 

بعد 22 فيفري (شباط) الماضي كسر الشعب حاجر الخوف من السلطة، وأصبح يمارس حقوقه مثل ما هو منصوص عليها دستوريا، أصبحت يتجمهر ويخرج في المسيرات، أصبح يتحدث على الشاشات دون خوف الذي لازمه مدة من الزمن. كل جمعة كانت بمثابة الدرجة تعلوا بالمطالب من جمعة لأخرى وأصبحت سقف المطالب كبير.

 

رحيل بوتفليقة مخير لا مجبر!

بالنظر للمتغيرات التي تحصل وتصاعد الأحداث، تظهر جليا أن استقالة بوتفليقة كانت واردة في السيناريو وكانوا يدركون أنها سوف تحصل ذلك الأمر عاجلا أو آجلا، لكن مع استقالته ظهرت هناك ألغام كثيرة إذا لم نقم بتفكيكها سوف تفجر الوضع وتذهب بنا إلى واقع مجهول بل وأسوء مما كنا فيه. يجب التعامل مع الألغام التي تركها بحذر شديد دون استعمال العاطفة ولا التسرع والنظر للصورة الكاملة من أجل تقييم الأزمة الملغمة التي نحن فيها.

خرج لنا "غول" بتصريح أشبه بأنه لا يعيش في البلاد بقوله إن بن صالح رئيس للدولة بقوة الدستور. عجبا! أين كان هذا الحس الدستوري وأين كان هذا الدستور من كانت البلاد تغتصب وتعم بالفساد والسرقة والتزوير وتلاعب بمصير 40 مليون جزائري

أحد تلك الألغام هو منصب بن صالح الذي كان رئيسا لمجلس الأمة وبتطبيق المادة 102 من الدستور أصبح رئيسا للدولة في حين أن بن صالح مرفوض شعبيا ومغضوب عليه، لكنه فرض بقوة الدستور التي تدعوا قيادة الأركان للبقاء فيها من أجل المرور بسلاسة لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد. اللغم الثاني هو حكومة بدوي التي سوف تشرف على الانتخابات القادمة "جويلية" هي نفس الحكومة التي كانت عهد فخامته والوجوه بقي كما هي، وهذا ما يزيد في غضب الشعب، كيف لمن كان خادما وموظفا في حكومة " العصابة " يضمن أن تكون الاستحقاقات القادمة شفافة!

 

اللغم الثالث هو الطيب بلعيز وقضية إعادة تعيينه في منصبه الحالي كرئيس للمجلس الدستوري بعد أن كان سابقا في هذا المنصب شهر مارس 2012 الى غاية سبتمبر 2013، والدستور حسب المادة 183 من الدستور التي تنص على تعيين رئيس مجلس الأمة لعدة واحدة "أي فترة واحدة"!، الطيب بلعيز مغضوب عليه وهو الذي قبل ملف ترشح الرئيس للاستحقاقات التي أجلت، إذا كيف نثق بمن كان شريكا في إيصالنا للوضع الراهن!

 

المخرج الوحيد للأزمة الحالية في إطار دستوري

الوضع لا يبشر على أنه سوف يتخذ منحى جيدا خاصة بعد الجمعة الثامنة، الشعب مصر على رحيل الباءات ولن يدخل بيته دون ذلك، الرهان الآن هو على المؤسسة العسكرية "بتحفظ" لمرافقة العملية السلسة للخروج من الوضع الراهن، فالمؤسسة العسكرية هي التي تقول إن الحل يكمن في الدستور.

 

على قيادة الأركان الضغط على الطيب بلعيز للاستقالة "سواء إجبارا أو بمحض إرادته" وتعيين شخصية توافقية في خلفا لها "كاليامين زروال على سبيل المثال لا الحصر"، وبعد ذلك الضغط على بن صالح لتقديم استقالته "طبعا بنفس الأسلوب الذي استقال به الرئيس"، بعد استقالته سيكون رئيس المجلس الدستوري الجديد هو رئيس الدولة بحكم رئيس الدولة مستقيل سلفا، بعد هذه التغيرات على بدوي تقديم استقالته وحكومته لرئيس الدولة، ويتكلف رئيس الدولة الجديد بتشكيل حكومة كفاءات جديدة تضمن تنظيم انتخابات نزيهة وشريفة بمرافقة المؤسسة العسكرية. هكذا يرحل بلعيز ثم بن صالح ثم بدوي.

 

شخصيات تستفز الحراك

خرج لنا "غول" بتصريح أشبه بأنه لا يعيش في البلاد بقوله إن بن صالح رئيس للدولة بقوة الدستور. عجبا! أين كان هذا الحس الدستوري وأين كان هذا الدستور من كانت البلاد تغتصب وتعم بالفساد والسرقة والتزوير وتلاعب بمصير 40 مليون جزائري هذا عبث في عبث، في نفس الوقت صرح "أويحى" وهو رئيس الحزب الذي خرج منه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح بقوله إن "الحراك ضرب الشبك"، أي بمعنى أن الشعب بعد 7 جمعات ومسيرات مليونية مجرد ضرب ريح في بعض الشباك! هذا "الأويحى" قد صال أنه سوف يترشح للرئاسيات التي تقررت في 4 جويلية القادم ولا ننسى أن رئيس الدولة بن صالح ضمن نفس الحزب.

 

المحيط الإقليمي المتعطش للحرية

الجزائر أصبحت تتوسط حدود مشتعلة على كافة الأجواء والأصعدة، تونس لا تزال تحارب بقايا الإرهاب من تنظيم الدولة وسلسلة الهجمات الإرهابية التي هلكت البلاد والعباد. ليبيا ليس أقل شأنا بل هي التي أصبحت ورقة الرابحة في يد الغرب لتحريك المنطقة والتأثير على بلدان الجوار عبر بيادقها التي تتحارب في الأرض بالوكالة.

 

السودان والتي أصبحت حالها كمثل المرأة التي كانت عاقر لمدة 30 سنة وحين حبلت، أنجبت مولودا مشوها! فلا هي شكرت ولا هي حزنت. مالي التي ينتفض شعبها على القوات الفرنسية التي تعيث فسادا وتدميرا في دولتهم في حين أن المغرب تستعرض عضلاتها على الأخت الأكبر منها منها "الجزائر" حين علمت أنها على خلاف بين أولادها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.