شعار قسم مدونات

مرتضى منصور.. ملك الانسحابات الوهمية

blogs مرتضى منصور

تبدو شخصيته عادية ككثيرٍ من المتلفظين بالألفاظ النابية، أو من يظهرون قدرًا من عدم ضبط النَّفس، ممَّن مروا أو يمرون في الميادين والشوارع ويلقون المارة بالكلمات ويختلقون الأزمات، ولكن مع هذا الرجل فالموضوع برمته ليس طبيعيًا، فالرجل الذي تجاوز الستين من العمر عمل وترقَّي في مناصب يصعب على الكثيرين في مصر أن يصلوا لها فهو يعدُّ واحدًا من ممثلي نخبة المجتمع المصري، وكيف لا؟  وهو قاضٍ سابق ومحامٍ شهير وبرلماني حالي وكان لديه النية للترشح للرئاسة، وإلى جانب كل هذا رئيس واحد من أكبر الأندية الرياضية المصرية والعربية نادي الزمالك

  

سلسلة الانسحابات التي عاش داخلها منصور طويلًا بدأت منذ نحو أربعة أعوام تقريبًا، بداية بإعلانه انسحابه من الدوري المصري بسبب إيقاف اللاعب معروف يوسف للتوقيع للنادي الأهلي والزمالك معًا، مرورًا بإعلانه الانسحاب بعد خسارة الزمالك من إنبي بهدفين بداعي الظلم التحكمي الذي أنسحب على إثره أكثر من 5 مرات وفي كل مرة وكعادته يتراجع

 

أنسحب مرتضى منصور في سنة واحده ثلاث مرات كانت في موسم 2014/2015 ليفوز بلقب الأكثر انسحابًا في مصر لموسم واحد. وفي موسم 2015/2016 أنخفض مستواه وانسحب مرتين فقط هما: بعد هزيمة الزمالك أمام طلائع الجيش بنتيجة (3/2) خرج مرتضى منصور وأعلن عدم استكمال الدوري اعتراضًا على القرارات التحكيمية في هذه المباراة التي وصفها بالظالمة، إلا أنه تراجع عن قرار الانسحاب في نهاية الأمر.

 

في نفس الموسم أعلن مرتضى منصور عدم خوضه مباراة القمة أمام الأهلي على ملعب برج العرب، مهددًا بالانسحاب من الدوري، واستقالة مجلس الإدارة بالكامل، ليقام اللقاء في النهاية على ملعب برج العرب، ويتراجع رئيس الزمالك عن قرار الانسحاب، نظرًا للعقوبات التي كادت تنال النادي في حالة انسحابه.

 

انسحابات مرتضى منصور لم ولن تنقطع، فشارك في موقعة الجمل ثم أنكر مشاركته ليعود مرة أخرى ويؤكد مشاركته، ليس هذا فحسب خرج علينا وقال بإن أحمد ابنه شارك في الثورة ثم عاد وسبَّ من شارك فيها

من الممكن أن تتغاضى عن كل هذه المرات، ولكن المشهد الأكثر غرابة كان مشهد انسحاب الزمالك من الدوري بقرار من مرتضى منصور في مباراة لم يكن الزمالك طرفًا فيها من الأساس! القرار جاء على خلفية طرد لاعب المقاولون العرب في لقائه أمام الأهلي، اعتراضًا منه على التحكيم، إلا أنه عاد وتراجع عن قراره بعد 72 ساعة فقط! مرتضى منصور لا يعتدُّ به منسحبًا فقط في الكرة ولكنه أيضًا منسحبٌ في كل المواقف لإثارة الأزمات ولحبه في الظهور.

 

انسحب مرتضى من القضاء في أزمة فيلم الأفوكاتو الشهيرة التي سنحكي قصتها بالتفصيل، كانت بداية شهرة مرتضى منصور في المجتمع المصري عام 1984، عندما قدم نحو 150 محاميًا معتبرين الفيلم إهانة للمحاماة والقضاء وعرضت القضية على القضاء وحددت لها جلسة أمام المستشار وقتها مرتضى منصور فأصدر حكمًا صادمًا بالحبس عامًا لكل من الفنان عادل إمام والمخرج رأفت الميهي وممثل آخر، بتهمة إهانة القضاء والمحاماة.

 

تسبب ذلك الحكم في إثارة جدل ليصدر قرار بوقف تنفيذ الحكم، ليهاجمه عادل إمام في حوار صحفي في أحد الصحف ويتقدم مرتضى بقضية سب وقذف ضد عادل إمام ويحصل على حكم ضد الفنان المصري بالحبس 6 أشهر وتعويض مليون جنية ويتوسَّط البعض لحل الأزمة ويرضى مرتضى بالصلح ولكن بشرط إنفاق المليون جنيه في إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف اعتذارًا من عادل إمام، تلقف مرتضى الفرصة التي جعلت اسمه في السماء بين ليلةٍ وضحاها وأعلن استقالته من أعلى منصة القضاء في أداء استعراضي ويتفرغ للمحاماة ويصبح محامي المشاهير من فنانين ولاعبي كرة قدم.

 

ربما تعتقد أنَّه قطبٌ مغناطيسي جاذب للمشكلات والأزمات والصراعات، فهو يعيشُ في وهم المؤامرة الكونيَّة التي تُحاكُ ضده لمنعِ نجاحاته، لكن الحقيقة أنَّهُ يستغلُّ أيّ فرصةٍ للتسويق لنفسه لكسب شهرةٍ واسعة. انسحابات مرتضى منصور لم ولن تنقطع، فشارك في موقعة الجمل ثم أنكر مشاركته ليعود مرة أخرى ويؤكد مشاركته، ليس هذا فحسب خرج علينا وقال بإن أحمد ابنه شارك في الثورة ثم عاد وسبَّ من شارك فيها.

 

وأعلن دخوله انتخابات الرئاسة الماضية ضد السيسي ثم أعلن انسحابه في مشهد معتاد، كما هدد بالانسحاب من البرلمان وأقسم بالطلاق أنه لن يقرأ الديباجة التي تتضمن كلمة 25 يناير ثم عاد وقرأها كما هي لا زيادة ولا نقصان. وغيرهم الكثير من الظاهرة الصوتية الأكثر ضجيجًا في مصر ليبقى السؤال إلى متى سيظل مرتضى منصور متصدرًا للمشهد الرياضي في مصر ويهابه الجميع ؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.