شعار قسم مدونات

ذلك السلم الداخلي الذي نبحث عنه دائما

blogs تفكير

دائما ما نعتقد أن ذلك السلام الداخلي سيكون في نهاية ذلك العمر وقد شاب ذلك الوجه، نبحث عنه طويلا في رحلة الحياة، ونقول لربما سنجده في المال وربما بتلك العائلة التي قد حلمنا يوما أن ننشأها أو لربما ذلك المنصب الذي سعينا له سنينا.

 

نؤمن أن ذلك السلام سيكون في تلك العزلة مع النفس بعيدا عن بنو البشر لعله في ذلك المكان البعيد في منزل أشبه بتلك الأفلام أمام مدفئة نجلس وقتها نعيد ذلك الشريط من الحياة لتستذكر تلك الأحداث من العمر الذي قاتلنا وقتها بشراسة لنصل لهذا اليوم من أجل السلام والذي قضينا سنوات وسنوات نبحث عنه أو يكون النتيجة النهائية لكل ذلك، تجلس أمام مدفئتك وحيدا تهز ذلك الكرسي ذهابا وايابا وقد اعتزلت ذلك العالم الذي امتلئ بكثير من الأحيان بالحروب والظلم والاستبداد جميعنا يبحث عن ذلك السلام الداخلي في أوطانه وعائلته ومجتمعه نبحث عنه في وجوه الناس لعلنا نراه فيهم.

 

فنحن ننتظر النهاية دائما وأن تكون جميلة بسلام داخلي مع أنفسنا متسامحين معها ومع الاخرين فلم نولد من أجل أن نخوض معاركا ولدنا لنحيا بسلام وهي الصفة المشتركة بين البشر جميعا ولكن فكر الاستقواء والانا جعلت ذلك السلم يجف في عالمنا أكثر فأكثر واستغلال بنو البشر لبعضهم جعل ذلك الإنسان الذي ولد بالفطرة أن يتلوث بعوامل الأحداث وغيرت تركيبته النفسية ليصبح أكثر لا إنسانيا في كثير من الأحيان.

 

أولئك الباحثون عن السلام في حياتهم أحيانا هم أكثر الناس دفاعا وشراسة من أجل قيمهم ومبادئهم وأحيانا من أجل الأخرين فهم فئة يجدونه في قتالهم وكثيرا يكون ذلك قدرهم في تلك الحياة أن سلامهم الداخلي ينبع من تلك القيم والمبادئ التي حملوها معهم وأن ذلك السلام أحيانا لا يكون في النهايات بل هو في كل قتال خاضوه يوما.

 

ذلك السلام الذي منح إليك عندما جمعك ذلك القدر بمن أحببت فهم من منحوك ذلك السلم، فمجرد لقائهم أو الحديث معهم سيمنحك ذلك الشعور

لطالما ارتبط السلام مع الحروب فكل يوم بحياتنا هي عبارة خوض لمعارك من أجل لقمة العيش وحياة أفضل نسطر في كل يوم أحداثا تجعلنا أبعد ما يكون عن كلمة السلام فكلما زادت تلك المعاناة تلاشت أكثر فأكثر، وذلك السلام الداخلي يصبح حلما بعيدا نتمناه في نهاية المطاف من تلك الحياة.

 

كلمة السلام أصبحت معقدة في عالمنا الآن فلا يوجد لها تفسير في معاجمنا أو أصبحت كحلم بعيد أو من تلك الأمنيات التي يصعب تحقيقها فهي كلمة بلا طعم ولون فلا نستطيع حتى تخيلها في أحلامنا وكلما تأتي لذلك الفكر نزداد بؤسا وإحباطا. هي فقط موجودة في معاجم الكتب نقرأها ونحلم أن تكون حقيقة يوما.

 

ولكن وفي هذا العالم وهؤلاء الحالمون بذلك السلام لربما لن يجدوه في النهاية ولا ينتظروه ليحصل بل تجمعهم تلك الأقدار مع من يحبون بصدق ليمنحوهم ذلك السلام فهو ليس نتيجة ستصل إليها هي حالة استثنائية تجعلك ترى هذا العالم بكل جنونه ومعاركه هو مكان هادئ ومفعم بالحياة، ذلك السلام الذي منح إليك عندما جمعك ذلك القدر بمن أحببت فهم من منحوك ذلك السلم، فمجرد لقائهم أو الحديث معهم سيمنحك ذلك الشعور بمجرد أن يبدو قلقهم وينظرون إليك ليقولوا نحن معك نقف بجانبك بكل أحوالك.

 

ينتشلون يديك من تلك يمسحون غبار تلك المعارك التي خضتها ومازلت تشعر بدفء قلوبهم، وكأن ذلك البيت الذي حلمت أن تكبر فيه أمام مدفأتك قد اختزل بهم. وذلك الدفء والأمان التي طالما انتظرت هو حاضر معك وأنت في وسط معاركك في تلك الحياة. ذلك السلام سيمنحك اياه من أحببت يوما ولن تنتظر ذلك الدهر لتحيا فيه فهو في كل اعوامك ولحظاتك.

 

لا تنتظروا أعواما لكي تجدوا سلامكم الداخلي بل ابحثوا عمن سيمنحكم ذلك السلام فهو ليس نتيجة بل هو شعور وحياة تلازمكم مع من أحببتم يوما. وسيبقى معكم لذلك العمر فكلما تذكرتموه وأعدتم ذلك الشريط وأنت جالسون على مقاعدكم تنتظرون النهاية ستجدونه دائما حاضرا في رحلة حياتكم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.