شعار قسم مدونات

لماذا يجب علينا الاحتفال بفشلنا نحن البائسون؟!

blogs تفكير

اليوم وصلتني رسالة رفض من أحدي دور النشر لنص أدبي قد كتبته من بين ألاف الكتابات الأخرى التي وصلتهم والتي لم يختاروا منها سوي ثلاثة فقط شعرت بالألم يعتصر قلبي ليس لأن أحد كتاباتي رفض نشره فهذه ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة بالتأكيد فأهل الكتابة يعرفون ذلك جيداً ليس لكونهم فشلة لكن لكل دار معيارها الخاص والذي يناسبها في النشر، بل ما جعلني أشعر بذلك الحزن هو أنه يجب علي الانتظار لسنة كاملة حتى تفتح دور النشر من جديد الفرصة للكتاب الجدد من أمثالي الذين لا يملكون علاقات أو وساطات داخل المجال ولا زالوا يحفرون الدرب بأيديهم ليسيروا فيه.

لماذا يجب على البؤساء أمثالي الاحتفال بالفشل؟

لا يمكنني أن أنسي يوماً أول صفعة خذلان استقبلتها روحي أتذكر جيداً كيف كان طعم مرارة بكائها الذي سحق بين جنباته قلبي لم أعرف وقتها من علي أن أشاركه هذا الأمر الغريب علي أين أذهب وأهرب منه والأهم من هذا كله متى سينتهي هذا الفيضان من الكراهية للذات وللمجتمع ولكل ما هو عالق على هذا الكوكب أنها نهاية العالم لي حتما، لكن الآن وبعد كل تلك الصدمات التي تلقيتها في كل جوانب حياتي الشخصية والمهنية والعائلية وحتى الوطنية اختلف الأمر تماما وأصبحت منذ ذلك الحين وأنا أملك روتيني الخاص في الاحتفال بالفشل والصدمات والخذلان كلما لاحت لي أحداهما في الأفق مثل ما حدث معي اليوم.

لا تخفي حزنك أو تعاستك واحتفل بها ولكن لا تتمادي في لعب دور الضحية الذي يستريح الكثير من البشر في التواجد به فالحقيقة المهمة والوحيدة هو أن كل شيئا نملكه ندفع أمامه الكثير ليتزن ميزان الحياة

أغلق باب غرفتي وأكشف عن حزني ببكاء هستيري لأخرج كل ما لوث روحي منه لا بأس من لعن البشر المتآمرون على فشل شخصية عظيمة مثلي ولا بأس بإلصاق التهم لأولئك الحمقى القدامى الذين تسببوا لي في مشاكل منذ سنوات مضت لما العالم ضدي لماذا يحدث معي هكذا متي سينتهي هذا الهراء وغيرها الكثير من اللعنات والأسئلة، ومن ثم أكتب مثلما أفعل الآن وأخرج كلماتي التي لا أستطيع مشاركتها مع أحد لعلمي ويقيني بأنني سأعود في أحد الأيام العصيبة مثل هذا اليوم وأقرأ تلك الكلمات فتمدني بالقوة والأمل لما سوف أواجه فقد اجتزت الكثير وحدى.

واستطيع إكمال بقية الطريق أيضاً وحدي مهما كانت العقبات أمكث أيام قليلة بعيدة عن الناس بين كتبي ومقالاتي وصلاتي لله بأن يمدني بالقوة اللازمة لنجاتي والبحث في مواقع التواصل عن الأشخاص الناجحين الذين يملكون الأمل ويستطيعون مدي به والبعد نهائياً عن كل الكلمات المؤلمة أو المحبطة التي قد تثير جرحى ليدمي مرة أخري فكل ما أريده في هذا الوقت هو أن يشفي فلماذا أذهب مرة أخري لسكين يفتحه ويأخر شفائه علي، في الحقيقة الأمر يطول قليلاً حتى أجتاز تلك الفترة عادة ولكنه في كل مرة يقل عما يسبقها ولكنه سيمضي مثلما مضي غيره هذه هي طريقتي في الاحتفال بفشلي فماذا عنك أنت يا صديقي وما هي طريقتك الخاصة في تجاوز الأمر، أما بالنسبة لأصدقائي الذين لم يعرفوا الطريق بعد للاحتفال بفشلهم فنصيحة لهم هو اكتشاف أنفسهم أولاً لأننا بمجرد تعرفنا على أنفسنا وما نحب وما نكره وما نؤمن به نكون قد حللنا كل مشاكلنا حقاً لذا أذهبوا للتعرف على أنفسكم أولاً ومن ثم عودوا للاحتفال كيفما أردتم بفشلكم.

لماذا نخجل من فشلنا؟

أننا نخجل من فشلنا بالقدر نفسه الذي نخجل فيه من حزننا وكأنهما عورة لابد من دفنها وإخفائها وكأننا خلقنا للسعادة فقط التي تروجها لنا مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الصور البراقة والمبهجة في الأماكن الجميلة التي تظهر أصحابها لا يملكون أية مشاكل نهائية بينما أنا البائسة الوحيدة التي تتأمر الأرض علي بكل سكانها لذا يجب إخفاء حزني حتى لا يشمت الشامتون أو يشفق أصحاب القلوب المرهفة.

لا تخفي حزنك أو تعاستك واحتفل بها ولكن لا تتمادي في لعب دور الضحية الذي يستريح الكثير من البشر في التواجد به فالحقيقة المهمة والوحيدة هو أن كل شيئا نملكه ندفع أمامه الكثير ليتزن ميزان الحياة فالبلوجلر مثلاً الذي يوثق يومياته عبر الفيديو ليكسب المال والشهرة عليه أن يتحمل كلفة أن تكون حياته الشخصية علكة في فم الجميع أيا كان مذاقها لهم لذا هنالك من يتحمل الهجوم ويتجاهله ويستمر وهنالك من يأخذه مأخذ شخصي وينهار ويعيش في دور الضحية الذي ظلمه الناس يشبه الأمر كثيراً حياة وأحلام السياسيين التي في غالبه موحل وقذر ولكنه ثري وملئ بالمصالح فأما تتقبل مميزاته وعيوبه أما تغرق قي متاهته وتموت من قبل أن تصل إليه وغيرهم الكثير والكثير من الأمثلة، لذا أنهض واستعد لدفع الثمن المقابل لحلمك من فشل وتعلم ومحاولات وصبر وكل ما قد يتطلب الأمر دون تذمر فالمشكلة الوحيدة التي ليس لها أي حل في عالمنا هذا هو الموت فقط ولا شيئا غيره فأنت ما زالت على قيد الحياة تتنفس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.