شعار قسم مدونات

"فن خسارة الحلفاء".. لهذه الأسباب سحب المغرب سفيره من السعودية

blogs السعودية والمغرب

تعتبر العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، من بين العلاقات التاريخية والقديمة إذ يعود تاريخها إلى سنة 1957، وقد عزز البلدين علاقتهما خلال سنوات طوال عبر التوقيع على مجموعة من البروتوكولات والاتفاقيات والشراكات ومذكرات التفاهم التي تطور العلاقة بين البلدين، ولطالما كانت هذه العلاقة جيدة ويمكن وصفها بالوطيدة

 

إلا أنه في حدود الخامس من يونيو/حزيران 2017، وبعدما قررت المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية وبعض الدول الأخرى قطع جميع علاقتها مع دولة قطر، بدأت العلاقات الثنائية في التدهور، بعدما التزمت المملكة المغربية الحياد البناء والتام من هذه الأزمة وفضلت عدم الانزلاق وراء التصريحات واتخاد المواقف المتسرعة والتي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات، وعرض المغرب في هذا الصدد ووساطته لتجاوز وإنهاء الأزمة، الأمر الذي لم يرق وأزعج الرياض.

 

لم يسجل على المغرب أنه قام بأي تعليق أو تعقيب من طرف أي مؤسسة رسمية على قضية اغتيال وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، رغم أنها أخدت بعداً دولياً واسعاً واهتماماً إعلامياً كبيراً

وخاب ظن الرياض في هذه المسألة لأن الرباط لم تحدو حدوها ولم تقطع علاقتها مع دولة قطر، لتنطلق بعدها سلسة من التصرفات والتصريحات التي لا ثبت بصلة إلى أواصر الأخوة ومثانة العلاقات التي تجمع المملكتين؛ المغربية والسعودية، والتي كانت من خلالها السعودية ترغب في أن يدفع المغرب ثمن وضريبة حياده وعدم تأييده السعودية في قطعها علاقتها مع دولة قطر، وكان أهمها التصويت السعودي ضد الملف المغربي لاستضافة كأس العالم 2026، ولم تكتفي السعودية بهذا، بل قامت بحملة في دول جنوب أفريقيا وآسيا لحشد الدعم والأصوات للملف الأمريكي على حساب الملف المغربي، وهو الأمر الذي استغرب له المغاربة خصوصا من طرف دولة دائماً ما توصف بالشقيقة والصديقة رغم البعد الجغرافي، هذا بالإضافة إلى إقدام المملكة العربية السعودية على إهانة حجاج بيت الله الحرام المغاربة، والتعامل معهم بشكل غير لائق ولا يتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وترتب عن ذلك تقدم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية باحتجاج رسمي لدى السلطات السعودية.

 

ولم تقف السعودية عند هذا الحد، بل استمرت في فرض المزيد من الضغوط على المغرب، عن طريق استفزازه وابتزازه من خلال تقرير بثته أحد القنوات المملوكة والتابعة للسعودية حول الصحراء المغربية، وبث هذا التقرير معلومات مغلوطة تزعم فيه أن الأمم المتحدة تتعرف بشكل رسمي بجبهة البوليساريو الانفصالية، كممثل شرعي لسكان الأقاليم الجنوبية، وهو الأمر الذي يعتبر مس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية والتشكيك في سيادتها على صحرائها، الشيء الذي لا يتساهل فيه المغرب حكومة وشعباً.

  

وفي المقابل، لم يسجل على المغرب أنه قام بأي تعليق أو تعقيب من طرف أي مؤسسة رسمية على قضية اغتيال وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، رغم أنها أخدت بعداً دولياً واسعاً واهتماماً إعلامياً كبيراً، بحكم نهج المغرب ومنذ سنوات سياسية خارجية قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان وخاصة منها العربية وعدم المساس بها، والنأي بنفسه عن جميع الصراعات والأزمات التي من شانها إحداث شرح في العلاقات العربية-العربية.

  

هذا ومن جهة أخرى، لم يبادر المغرب إلى الرد على هذه التصرفات التي قامت بها السعودية إلا مؤخراً بدءاً بتعليق مشاركة المغرب ضمن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، وجاء ذلك بعد حوار متلفز بتته شبكة الجزيرة الإعلامية لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، والذي قال فيه أن المشاركة المغربية تغيرت وأن المغرب لم يعد يشارك في المناورات العسكرية والاجتماعات الوزارية لقوات التحالف، مؤكداً بأن الأمر يتعلق بتغييرات ومستجدات حدثت على أرض الواقع ، وصولاً عند التطورات الأخيرة المتعلقة باستدعاء المملكة المغربية لسفرائها بكل من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، ولم يكشف عن السبب الحقيقي وراء استدعاء هؤلاء السفراء، لكن ربما المغرب يرمي من خلال هذه الخطوة إعادة ترتيب أوراقه وتحديد مستوى وطبيعة العلاقة التي ستجمع المغرب بهذه البلدان في المستقبل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.