شعار قسم مدونات

هل خروج المغرب من حرب اليمن بداية لعزلة السعودية؟

blogs السعودية والمغرب

لطالما اتسمت العلاقة بين المغرب والمملكة السعودية بالتعاون والتحالف بين البلدين، لما يشتركانه من كونهما بين الدول القليلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي تحكمهما العائلات، العلويين وآل سعود على التوالي. علاوة على ذلك، كلاهما عضو في جامعة الدول العربية. ما الذي جمع بين البلدين؟ حسب مجلة TRT WORLD الأمريكية، فالذي يجمع البلدين هي مصلحة مشتركة للوقوف بحزم ضد إيران وهو ما عزز العلاقات السعودية المغربية، ومع ذلك فإن علاقتهم تستند بشكل رئيسي إلى العداوة المتبادلة مع طهران، فالمغرب حتى وقت قريب شارك في التحالف الذي تقوده السعودية مع ست طائرات و1500 من القوات البرية.

لكن كيف تورط المغرب في حرب اليمن الشقيقة؟!

منذ عام 2015، دعمت إيران المتمردين الحوثيين ضد الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن، مما تسبب في صراع دموي أدّى إلى مقتل الآلاف معضهم من المدنيين. بعد أربع سنوات، ظهرت شروخ في الائتلاف الذي تقوده السعودية، وجمدت بذلك المغرب لتوريطه في الحرب. فشراهة السعودية للحصول على مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط كان السبب الرئيسي للعداوة الأخيرة لإيران، بالإضافة أكيد لأسباب أخرى تشترك فيها كل من أمريكا والكيان الصهيوني.

كيف بدأت الأزمة بين المغرب والسعودية!؟
موقفه من الأزمة الخليجية وعدم مشاركته في حصار قطر، بل وفك الحصار عنها! فالمغرب وموقفه الحيادي اتجاه قطر، ورغبته في المحافظة على علاقة طيبة مع جميع الأطراف، كان وراء بداية بزوغ غضب المملكة السعودية

تداولت الأخبار والصحف العربية والعالمية، خبر محموم، لا يزال "طازجا" مفاده أنه بدأت أزمة بين المغرب والسعودية، وقد أكد هذا تداول قناة العربية أخبار الصراع الحاصل في الصحراء المغربية بين المغرب و"البوليساريو"، وهو كيان انفصالي يدعي كون الصحراء ليست تابعة للمغرب بل محتلة من طرف هذا الأخير، لكن التاريخ المغربي العريق ينفي أي اتهامات كاذبة، والشعب المغربي في المنطقة يعتز بمغربيته، وقد تعب هو الآخر من كثرة المشاكل والصراعات التي وجد نفسه محاطا بها. فقد تكلمت قناة العربية عن الصراع الحاصل بالمنطقة واصفة الصحراء بالغربية مع عرض لخريطة المغرب مقطوعة ومجردة من صحرائها، اعترافها بذلك بالادعاءات المزعومة دون حيادية، بالرغم أنه لا زالت لكلتا الدولتين مشاريع مستمرة في الصحراء، تمولها المملكة السعودية ويديرها المغرب، مما يعمل على إعادة تأكيد سيادة الرباط في المنطقة المتنازع عليها.

وما لا تنساه الذاكرة ويُدمي القاب، عدم تصويت السعودية ودول الخليج للمغرب لاستضافة كأس العالم، بل وقد قامت بدفع الدول الأخرى ومحاولة إقناعهم بإعطاء أصواتهم للمنافس الآخر (الولايات المتحدة، كندا، والمكسيك)، وهذا ما أشعل غضب المغرب حيث كان يأمل بتحسين الظروف الاقتصادية بجلب الاستثمارات وترويج السياحة باستضافة كأس العالم على أراضيه، لكن الخيبة يمكن أنها كانت من موقف الدول العربية الشقيقة أكثر منه خيبة اقتصادية.

من جهة أخرى، هناك من يُرجع سبب توتر العلاقات المغربية السعودية من جهة والإماراتية من جهة أخرى ليس بسبب قناة العربية ولا تصويت دول الخليج ضد استضافة المغرب لكأس العالم، لكن هذه فقط نتائج لما أعمق! في أربع محطات بالتحديد بدأ التوتر كما نقلتها وسائل الإعلام والصحف العالمية:

أولا: عدم مشاركة المغرب في القمة العربية التي أقيمت في الأردن، وعدم مشاركته لانطلاق صفقة القرن.
ثانيا: سحب المغرب في صمت طائراته من السعودية في ظل التحالف في حرب اليمن واكتفى بمشاركة رمزية، ورفضه إرسال قوات برية على غرار السودان ومقاطعته جل الاجتماعات التي عقدتها الدول الخليجية.
ثالثا: موقفه من الأزمة الخليجية وعدم مشاركته في حصار قطر، بل وفك الحصار عنها! فالمغرب وموقفه الحيادي اتجاه قطر، ورغبته في المحافظة على علاقة طيبة مع جميع الأطراف، كان وراء بداية بزوغ غضب المملكة السعودية. وقد زاد غضب أبو ظبي والرياض بعد إرسال المغرب طائرات محملة بمواد غذائية إلى دولة قطر، وبعد زيارة ملك المغرب لهذه الأخيرة..

وأخيرا: موقفه من محاولة الانقلاب في تركيا، ولا تزال الأزمة مكتومة ولو لم يعد ينفع معها كل قاموس الديبلوماسية المعتادة، فقد صرح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بأن سحب المغرب سفيرها بالسعودية مصطفى المنصوري للتشاور خبر غير دقيق، وأن المغرب لديه قنوات خاصة لتبليغ هكذا قرارات.

أما ما يخص موقف السعودية في الأزمة، فحسب ما جاء في جريدة "اليوم" استلم العاهل السعودي "سلمان بن عبد العزيز"، ملف العلاقات المغربية السعودية من غبنه "محمد بن سلمان" بعد ما لاحظ أن العلاقات بدأت تتدهور.. وقد جاء في نفس الصدد عن تزايد منسوب القلق لدى الملك السعودي من تدهور علاقات المملكة مع الأنظمة الملكية في المغرب والأردن والكويت وسلطنة عمان.

وختاما، لا بد وأن موقف المغرب اتجاه قطر سيبقي فجوة بين المغرب والسعودية ودول الخليج، فيبقى السؤال المطروح كيف سيجتاز البلدين بداية هذه الأزمة، التي بالتأكيد ليست مرضية لكلاهما؟! وما مدى تأثير هذه الأخيرة على السياسات المستقبلية والمشاريع المشتركة بينها!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.