شعار قسم مدونات

عانقوا هذا العام بالحب

blogs تأمل

نحن على مشارف انتهاء عام مليئ بالانكسارات والدمار والدماء والحروب الأهلية وعام مليئ بالفراق والحزن على أناس كانوا جزءا منا وكنا نسكن في أرواحهم حتى غابوا أجساداً وبقيت أرواحهم ترفرف في المكان وتنثر العبق كما ينثره الورد عندما تلامسه قطرات الندى..

نودع هذا العام ونحن غير آسفين على ما فيه من كوارث إنسانية واجتماعية نودعه لأنه أبعد عنا أرواحنا وأولهم أبي فهذا الفقد الكبير هو ما يجعلني أكتب عن قسوة هذا العام الذي لن أحبه أبداً لأنه جرح مشاعرنا وجعلها هشة للرياح وكسر أرواحنا التي بها يسكن أغلى الأحباب! لن أستذكر هذا العام بشيء جميل سوى أنه أرسل لي ملاك كانت هي الأمان الذي مسح تلك الانكسارات وفي عامي الجديد سأكون لها مهما واجهنا من مصاعب وعقبات لنجعل هذا العام أجمل بكل ما فيه من عمق في الحب والجمال..

 

في نهاية هذا العام عانق نجوم الله في السماء وتحدث إليها بكل ما فيك من حب لكي توصل إلى الله ما تتمناه لك ولكل من يحبك في هذا الكون فالتحدث مع السماء هو المناجاة الوحيدة التي تجعلنا أنقياء وتصفي أرواحنا

في بداية هذا العام كل ما علينا فعله أن نحقق ما نريده من أهداف على المستوى الشخصي بأن نكون أقوى من ذي قبل وأن نكون أنقى مما كنا عليه من شوائب تحوم بداخلنا نتيجة ظروف خارجة عن إرادتنا، في هذا العام كل ما علينا فعله أن نطارد خلف أحلامنا التي لا تعرف الحدود لتحقيقها حتى وإن كان الواقع غير قابل لتطبيقها سيأتي اليوم الذي نكون فيه ما نحن نريده وما نحن نطمح إليه وفي هذا العام علينا أن لا نكون ضمن القطيع الذي يعود في آخر اليوم إلى مزرعة الحاكم وأن لا نكون سوى ما نحن عليه من إيماننا المطلق بأن الحرية جزء لا يتجزأ من أحلامنا على المستوى الشخصي والمستوى العام بأن تكون إنسايتنا هي البوصلة التي تحركنا لكي نقف موقف حق مع كل موقف حر يصدر في هذا الكون من أبعد قرية في إفريقيا إلى أبعد نقطة في ألاسكا هكذا يجب ان نكون كما نحن عليه دون تأثير ودون أن نكون أدوات يتم تحريكها كالدمى من الحاكم وزمرته الخبيثة!

 

عام نتوق فيه للحرية وللحياة الكريمة دون أن تكون مليئة بالفساد والفاسدين والمفسدين، حياة تكون كما نريدها ومدينة فاضلة كما نتمناها وعدالة اجتماعية تكون كمظلة للجميع ولا تكون تحت المثل الرائج (ابن الراعي راعي وابن الوزير وزير)! هكذا يجب أن تكون هذا السنة مليئة بكل ما هو ينثر الحب والسعادة ولا شيء غير ذلك فالسعادة الحقيقية المرجوة من كل هذا أن نتمسك بمبادئنا دون أن تكون هذه  المبادئ متاجر بها ومتحكم بها من أي جهة كانت فلولا تنفسنا للحرية لن نكون مؤثرين في هذا المجتمع الذي يعيش حالة إنفصام مزمنة والعلاج منها يتطلب مزيدا من الوعي والإرادة لتحقيق ما نريده لهذه البلاد التي نحبها فقط لأنها تحمل كل ما فينا من ذكريات جميلة ومحزنة!

 

في نهاية هذا العام عانق نجوم الله في السماء وتحدث إليها بكل ما فيك من حب لكي توصل إلى الله ما تتمناه لك ولكل من يحبك في هذا الكون فالتحدث مع السماء هو المناجاة الوحيدة التي تجعلنا أنقياء وتصفي أرواحنا من كل ما فيها من شوائب تبعثرنا فعناق السماء بنجومها تحت غيمة مليئة بالمطر هو ما يجعلنا نحب أنفسنا بكل ما فيها من إنكسارات وإنهزامات ونجاحات وإبداع لا ينضب. تمسكوا بعشيقاتكم فإجعلوا هذا العام هو للحب وللنقاء وللصدق مع أنفسنا لكي يبقى هذا العالم أجمل بدون أي نقطة دم تراق هنا وهناك ممن يكرهون الحياة لنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.