شعار قسم مدونات

لمحات سريعة من التاريخ الكوري

blogs كوريا

تقول كتب التاريخ إن الحياة بدأت على شبه الجزيرة الكورية منذ العصور الحجرية السحيقة، لكن أقرب هذه العصور التي وصلت أدواتها إلينا هي العصر الحجري الحديث، والذي يقدر بحوالي ثمانية ألاف عام وتميز بصناعة الخزف والفخار.

 

بحلول القرن العاشر قبل الميلاد توحدت القبائل الكورية وعلى رأسهم القبيلة التي تعبد ملك السماء والقبيلة التي تعبد ملك الدببة بهذا التوحد تم تأسيس مملكة (كجوسون) وهي أول كيان يأخذ شكل الدولة ويعترف به الشعب الكوري، هذه المملكة الوليدة ترأسها الملك (غون واتج كوم) ليصبح بذلك الرئيس السياسي والزعيم الديني في آن واحد.

 

وبحلول القرن الأول الميلادي تقريبا تم تأسيس ثلاث ممالك متجاورة وهي ككوريو وبيك جيه وشيلا، عرفت هذه الحقبة لاحقا في التاريخ الكوري باسم الممالك الثلاث، هذه الممالك تشبه إلى حد كبير في خريطة تحالفاتها وصراعتها بين بعضها البعض وبين أعدائها الممالك العربية في الأندلس، فتارة تتقاتل فيما بينها، وتارة أخرى يتحالف ثنائي ضد مملكة، لتستعين هذه المملكة بعدوها وعدوهم التقليدي الصين أو اليابان، وتارة تتحالف الممالك الثلاث ضد العدو التقليدي وهكذا دواليك.

 

تم تقسيم كوريا إلى دولتين شمالية وجنوبية بسبب أطماع القوى العالمية فيها، فالجنوبية ساعدها الأمريكان في نيل الاستقلال، والشمالية هواها مع الاتحاد السوفيتي

بحلول القرن الخامس الميلادي تم توحيد هذه الممالك تحت قيادة مملكة شيلا التي فرض حكامها الدين البوذي كدين رسمي للدولة، كما تم سن القوانين ووضع اللوائح والشرائع المنظمة لحركة الأمور في مفاصل الدولة، وتميزت هذه الحقبة بفترة ازدهار اقتصادي واسع المدي والنطاق.

 

في القرن الثامن الميلادي حدث اقتتال داخلي بين أمراء البيت الحاكم في مملكة شيلا نفسها لكن تم حسم هذا الصراع في النهاية لصالح الملك (وانج كون) الذي استهل حكمه بتغير اسم المملكة ليصبح اسمها كوريو، في عهد هذا الملك تم ادخال التعاليم الكونفوشية لتكون جنبا إلى جنب مع التعاليم البوذية وتصبح بعد ذلك هي المكون الديني الكوري، والحالة العقائدية الخاصة والمتفردة لشبه الجزيرة الكورية آنذاك وبعد ذاك، أيضا تمتعت هذه الفترة الإمبراطورية بعلاقات تجارية واسعة ونفوذ اقتصادي ضخم. لكن الاختراع الأهم الذي تم في هذه الحقبة التاريخية هو اختراع آلة للطباعة تسبق مطبعة جوتنبرج بحوالي مئتين عام ولولا آلة الدعاية الغربية الهائلة لنسب هذا الاختراع للكوريين.

 

في القرن الثالث عشر ضعفت مملكة كوريو بسبب الصراعات الداخلية بين الأمراء والنزاعات الخارجية التي أنهكت قواها، لكن بظهور قائد تاريخي (لي سونج كيه ) تمكن من السيطرة على مقاليد الأمور وحسم الصراع لصالحه، بعدها عمد إلى تغيير اسم الإمبراطورية إلى (جوسن) في إشارة منه إلى بداية حقبة تاريخية جديدة ومختلفة، في عهد هذا الملك تم بناء مدينة سول واتخاذها عاصمة للحكم كما تم أيضا اختراع أبجدية للكتابة جديدة وسهلة بالقياس إلي اللغة اليابانية والصينية التي تعد حروفهما بالألاف -يفاخر الكوريون بالمناسبة بهذه الأبجدية التي تتكون من أربعة عشر حرف ثابت وعشرة متحركين.

 

بتقادم الوقت وتقلبه اعترى هذه المملكة ما يعتري الدول من ضعف، ولا سيما إذا كان العدو المتربص لها جار لصيق يرى أنه مالك الأرض الرسمي، في العام ١٨٩٧ أجبرت اليابان جوسون على تغير اسمها لكوريا، وفي العام ١٩١٠ احتلت اليابان بشكل رسمي كوريا وأنهت الحكم الإمبراطوري فيها.

 

عند ذلك نشأت حركات المقاومة السرية والعلنية ضد المحتل الذي سام الشعب الكوري شتى فنون العذاب حتى حصل على حريته حين استسلمت اليابان في الحرب العالمية الثانية وتخلت عن مستعمراتها، لكن للأسف تم تقسيم كوريا إلى دولتين شمالية وجنوبية بسبب أطماع القوى العالمية فيها، فالجنوبية ساعدها الأمريكان في نيل الاستقلال، والشمالية هواها مع الاتحاد السوفيتي الذي كان في أوج مجده في ذلك الوقت.

 

بنيل الاستقلال عام ١٩٤٥ بدأت كوريا التي قسمت والتي أصبح اسمها الرسمي كوريا الجنوبية فصلا جديد من النضال ضد الديكتاتوريات الحاكمة، والتي توجت في النهاية بنظام ديمقراطي حر يتمتع فيه الكوري بكافة حقوقه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.