شعار قسم مدونات

لهذه الأسباب صرخت "لا للعهدة الخامسة"

blogs الجزائر

هنا الجزائر؛ جمهورية ديمقراطية شعبية لا مملكة! هنا الجزائر تخرج لتقول لا للعهدة الخامسة، وليس لتشيّد ربيعا عربيا، ولا لتشعل حربا ولا فتنة. هنا الجزائر البلد الفتيّ الذي حارب فرنسا وأهدى النفس والنفيس لأجل أن يحيا الوطن، وواجه الهم والحزن منفردا على مدار عشرية سوداء كاملة. لم ينم يوم نام غيره من البلدان، لم يرقص يوم رقص غيره من البلدان، ولا زالت الأوطان لا تعلم أن الجزائر سبقها للأحزان وشبع دما وهمّا. هنا الجزائر لم يخرج ليقلّد بل خرج ليعبر عن رأيه المغتصَب في سلام. هنا الجزائر لم يخرج عن الحاكم يا رجال الدين بل خرج عن صمتكم أنتم ليقول "يكفي". انتهت ولاية الرئيس الرابعة؛ تجرّعنا علقمها غصبا حتى تسمّمنا، فأصبنا بإسهال من أحلام هي في الأصل حقوق. ارحموه وارحموها، كفوا ألسن العالم عنه وعنها كأضعف الإيمان. هذا إن كانت في قلوبكم ذرة دين وإنسانية ووطنية. 

هنا الجزائر البلد الذي انتخب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا له قبل عشرين سنة لا سلطانا، وآمن إيمانا أنّ مهمّته قد انتهت، فخرج للشوارع ردّا على كل من تحالف ضدّ كلمة الشعب الرافضة للعهدة الخامسة، وأخذ يفتري عليه الكذب أن اسمع يا عالم الشعب الجزائري يسأل الرئيس المنتهية ولايته المزيد. لا يا سادة وما لا نهاية من لا إلى أن تنصفوا الوطن وتنسحبوا؛ أنتم من تسألون الشعب المزيد من صمته وخضوعه، ولا يسأل المزيد إلّا جهنّم، فكيف بالله عليكم يرمي بنفسه في النار؟! الشعب الجزائري لا يريد بل يخرج اليوم ليستعيد كرامته ويقول كلمته، تلك التي أردتم ردمها، وبالجزائرية الفصحى "صليتولها ركعتين"! فلا تمرّغوا أنفه في وحل أطماعكم، وتعلمون أنتم جيّدا ماذا يعني الأنف للجزائري، فلا تستفزّوه لتبيدوه!.

لكم أطماعكم ولنا جزائرنا، جزائرنا التي ضيّعتم فيها أمنيات الشباب، وأغلقتم في وجهه كل باب، جزائرنا التي لأجل مصالحكم لا مصلحتها حوّلتموها أمام العالم إلى أضحوكة منقطعة النظير

يكفينا استفزازا يا أويحي، يكفينا استفزازا يا بوشارب، يكفينا استفزازا يا سلّال ومن تبعكم من المطبّلين وسلاطين الخفاء. نقول "لا" فتنقلون عنا "نعم" زورا وبهتانا ولا زلتم تنادون أن يا شعبي أنظرني إلى يوم الصندوق،يوم لا يُسمع صوت عدا صوتكم أنتم؟!، ولئن أخّرناكم لنكونّن من النادمين. نعم لرحيلكم أنتم، نعم لإعفاء أسماعنا من تطبيلكم أنتم، نعم لأفولكم أنتم، فحضوركم على الشاشات لوحده يسدّ الشهيّة للطعام فما بالنا بالعيش! نكتب في شعاراتنا لا للعهدة الخامسة، يخرج إلينا الإعلام مقيّدا يزوّر مطلبنا أن مرحى سيداتي سادتي الشعب يريد الإصلاح، تبّا لأكاذيبكم الشعب لا يريدكم أنتم. الشعب يريد الوطن.

أمّا بعد..
الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة..
كنت سأتخطّاك لأخاطب أويحي ومن معه، فنحن لم نسمعك منذ زمن وأؤمن أنك متعب جدا وعار علينا طرق آذان المريض بمشاكلنا، لكن ما هكذا الأعراف ولا بأس بكلمة أوجّهها لك. لست أذكر عهدتك الأولى، فلم أكن قد بلغت يومها حتى العشر سنوات من عمري ولم أنتخبك يوما في حياتي وإن كنت ساندتك بالدعاء في العهدة الثانية؛ فلم أكن قد بلغت يومها سنّ التصويت. ولأكون صادقة معك فإنّي أقرّ بأنّني اعتبرت الثالثة خرقا للدستور لا تعديلا له، وبأنّي رفضت الرابعة رفضا قاطعا، وبأنّي دفعت ثمنها غاليا، وبأنّي تمنّيت الموت على أن أسمع عن مسمّى "العهدة الخامسة" وبأنّي كتبت عن رعيتك التي تعاني من طول الكرب والأحزان، وكلّي إيمان أنّك كغيرك من الحكام لم تعد تقرأ الدمعات، ولست أدري إن كنت كغيرك منهم تسمع الآن ضجيج المظاهرات، فحتى هذا لا زلت أشكّ في أمره! وبأني اليوم أقف مع أبناء شعبي لأقول لك ما لم يقله لك الأئمّة ورجال الدين، إن الله اصطفى طالوت ملكا فزاده بسطة في العلم والجسم، أي إنّ قوة العلم وقوّة الجسم شرطان أساسيان لتولي الحكم وأنت لم تعد كسابق عهدك، وسبحان الذي قال "ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا" فدع عنك هذا. وإنّي متيقّنة أنك قد أوتيت من اسمك النصيب ولا ترضى أن تهان بعبارات وصور جارحة حتى أنا لا أتقبلها في حقّك، بل وتؤلمني، وإن كنتُ أهتف الآن "لا للعهدة الخامسة"!

إنهم اتخذوك صنما يُعبد من وراء إطار تارة وعبر فيديوهات قديمة تارة أخرى، ولقد علم الشعب منذ مدة ما هؤلاء ينطقون ولا غير الله يعبد الجزائريون. قبل سنوات صدحتَ فصدقتَ "جزائر العزة والكرامة" لا المهزلة، ألا فلتدعها تحيا عزيزة كريمة ما شاءت من الحياة ولترْتَح أنت َبالسلامة. هي متعبة مكسورة تحتاج لمن يحييها ويرفعها وأنت مُتعَب مفعول بك تحتاج لمن يرحمك لا لمن ينصبك عليها مجددا. شكرا للعهدتين، أمّا عن الرابعة أقولها لك والدمع رشاش "إن رضي الله يوم القيامة فقد رضينا!".

أحزاب التحالف الرئاسي وشياطين الخفاء..

لقد بلغ السيل الزبى، قلنا "لا" فزوّرتم كلمتنا وصوتنا وقلتم "قالوا نعم"، فرفعنا ضدكم قضية في الشارع لأنّكم من يدير مجالس العدل ويفتري فيها علينا الكذب، ووحده الشارع من يحتضن القلوب الثائرة ويعيد حقوقها ويعلي كلمتها حين يخذلها القضاة. لم نكن لنخرج لو أنكم احترمتم قرارنا ولا زلتم تستفزوننا أفلا تعقلون؟ ويؤسفني أن أخاطبكم بما قاله البطل الشهيد العربي بن مهيدي لفرنسا "إننا سننتصر لأنّنا نمثّل قوة المستقبل الزّاهر، وأنتم ستهزمون لأنّكم تريدون وقف عجلة التاريخ الذي سيسحقكم، لأنكم تريدون التشبث بماض استعماري متعفّن حكم عليه العصر بالزّوال…" فهذا الشعب لم ينتفض إلّا في وجه فرنسا وكل من يشبهها وأنتم اليوم تقفون في وجه الشعب الجزائري كما وقفت هي من قبل في وجهه، فويل لكم. ويل لكم من شعار تحمله طفلة كتب فيه "أريد رئيسا لا يظلم عنده أحد"، ويل لكم من الملايين التي وقع عليها الظلم في هذا البلد!

وعليه، لكم أطماعكم ولنا جزائرنا، جزائرنا التي حوّلتم فيها الحقّ إلى حلم والرئيس إلى صنم، جزائرنا التي زوّرتم كلمتها في الإعلام، جزائرنا البلد القارة الذي نهبتم خيراته وجوّعتم أبناءه، جزائرنا التي أردتم تحويلها إلى رمز للتهريج بين الأوطان، جزائرنا التي هدّدتموها في الكرامة، جزائرنا التي نشرتم فيها الكآبة والبطالة والتقشف والمرض و"الحرقة" والآفات، جزائرنا التي أعليتم فيها الحجر على البشر، جزائرنا التي حاولتم طمس هويتها في الكتب المدرسية، ولعبتم على أعصابها بتصريحاتكم الاستفزازية. جزائرنا التي حوّلتموها إلى مقبرة، وجعلتموها بين البلدان مسخرة. لكم أطماعكم ولنا جزائرنا، جزائرنا التي ضيّعتم فيها أمنيات الشباب، وأغلقتم في وجهه كل باب، جزائرنا التي لأجل مصالحكم لا مصلحتها حوّلتموها أمام العالم إلى أضحوكة منقطعة النظير، جزائرنا التي قيدتم فيها حرية التعبير ورميتم بها إلى الصف الأخير. جزائرنا الأمانة من لم تزل تحمل في نسيماتها أرواح الشهداء الذين آثروا الموت على المهانة. فلتحملوا أمتعتكم ولتنصرفوا، لا عهدة خامسة لكم فيها ولا لاحتكار السلطة، فالجزائر لم ينقرض فيها الرجال.

لا للعهدة الخامسة تعني لا لكم، لا لبقاياكم، لا لخباياكم، لا للرداءة والمسخرة والانحطاط. لا للعهدة الخامسة تعني لا لتطبيلكم، لا لخطاباتكم، لا لتعابيركم، لا لتقشفكم، لا لبؤسنا وفقرنا وقهرنا الذي صنعته أياديكم. لا للعهدة الخامسة تعني لا لحكومتكم، لا لظلّكم، لا لوزاراتكم، لا لاستفزازكم. لا للعهدة الخامسة جاءت لتذكّركم بجميع الأزمات التي عانى منها قلب الجزائر، تذكركم بملفات الفساد، بأزمات البلاد، بمعاناة الشعب، بدموع الأمهات، بطائرة اليوشن العجوز التي أسقطت أكبادنا، بالملايير التي أنفقتموها لأجل حجرة ورممتم بها تمثالا مقابل تهميش نداءات المواطنين الذين يموتون في الشوارع والمستشفيات، بدموعهم، بآلامهم، بالمناشدات، بخروج طلبة المدارس العليا إلى الشوارع، بإضراب الأطباء، بدماء النخبة، بجثث "الحرّاقة"، بشهيد البئر، بالمساكن الاجتماعية المرهونة، بالسرقات، بنتائج مسابقات الدكتوراه والتوظيف المغشوشة، بالاعتقالات السياسية، بالمساس بهويّتنا، بقضية اسمها "بن غبريط"، بخطب الجمعة الموجّهة، بقوانين المالية، بغلاء المعيشة، بانحطاط الدينار، بالفساد الذي ساد المحاكم، بالمحاكمات الجائرة، بالشباب المظلوم، بالعمر الضائع، بالأدمغة المهاجرة، بصحرائنا الجرداء، بمشاريعنا العذراء. لا للعهدة الخامسة جاءت لتذكركم بشوقنا لراع يخطب فينا، يكلّمنا، يزورنا، يسمعنا، يحاورنا، يدافع عنا، يتفقدنا ويحفظنا، يكسبنا، يسترجعنا، يصلحنا، ينصت لشكاوينا، يبني لنا ويثني على بنائنا ويبنينا، بشوقنا لانتخابات نزيهة لا تشبه أفلام الوسترن، لرجال صالحين مصلحين يقودون الجزائر ويحفظون هويّتها، عقيدتها. 

دعوا الرجل يرتاح، نادى بها الآلاف قبلي، واتركوا الجزائر لإرادة الشعب الأبي. لا للعهدة الخامسة، ونَعم للوطن، فلا تدفعوا بجزائر المليون والنصف مليون شهيد للهاوية ودعوها تجرّب فجرا جديدا، دعوها تحلم فماذا جنت من كابوس هو أنتم! إنّ من تهمّه مصلحة الوطن لا يأمر: "أسكتوهم، وبالعشرية السوداء خوّفوهم". ولتعلموا يا أنتم ما عادت الشعوب تهاب شيئا ولكن من مصلحة شعب كشعب الجزائر وواجبه حماية الجزائر من أيادي البؤس الداخلية التي ساقته للتظاهر اسمها "أنتم" ولن يرضى شعب الجزائر للجزائر الذل والفوضى والألم. أبناء وطني الأحرار.. الوطن ثمّ الوطن ثم الوطن، سلاما، حكمة ورشادا، إياكم أن تضيّعوه. وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.. فاشهدوا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.