شعار قسم مدونات

طاهر أبو فاشا.. الجانب الخفي للشاعر الذي غنت له أم كلثوم!

blogs طاهر أبو فاشا

عرفت الهوى مذ عرفت هواك

وأغلقت قلبي عمّن سواك

وقمت أناجيك يا مَنْ ترى

خفايا القلوب ولسنا نراك

   

قصيدة نرددها جميعاً كأنها قيلت على لسان رابعة العدوية والحقيقة أن رابعة لم تقل من تلك الأبيات سوى أربعة أبيات فقط من بداية أحبك حبين أما بقية الأبيات فكانت من تأليف الشاعر والكاتب الإذاعي الكبير طاهر أبو فاشا رحمة اللَّه عليه وذلك عندما طلبت منه أم كلثوم أبيات رابعة العدوية لكي تُغنيها ولكنه رأى أن أربعة أبيات فقط لن تصنع أغنية فقرر أن يُكملها هو ويصنع منها قصيدة متكاملة.

 

لكن الغريب هو قدرة كاتبنا طاهر أبو فاشا في دمج أبيات مع أبيات رابعة العدوية وتظهر كأنَّ كاتب تلك القصيدة شخص واحد وليس اثنان وإن دلَّ ذلك على شيء فإنه سيدل على عمق العلاقة التي كانت تربط طاهر أبو فاشا برابعة العدوية بدأت تلك العلاقة منذ أن كان صغيراً ويجلس في دكان والده ويدخل عليهم الشيخ رزق ويقص عليهم قصص رابعة العدوية وعشقها الإلهي ومنذ ذلك الوقت لم يترك كتاباً من كتب السيرة يتحدث عن رابعة العدوية إلا وقرأه حتى اندمج أسلوبه مع أسلوبها.

 

كان أول أعماله في الإذاعة أفراح النيل مع الإعلامي كروان الإذاعة محمد فتحي وقد أحدث ذلك البرنامج ضجة كبيرة في وقتها وذلك ما شجعه للإستمرار في العمل الإذاعي ومن ثم بعد ذلك توالت عليه الأعمال الإذاعية

طاهر أبو فاشا ولد يوم 22 ديسمبر لسنة 1908 م في مدينة دمياط حيث تلقى تعليمه الأولي ونشأ في أسرة متوسطة كان والده تاجر حبوب وكان من المفترض أن يكتسب مهنة والده حيث تجري عادات وتقاليد دمياط ولكن نظراً لأن تجارة الحبوب تجارة راكده فقرر والده أن يُعلمه صناعة الأحذية وبالفعل ذهب وتمكَّن من تلك الصنعة ونال إشادة الجميع ولكنَه ترك تلك الصنعة لأنه كان الابن الوحيد لأسرته وهذه الصنعة صعبة تحتاج إلى مجهود كبير ولأنها جلبت له مشاكل سياسية فقررت والدته أن تُبعده عن تلك الصنعة نهائي ثم بعد ذلك التحق بالمعهد الديني الملاصق لدكان والده فحفظ القرآن الكريم كاملاً في شهور قليلة مع تجويده أيضاً فكان يمكث في مكتبة المعهد طوال الوقت حيث قرأ كثير جداً من الكتب من ضمنها كتب المنفلوطي الذي تأثَّر به تأثيراً كبيراً.

 

كان أول ديوان يؤلفه طاهر أبو فاشا هو ديوان صدق الشباب قبل أن ينتهي من مرحلة معهد دمياط ثم بعد ذلك انتقل إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف وهناك التقى بكبار الأدباء والكُتاب أمثال حافظ إبراهيم ولطفي باشا السيد ولكنه فُصِل من المعهد بسبب تظاهرهم في حوش المعهد لرغبتهم في إقامة حفل تأبين لأحمد شوقي ولكنه لم ييأس وظل يكتب شكوته لكل المسئولين حتى أنه كان يُنظِم شعراً يتحدث عن الظلم الذي تعرَّض له وبالفعل انتصر لنفسه وتم إلغاء قرار الفصل وعاد إلى المعهد مرة أخرى.

 

وبعد أن انتهى من المعهد التحق بكلية اللغة العربية عاماً واحداً فقط ثم بعد ذلك التحق بكلية دار العلوم وبعد أن تخرَّج من الكلية وكان من الثلاثة الأوائل تم تعيينه في قرية من قرى أسوان بعيده كثيراً فلم يستطع العيش فيها لظروفها فكتب شعراً يُخاطب به المسئولين عن عدم قدرته ومعاناته في ذلك المكان فتمت الإستجابة وتم نقله إلى الواحات الخارجة ويقول عن أيامه فيها أنها كانت من أحلى أيامه والتحق بعد ذلك برابطة أدباء العروبة وبعد ذلك تم نقله لوزارة المعارف.

  

"بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد والنظر السديد"

مازال صوت الفنانة زوزو نبيل وهي تردد تلك الكلمات يتردد إلى مسامعنا وتقص قصص ألف ليلة وليلة الإذاعية تأثرنا بتلك القصص والحكايات كثيراً وكثير منا لم يلتفت إلى كاتب تلك القصص الشهيرة للإذاعة وهو كاتبنا طاهر أبو فاشا والذي قال أن تلك القصص هي ناتج تأثره بحكايات جدته له وأيضاً الحكايات التي كان يسمعها في خان الخليلي وهذا السر وراء إحساس كل مَنْ يسمع تلك القصص بأنها تنبعث منها رائحة خان الخليلي والحسين والسيدة زينب مصر القديمة عامة حيث ألَّف طاهر أبو فاشا 800 حلقة من ألف ليلة وليلة للإذاعة وأكثر من 200 عمل فني مختلف للإذاعة وكانت هناك علاقة تربط بين طاهر أبو فاشا والإذاعة والتي قال عنها أنها أشبه بالجنايه لأنها صرفته أكثر من ربع قرن عن الشعر الذي يُعتبَر عشقه الأول.

  

كان أول أعماله في الإذاعة أفراح النيل مع الإعلامي كروان الإذاعة محمد فتحي وقد أحدث ذلك البرنامج ضجة كبيرة في وقتها وذلك ما شجعه للإستمرار في العمل الإذاعي ومن ثم بعد ذلك توالت عليه الأعمال الإذاعية مثل سلسلة أعمال الحصاد وغيرها، وكتب أيضاً في أدب الرحلات كتابه وراء تمثال الحرية أثناء رحلته إلى أمريكا، وهو كاتب العشق الإلهي، ومن دواوينه الأشواك والقيثارة السرية وراهب الليل والليالي. نال طاهر أبو فاشا جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1988 م وتوفي رحمة اللَّه عليه 12 مايو 1989 م.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.