شعار قسم مدونات

قائمة اليونسكو لـ "المدن المبدعة".. أين مصر؟!

blogs اليونسكو

منذ يومين وبالتحديد في الـ 31 من أكتوبر حيث اليوم العالمي للمدن؛ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عن قائمة "المدن المبدعة" في مجالات الموسيقى والفنون والحرف الشعبية والتصميم والسينما والأدب والفنون الإعلامية وفن الطبخ. واشتملت القائمة على 66 مدينة، منها؛ مدن عربية وإسلامية وإفريقية، كما تضمنت مدنا أوروبية، ومدنا من الهند، والصين، والبرازيل، وأستراليا، ودول أخرى. وبالرغم من كل هذا العدد، خلت القائمة من أي مدينة مصرية. 

 

مصر التي كانت إحدى أهم مؤسسي منظمة اليونسكو عام 1945، بل وكانت من الـ 20 دولة الأولى التي قامت بالتوقيع على دستور المنظمة. مصر التي تضم أحد مكاتب اليونسكو الـ 60 على مستوى العالم والذي أنشئ بالقاهرة عام 1947. مصر التي نافست فرنسا على رئاسة المنظمة في انتخاباتها الأخيرة. مصر وبالرغم من تاريخها الطويل مع المنظمة؛ إلا أن قائمتها لـ "المدن المبدعة" لم تشملها.

 

هذا وبالرغم من أن القائمة ضمت ست مدن عربية، حيث جاءت مدينتا بيروت بلبنان والسليمانية بكردستان العراق في مجال الآداب، وفي مجال الموسيقى برزت مدينتا رام الله بفلسطين والصويرة بالمغرب؛ في حين حلت بمجال التصميم مدينة المحرّق بالبحرين، وتصدرت مدينة الشارقة بالإمارات القائمة في مجال الحرف والفنون الشعبية.

 

ركزت المعايير على أمور تتعلق بالإدماج والمواطنة العالمية والذود عن الحقوق وقضايا الاقتصاد والعمالة. فالعدالة وحقوق الإنسان، وتعزيز التقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحسين مستوى المعيشة والتي هي من أهم أهداف المنظمة تخلو منها مصر للأسف

أما الدول الإسلامية التي تضمنتها القائمة فعديدة؛ منها مدينتان تركيتان؛ الأولى برزت في مجال الطبخ وهي مدينة أفيون قره حصار، والثانية ضمن مجال الموسيقى وهي مدينة قرشهر. كما اشتملت القائمة على مدينتين إيرانيتين هما؛ مدينة بندر عباس في مجال الفنون والحرف الشعبية، ومدينة سانانداج في الموسيقى. في حين ضمت القائمة مدينة لاهور بباكستان في مجال الأدب، ومدينة أمبون بإندونيسيا في مجال الموسيقى. كما جاءت مدينة سراييفو بالبوسنة والهرسك بالقائمة في مجال السينما وصناعة الأفلام. حتى القارة السمراء شملتها القائمة فحلت مدينة هيرمانوس بجنوب إفريقيا، لتميزها وإبداعها في فن الطبخ.

 

وهذه المدن لم تدرج على القائمة دون بذل جهود مضنية من قبل المسؤولين بتلك البلدان؛ فمدينة فيون قره حصار التركية توصلت للقائمة بعد جهود حثيثة بذلها فريق مكون من 24 عضوا، ضمّ ممثلين من مكتب حاكم المدينة والبلدية ووكالة تنمية المنظمات غير الحكومية، وعملوا جميعا على إظهار تميز مأكولات المدينة وشهرتها على المستوى المحلي والعالمي.

 

كما أن اختيار بيروت في مجال الأدب جاء إقرارا من اليونسكو بالمكانة الإبداعية لبيروت والتي صنعتها لعقود من الريادة في النشر والترجمة وإقامة معارض الكتب، ولاحتضانها الكتاب والأدباء العرب الذين انجذبوا نحوها لمناخها الفكري المنفتح وصحافتها الحرة التي افتقدتها الكثير من الدول العربية. أما نحن في مصر وبالرغم من أن حضارتنا ممتدة لآلاف السنين، فإن منظمة اليونسكو لم ترَ ومحكموها أي مدينة مصرية تتلاءم مع شروط قائمتها؛ فمصر -طبقا لليونسكو- لم تلتزم بالمعايير المطلوبة للإدراج على القائمة؛ والتي من أهمها أن تكون الثقافة والاهتمام بها وبمجالاتها المختلفة من صميم استراتيجيات الدولة.

 

كما أن المدن التي شملتها القائمة جعلت الثقافة من أساسياتها وليس عنصرا ثانويا، أما نحن في مصر فلا نولي هذا الثقافة اهتماما ثانويا فضلا عن أن تكون من أولوياتنا الأساسية. والحقيقة أن منظمة اليونسكو لم تتوقف في معاييرها للمدن المبدعة عند تلك الشروط؛ بل حرصت أيضا عند الاختيار أن تكون تلك المدن مشجعة على الابتكار السياسي والاجتماعي وأن تتسم بالاهتمام بكل الأجيال وخاصة الأجيال الشابة، كما ذكرت ذلك السيدة أودري أزولاي المدير العام للمنظمة لليونسكو.

 

كما ركزت المعايير على أمور تتعلق بالإدماج والمواطنة العالمية والذود عن الحقوق وقضايا الاقتصاد والعمالة. فالعدالة وحقوق الإنسان، وتعزيز التقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحسين مستوى المعيشة والتي هي من أهم أهداف المنظمة تخلو منها مصر للأسف الشديد، ولذلك لم تجد لها مكانا بالقائمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.