شعار قسم مدونات

أرض السافلين.. كيف صور الكاتب الجانب المظلم للأرض

BLOGS أرض السافلين

هي الأرض التي تخون فيها زوجتك وتبيع فيها دولتك وتكفر فيها بربك ولا تبالي فكل قانون على هذه الأرض سقط وكل قناع على هذا الوجه انكسر ولم تعد فيها إلا سافلا تسير مع السافلين ولا تبالي، هكذا عرف الكاتب الدكتور أحمد خالد مصطفى هذه الأرض ولا تتخيل أنه يتحدث عن أرض غير أرضنا التي نحيا عليها أو أنه يقصد غيرها فقط عرض الكاتب جانب من الأمور التي لا تعرض على شاشة التلفاز ولا تنشر في الجرائد والصحف اليومية هذا الجانب المخفي عن أنظار العالم وكالعادة يبهرنا كاتب الرواية الدكتور أحمد خالد مصطفى بإسلوبه المشوق في عرض الأحداث وسردها بطريقة يجعلك تشعر وكأنك في صالة السينما تتابع فلم 3D وأنت داخل الرواية نفسها وتعيش تفاصيلها وكأنك جزء من هذه الرواية المفعمة بالعوالم المتشابكة. فالكاتب قد قسم الرواية إلى سبعة عوالم:

العالم الأول: عالم الدعارة

يصور لنا الكاتب كيف تنكس الفطرة البشرية لتصبح الفتاة سلعة من دون إرادتها وعلى غير طبيعتها في ظروف أشبه بالخيال وفي مأساة تحدث في زمن ليس ببعيد وفي أرض نعيش نحن عليها فمناطق الضوء الأحمر التي ذكرها الكاتب هي موجودة في كثير من عواصم العالم مثل أمستردام في هولندا وأسطنبول في تركيا وميونخ في ألمانيا وغيرها من المدن والعواصم فهي مناطق يتم تعليمها باللون الأحمر ليعلم المارة والسياح بأن المنطقة تحوي بيوت دعارة وأما سومالي مام فهي أيضاً ليست من محض الخيال وإنما شخصية واقعية وحقيقية وهي ناشطة كمبودية قامت بعدة لقاءات تلفزيونية تحدثت فيها عن معاناتها وما حصل لها ودعت لمحاربة تجارة الجنس والتجارة بالأطفال والنساء لعرض أجسادهم وأغتصابهم مقابل بضع دولارات وتكلم الكاتب عن هذه التجارة في جاهلية العرب أيضا ذاكراً عبدالله بن أبي سلول.

العالم الثاني: عالم الكذب
الجانب المظلم من هذا العالم هو شرح الكاتب كيف أن بعض الحكومات لا تحارب تجارة المخدرات بشكل صادق وإنما تدعم تجارتها في الخفاء أو كما قالت سونيا ذات العينين الرماديتين

في هذا العالم يحدثنا الكاتب كيف أن الإعلام يقوم بتزييف الوقائع ولا يقوم بعرض الصورة الكاملة للأحداث وكيف أن جهات معينة تتحكم في الإعلام ومصادره وما يبثه من أخبار والمشاهد لا يرى إلا ما يرديون هم أن يروه وقام الكاتب بضرب عدة أمثلة من الواقع بدء بإحدى شركات الروكيفلير والتي كانت تقوم بإستخراج الفحم حيث صور الكاتب نظرة الإعلام الجميلة والبراقة للشركة وعد محاسنها وفوائدها ثم عاد لإلقاء اللوم على القاراء لتصديق هذا الكلام وهو يقول أليس قيل لكم في البداية أن هذا الشيطان هو شيطان الوهم والتظليل لماذا مشيتم معه ثم انتقل بنا الكاتب إلى أحداث 11 سبتمبر بنفس الأسلوب مبيناً ما أظهره الإعلام وما هو الصحيح والغير ملفق.

العالم الثالث: عالم الكون

ستصيبك الدهشة والذهول في طريقة عرض الأفكار التي قام بها الكاتب مستحضراً أرواح كم من العلماء والمفكرين ليناقشوا أهم موضوع من أهم المواضيع على هذه الأرض وهو كيف وجد الكون وستشعر كأنك في قاعة اجتماعات بحضور عدد من الأشخاص المهمين وهؤلاء الأشخاص هم المبارك كما أسماه الكاتب والذي سيتحدث باسم الدين وأرسطو وابن سينا وابن رشد وابن تيمية وأينشتاين وهابل وجاموف وبنزياس وويلسون لينهي المبارك الجلسة بأن الجميع من فلاسفة وعلماء ورجال دين إتفقوا على أن الكون له بداية.

العالم الرابع: عالم المخدرات

إن الجانب المظلم من هذا العالم هو شرح الكاتب كيف أن بعض الحكومات لا تحارب تجارة المخدرات بشكل صادق وإنما تدعم تجارتها في الخفاء أو كما قالت سونيا ذات العينين الرماديتين وهي تحدث ريجان هل شعوبكم حمقى لهذه الدرجة هل حقا تظن الشعوب أن حكوماتهم تحارب المخدرات المخدرات ثاني أكبر تجارة في العالم وكيف أن أعظم تاجر مخدرات عرفه التاريخ بابلو إسكوبار ساهمت الولايات المتحدة ورئيسها بوش في صنعه.

العالم الخامس: عالم الصدفة

يعود بنا الكاتب إلى قاعة العلماء والفلاسفة وفي حين أننا ذكرنا إتفاقهم على بداية الكون قال الفيلسوف دافيد هيوم طبيعي أن يكون لهذا الكون بداية لكن من قال أن نسلم بأن الله هو الذي أوجد هذه البداية يقول آدم سيجاد في هذه النقطة الكون سيتحدث الكون عن الإكتشافات العلمية ودلائل عقلية والكثير من الحقائق والأسئلة المنطقية التي تنفي نظرية الصدفة في بداية الكون.

العالم السادس: عالم الاقتصاد

ليس فقط الاقتصاد الحديث بل منذ زمنن بعيد حيث لم يكن هناك من نقود ولا ذهب ولا فضة وكان التبادل مقابل عدد من السيجارات فالسيجارة بدل العملة النقدية ثم سلسلة زمنية متعاقبة لتطور الإقتصاد والتجارة بين الناس إلى أن ترى كيف ولدت البنوك من إيطاليا من اليهود ليغرقوا العالم بالربا وينشؤن البنوك المركزية ويفتعلون الأزمات الأقتصادية ليقضروا الدول وكما قال جاندال إنهم يفعلون هذا للسيطرة حارب رئيس أمريكا الخامس اندرو جاكسون البنوك فور توليه المنصب وتحدث لنا الدكتور أحمد مصطفى عن النزاع بينه وبين البنكيين كما يقول جاندال من حظ أمريكا في تلك السنين أن أبراهام لنكولن تولى رئاستها هو أحد أبطال محاربة البنكيين حدثنا الكاتب كيف استعبد البنكيين العالم عبر بنوكهم وقروضهم وأن هذا العالم الإقتصادي ليس إلا جزء من الظلام الذي نعيشه ولا نراه بأعيننا ثم عرض علينا جانب من طرقهم التي يعملون بها لاستمرار استعبادهم للعالم.

العالم السابع: نظرية التطور

يعود بنا الكاتب إلى قاعة العلماء والفلاسفة ليناقش معهم آخر قضية في الكتاب ونغادر إلى خارج المؤلف بلا عودة والسؤال الذي طرحه آدم هل الكائنات محتاجة لأن يخلقها أحد أم أنها تطورت بعضها من بعض عبر الزمن. يطرح العالم السابع آراء العلماء في تطور الكائنات مع أسلوب الكاتب المشوق والأفكار المرتبة وكأن العلماء يجلسون على نفس الطاولة في نفس المكان ونفس الزمان فيعرض كلام لمارك وداروين ووالاس ومورجان والروسي ألكسندر ودوكينز ومولر ليفتح النقاش على أوسع نطاق وذكر التشابه بين تكوين جسم الإنسان والشمبانزي والطفرات الجينية وغيرها من الأفكار.

وفي النهاية سنصل إلى أرض النور والتي فيها عرض لماهية الإله عند كم مختلف من الحضارات فالفراعنة كانوا يعبدون إنسان مثلهم ومملكة كوبا كانوا يظنون أن بداية الكون بأن الإله أحس بألم في معدته وهكذا حتى نصل إلى الإسلام الذي نزه الخالق عن جميع الخرافات وعبده حق عبادته وبين لله صفاته التي هو عليها على لسان المبارك الذي يمثل الدين في الرواية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.