شعار قسم مدونات

حقائق تكشف الجوانب الأكثر قتامة في طبيعتنا البشرية!

مدونات - رجل

على الرغم من أن البشر هم مخلوقات غير كاملة فإنها خلقت في أحسن مظهر، لكن لماذا نرغب في أن نكون سيئين، انتقاميين وأنانيين؟ لا توجد إجابات سهلة وواضحة لكنني سأحاول في هذا المقال أن أسلط الضوء على بعض الأدلة المبنية على حجج مقنعة تكشف القناع عن أكثر الجوانب قتامة في طبيعتنا البشرية.
   
تاريخ البشرية مليء بالأحداث القاسية والبشعة والسبب الذي يجعل الأمر يكرر نفسه عبر التاريخ هو تجريد الأشخاص من الإنسانية فكلما تجرد البشر من الإنسانية كلما زادت قدرتهم على إرتكاب الجرائم وتجريح الآخرين بدون الشعور بالذنب، أكبر القضايا التي يمكن أن تثبت تجريد الأشخاص من إنسانيتهم هي القضايا السياسية على سبيل المثال لا الحصر، في هذا المقال قررت أن أجمع هنا بعض الجوانب الأكثر قتامة في طبيعتنا البشرية والتي تظهر الجانب الوحشي من بشريتنا أكثر من جانبنا الإنساني.
   

العبودية والتمييز العنصري

بدأت كل القصة عندما بدأ الإنسان بزراعة الأرض فاستقر فيها وأصبح يبني البيوت بدل عيشه في الكهوف، فنشأت عن هذا المدن والمجتمعات ومع ظهور هذه المدن والمجتمعات نشأت المنافسة بينها في الأراضي والممتلكات فنشبت الحروب، ظهر أول مفهوم للعبودية من خلال الأسرى حيث تم استغلالهم في الأعمال الشاقة، أصبح المجتمع آنذاك منقسما إلى طبقتين، طبقة الأحرار وطبقة العبيد وفي طبقة الأحرار نجد قسمين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء وبسبب ضغوطات الفقر اضطرت بعض العائلات لبيع أولادها لطبقة الأغنياء فيصبحون عبيدا عندهم وبهذا أصبحت طبقة العبيد تعتبر قوة اقتصادية وصارت تجارة العبيد تجارة شائعة وبدأت هكذا أول القصص لتجريد الإنسانية في تاريخ البشرية.
   

سيطرة الحكومة واستعمالها للقانون بطريقة خاطئة ضد الشعب، سيؤثر هذا على الاشخاص في جميع جوانب حياتهم، سيتم تغيير أفكار المجتمع وجعله أكثرا قابلية للطاعة والخضوع

لم يكن انتهاء أمر العبودية سهلا، اليوم هناك شكل آخر من العبودية فنحن عبيد للمال، عبيد لرأسائنا في العمل وعبيد للأيام التي تكرر نفسها، بالرغم من الحرية التي ننعم بها فالكثير منا مقيدون بشيء ما. أما بالنسبة للتمييز العنصري فقد بدأ على ما يبدو منذ خلق الإنسان والحادثة بين إبليس وآدم عليه السلام تؤكد هذا حيث رأى إبليس بأنه أفضل من آدم لأن الله خلقه من نار بينما خلق آدم من طين ثم ظهر في المجتمعات البدائية حيث كان الإنسان يعيش في مجموعات صغيرة ليتطور الأمر إلى العبودية ثم تطور التمييز بين الأشخاص إلى عدة أسس من بينها التمييز على أساس لون البشرة والتمييز على أساس المعتقدات والثقافة واللغة وغيرها، وحتى يومنا هذا ما زال التمييز العنصري بشتى أنواعه في المدرسة وفي العمل وبين الأهل والأقارب وفي كل مكان.
 

الحروب والنزاعات

لا يختلف اثنان على أن الحروب والنزاعات عبر العالم هي أكبر شيء كارثي يمكن أن تصل إليه المجتمعات، وبالطبع فتاريخنا البشري زاخر بالحروب والنزاعات، الإبادات الجماعية، والسباق نحو التسلح، إن الحروب والنزاعات لها آثارها على الدول التي تصاب بها، وأول أثر يمكن ملاحظته هو انهيار هذه الدولة من الناحية الاقتصادية والأمنية بشكل أساسي فتصبح بذلك غير قادرة على أداء وظائفها وبالتالي سيدخل شعبها في حلقة مفرغة وتعود بها السنين إلى الوراء ويصبح كل التعب الذي ذهب في بناء هذه الدولة هباء منثورا ولك أن تتساءل عن الإنسانية التي بداخلنا في وسط هذا والعراق وسوريا وليبيا أكبر مثال على هذا.
 

السيطرة على العالم من خلال الإيديولوجيات الكبرى

على مر التاريخ تمت السيطرة على العالم من خلال الإيديولوجيات الكبرى مثل الدين، الاشتراكية، الرأسمالية على سبيل المثال لا الحصر هذه كلها كانت مثالا على أشكال الرق التي زادت سيطرتها في مرحلة توقفت الثورة فيها عن إزالة حريتنا، إن سيطرة الحكومة واستعمالها للقانون بطريقة خاطئة ضد الشعب، سيؤثر هذا على الاشخاص في جميع جوانب حياتهم، سيتم تغيير أفكار المجتمع وجعله أكثرا قابلية للطاعة والخضوع حتى ولو تعلق الأمر بحقوقنا فمع الوقت سيتم تدريبنا على ازدراء هذه الحقوق، سنكون مطيعين ومتقبلين لكل شيء حتى لو تعلق الأمر بسلب حقوقنا أو خداعنا أو حتى إهانتنا.
 

فساد الحكومات وأصحاب السلطة

إن أكثر الناشطين السياسيين التزاما والمناضلين ضد الحكومات، والقائلين للحقيقة غالبا ما يدفعون للاستسلام بانهزامية، المؤسسات المهيمنة تبدو قوية جدا على التحدي، والمعتقدات السائدة تبدو راسخة جدا على الاستئصال، وهناك دوما الكثير من الأطراف التي تملك مصالح للحفاظ على الوضع الراهن، هؤلاء الحكومات أو أصحاب السلطة والنفوذ يتمتعون بالقوة لدرجة تمكنهم من الخروج من ساحة الجريمة من دون أن يحاسبهم أحد بينما تجد بأن ارتكاب شخص عادي لجرم ما سيجعله قابعا خلف القضبان، يبدو الأمر أشد ظلما عند قراءة مثل هذه الكلمات لكنه يحدث في الواقع!
 

الإعلام الكاذب

الإعلام شيء كارثي حقا عندما يصبح منحازا للحكومة وبمصطلح آخر عندما تسيطر عليه الحكومة وتقوم بمنعه من آداء مهمته بحرية هذا بالتأكيد شيء كارثي للغاية، الإعلام حاليا يركز كثيرا على الأشخاص المحقين ويشوه سمعتهم، أما الأمور الحقيقية التي تدور حول فساد الحكومة فلا يتم ذكره بتاتا وإن حدث هذا فسيكون سطحيا أو غرضه التظليل عن شيء أهم، عندما تقرأ جريدة أو تشاهد قناة من بلدك ستجد بأن معظم الأخبار تافهة وتدور حول الشعب، الأغبياء من الإعلام لا يمكنهم نشر أشياء سيئة حول الرئيس ليست ادعاءات بل حقائق لكن لا يتم ذلك، لماذا؟ ببساطة لأن الحكومة تسيطر على كل شيء بما في ذلك الإعلام.
 

استغلال العمال

إن تراكم الرأس مال عند البعض يقابله المزيد من الكدح والمعاناة عند الآخرين، شخص يعمل طوال اليوم بدون أن يجد وقتا للغداء ثم يأخذ أجرا لا يمكنه سد فواتير الماء والكهرباء والغاز هو كدح ومعاناة، بالمقابل إن أعطى صاحب الرأسمال حقوق العمال حقيقة فسيصبح فائض أرباحه قليلا، إن الأمر على حقيقته يعبر عن أهمية العملة مقابل أهمية العامل، إن المواطنين الذين يضطرون إلى بيع قوة عملهم إلى أصحاب الرأس مال مقابل أجور متدنية يشكلون طبقة ذات خصوصيات محدودة تسمى الطبقة العاملة، يمكن وصف هذه الطبقة في بلداننا بمجموعة الأشخاص الذين يبذلون مجهودا كبيرا ويتقاضون أجرا لا يضمن لهم أدنى شروط الحياة.
 

عبادة النقود

undefined

  

إن شهوة جمع المال حاليا هي أمر أعمى جميع الأشخاص لذلك أصبح الاهتمام بجمع المال هو أهم شيء هذه الأيام وكنتيجة لذلك أصبح المجتمع ماديا أكثر من كونه منطقيا وعقلانيا لهذا وبسبب شهوة جمع المال صار الأشخاص يغضبون، وبسببها يعادون ويعرضون، فكم قطعت الأرحام بسببها وكم من فواحش حدثت من أجلها، كم من قطيعة حدث بين الأخ وأخيه وكم من قتال حدث بين الابن وأبيه، وكم من عداء نشب بين الأحباب والأصحاب، بسبب شهوة المال باع البعض أجسادهم، أما البعض الآخر فملأ الحسد أرواحهم، وبهذا فإن الإنسان بدل أن يكون عبدا لسيده أصبح عبدا للمال، العبودية موجودة لكنها بصورة أخرى، تخيل أن أعز أصدقائك قد يخونك لأجل المال، أو أن أحد أقاربك يستطيع أن يقتلك لأجله لك أن تتساءل أين الإنسانية في كل هذا.
   

المجتمع الذي جعلنا نخاف

لقد شكل الخوف في طفولتنا أساس علاقتنا مع المدرسة والأهل وفي النهاية أصبح الخوف حاكما لنا في علاقتنا مع الله والسلطة. لقد ساهمت العادات التي تناقلها أجدادنا في صنع صورة لا يمكن محوها، نحن نخشى أن نناقش الأفكار الدينية السائدة حتى لاندخل النار، ونخشى أن نعارض قرارات الحكومة حتى لاندخل السجن، نخشى من عصيان رب عملنا حتى لانطرد من وظيفتنا، نخشى أن نقول الحقيقة حتى لا يتم تركنا، نخشى أن نفعل بعض الأشياء التي لم يعتدها مجتمعنا حتى لا يتم نبذنا، نسعى لأن نكون عاديين مثل جميع الناس حتى لا يقال بأننا مجانين، نسعى لإرضاء الآخرين حتى لا يغضبوا منا، نخاف من بدء مشروع خوفا من أن نخسر، نخشى من تقديمنا رأيا ما حتى لا يتم الضحك علينا، نخشى من أن نخطئ حتى لا يتم السخرية منا، نسعى لترك الآخرين يقررون كيف ستكون حياتنا حتى لا يلومونا عندما نفشل، نخشى من كل شيء فقط لأننا نخاف من مجتمعنا، نخشى لأن مجتمعنا جعلنا نخشى، نخشى لأن بعض المعتقدات جعلتنا كذلك، نخشى لأننا بالفعل تعلمنا دائما كيف نخشى.
   
في نهاية هذا المقال أريد الإشارة إلى أنني لا أدعوا للتفكير بسلبية في طبيعتنا البشرية فمثلما يوجد الشر فحتما هناك الخير لكن وكما هو عنوان المقال أردت فقط أن أشير إلى الجوانب السيئة في طبيعتنا البشرية والتي جعلت الأمور تؤول لما هي عليه الآن، أحيانا تكون الحقيقة والمنطقية أفضل من المجاملات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.