شعار قسم مدونات

صافيناز ذو الفقار.. قصة الأميرة التي رفضت عرش مصر!

blogs الملكلة فريدة

كانت كتومة إلى أقصى حد لا يمكن أن تبوح تفصيلياً لإنسان بما تشعر ما عذابها، ومَنْ مُعذبوها وكيف ومتى ولماذا، كانت في آخر حياتها عندما تأتيها نوبات مرضها تتوسَّل إلى صديقتها بأن تُعطيها مهدئاً كبيراً قوياً يطفئ كل أحاسيسها فتنسى تنسى تماماً كل حياتها وترتاح.

 

كانت دائماً تردد لو كنت أعلم أن افتراقي عن فاروق سيُسبب له كل تلك المشكلات وسيُغير وجه تاريخ مصر كما تقولون ما طلبت أبداً الطلاق منه، كان طلاقها من فاروق ذنباً لطالما لامت نفسها عليه ولطالما ذهبت إلى قبر فاروق عند مسجد الرفاعي وتعود منه محمرة العينين كأنما كانت تطلب منه أن يسامحها عن ذنب يلازمها.

 

لا أستطيع أن أخفي مدى تأثُري بتلك العائلة التي انتقل بها الحال من أعلى عليين إلى أسفل السافلين كانت حالتي تسوء كأنما أعيش أنا تلك الظروف التي مروا بها سأكتب عن تلك المرأة التي انتقلت من قمة المجد والترف والجاه والتي اختارت أن تخلع التاج فتهبط إلى أقل من مستوى امرأة عادية عاشت فترة في باريس في شقة صغيرة اشتراها لها شاه إيران وعلى دخل محدود كان يرسله لها وأحياناً كانت تعيش على المكسب الضئيل من بيع لوحاتها وباعت ملابسها قطعة قطعة لتسد مصاريف الأطباء بعد انهيار عصبي يصيبها من وقت لآخر حتى أنها كانت تكافح مع نفسها لتستعيد قوة ولو كانت ضئيلة تساعدها على القدوم إلى مصر مرة أخرى ولكنها عادت إلى مصر لتكتشف ذلك المرض اللعين الذي أصابها وهو مرض اللوكيميا.

 

كانت الملكة فريدة بعد انتهاء الملكية تقول خلال حديثها مع إحدى صديقاتها هناك مؤامرة تُحاك في الخفاء ضد هذا البلد المسكين من أجل تشويه جماله بأيدي أعداء غير مصريين لأن كل تشويه يتم في البداية بسرية وتوجس غريبين

صافيناز يوسف ذو الفقار من مواليد الإسكندرية عام 1921م والدها كان يحمل لقب باشا وأمها كانت وصيفة الملكة نازلي والدة الملك فاروق تلقت تعليمها في مدرسة نوتردام دي سيمون بالإسكندرية وأمضت بها ثماني سنوات من عمرها، ذات يوم اصطحبتها أمها إلى القصر الملكي وهناك قد تعرَّفت على شقيقات الملك وهناك قد رآها وأعجب بها وخطبها في أغسطس عام 1937م وكان عمرها 16 عام وتزوجا في 20 يناير 1938 م وبعد الزواج غيَّر الملك اسمها ليوافق تقاليد العائلة الملكية بأن تبدأ أسماء أفرادها بحرف الفاء فغيَّر اسم الملكة إلى فريدة.

 

وكانت حياة الملكة في الأيام والليالي الأولى أشبه بليالي ألف ليلة وليلة ولكن سرعان ما انتهت تلك الليالي وبدأت بعدها ليالي الاكتئاب وسنوات العذاب وكانت الملكة على صغر سنها تشتعل في قلبها نيران الغيرة باستمرار ولم تكن تستطيع السيطرة عليها وكانت غيرتها أشبه بالغيرة القاتلة وكان ذلك سبب شعورها بعدم الرضا وهذا ما دفعها لطلب الطلاق بعد عشر سنوات من زواجها بالرغم من حب الملك الشديد لها حيث أنه بعد أن طلقها طلب من شيخ الأزهر أن يفتي بحرمانية زواجها من شخصٍ آخر بعده ولكن شيخ الأزهر قد رفض طلبه ذاك لحرمانيته ولكنَّها هي التي رفضت أن تتزوج أحداً بعد الملك لأن هناك قلبين قد تفرَّقا ولكن الحب مازال يجمعهما.

 

الملكة كانت تحب جوبا وفان جوخ لكن عشقها الأكبر هو تولوزلوتريك والذي بدأ أثره في لوحاتها كانت تحب سماع الموسيقى الكلاسيكية لمدة ساعة على الأقل كل يوم لم تكن تسمع  عن كتاب بالإنجليزية والفرنسية في الأسواق حتى تحرص على الحصول عليه كانت الملكة تحب قراءة الجرائد كل صباح وخاصة أعمدة أحمد بهاء الدين وأنيس منصور ومصطفى أمين وصلاح منتصر ومن أحب البرامج إلى قلبها برنامج العلم والإيمان لمصطفى محمود وكانت تتصل به أحياناً بعد البرنامج لتستفسر منه عما صعُبَ عليها فهمه.

 

كانت الصوفية هي منهاجها في الحياة وقد ساعدها الانطواء والوحدة والتقلب بين الأحداث المثيرة على ذلك وانعكس هذا المنهاج الصوفي على حياتها وكان القرآن الكريم معها طوال الوقت بين ملابسها وفي حقيبتها وفي أسفارها وفي سريرها وعلى مكتبها، كانت تؤمن بالسحر ولطالما كانت تظن أن الملكة نازلي قد استعملت السحر ضدها منذ خمسين عام حتى تُعذبها في كل مراحل حياتها وتسلبها أعز ما تملك زوجها وأبنائها ثم راحتها واستقرارها وأخيراً صحتها وهكذا كانت تظن أن اللعنة الخفية تلاحقها في كل مكان.

 

كانت الملكة فريدة بعد انتهاء الملكية تقول خلال حديثها مع إحدى صديقاتها هناك مؤامرة تُحاك في الخفاء ضد هذا البلد المسكين من أجل تشويه جماله بأيدي أعداء غير مصريين لأن كل تشويه يتم في البداية بسرية وتوجس غريبين حتى لا يشعر أحد ثم فجأة تجدنا أمام تمثال من القبح أكشاك خشبية كازينو غير لائق مبنى قبيح يحجب عنا جمال النيل إن المؤامرة خطيرة ضد النيل لأنه سر الحياة في مصر ولا يمكن أن يتعمَّد المصري تشويه بلاده هناك تحطيم وتدمير لكل القيم الجمالية وهناك تدمير للأصالة والذوق داخل النفوس تغيَّرت مصر كثيراً

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.