شعار قسم مدونات

غيمة الله في الأرض

blogs سحاب

يقول الشاعر المصري الكبير "فاروق جويدة "

وما زلت ألمح في رماد العمر شيئاُ من أمل..

    

لم يعد فاروق بعدها للكتابة عن الأمل لأنه استنزف كل الجمال الذي يمكن له أن يكون جدارية في الأمل على كتاب الحياة وليقل لكل هذا العالم البائس بأن الرماد يخرج من ظهره الأمل حتى وإن كان رماد لا يستفاد منه، فهذا الصيف كان مليء بما هو يائس حد فقدان الأمل في كل شيء في الحياة، الحب، الحرية وحتى تحقيق الأحلام.

    

يأتي الشتاء حاملاً معه كل غيوم السماء المليئة برحمة الله من مطر وحب وصدفه تجمعنا بمن يملأون هذه الحياة أملاً لا ينضب على هيئة ملاك تأخذك من تحت الرماد إلى أعالي الغيوم التي تغرقنا بالحب ولا شيء سوى الحب فقد كانت تقيم على ظهر غيمة أتت في بداية اختباء الشتاء خلف آخر موجة من الحر هكذا هي أتت لم تأتي صدفه بل أتت من عند الله وكأنها منزلة على ذلك القلب لتملأه حياة وأمل وجمال.

   

عندما أنظر للسماء أرى جمال هذا الكوكب بجمال عيونها وأرى الأمل يزحف من تحت الرماد لأنها الأجمل والأعمق والأغلى والأنقى ولأنها الحب السابع والسبعين

هي تجلس أمامي الأن وأنا أكتب هذا الأمل المصحوب بهواء عمان العليل وكل حرف من حروف ما أكتب هو إلهام مصحوب بوجهها وعيونها ولمستها وحتى حرارة قلبها الذي يشعلني من داخلي حد الجمال. لدينا على نفس الطاولة سماء ملبدة بالغيوم وموسيقى تملأ المكان ربما غناها ذلك المغني على ضفاف أحد الأنهر في أمريكا لمعشوقته وهو عائد من الحرب لا أعلم من هو ولكن كل ما أعلمه هو أن ذلك المكان بوجودها مليئ بالحب ذلك المكان مليئ بكل الخطايا التي يمكن لرب العالمين أن يغفرها لأنها أجمل الخطايا حتى وإن سجلت في دفتر الحياة لأن هناك من يغفر تلك الخطايا وهو الحب الحب الذي لا يمكنه أن يكون ظلام وإنما هو حياة مليئة بالنور.

  

عندما أنظر للسماء أرى جمال هذا الكوكب بجمال عيونها وأرى الأمل يزحف من تحت الرماد لأنها الأجمل والأعمق والأغلى والأنقى ولأنها الحب السابع والسبعين ولأن الحب الأخير هو الأصدق فهي الأمل الجميل الذي لا يمكنني أن أساوم عليه أبداً.

  

لم أستطيع الكتابة بسبب الخرس الكتابي الذي يصيبني بين الحين والآخر ولم أستطيع أن أنقذ نفسي من الغرق الذي يجتاحني في الهروب من الحب والحياة في آن واحد ليس لأنني ضعيف وأقبل الإستسلام لا بل لأنني سئمت الصدمات في هذه الحياة ولم أعد قوياً بما في الكفاية لتقبل أن يتم صفعي في هذه الحياة بالصفعة تلو الأخرى لذلك آثرت الهروب والعزلة وبأن أقوم بعد الأيام اليوم تلو الآخر لكي تنتهي هذه الحياة دون أي بصمة وهذا ما يكسر الروح والقلب معاً ولكن عندما حطت تلك الغيمة التي تنام على ظهرها تلك الملاك وأغرقتني بالحب الصادق والنابع من جوف مشاعرها لم أستطيع أن أهرب أكثر من ذلك لأنني غرقت في هذا الحب حد الثمالة ذلك الحب الذي أربك كثيرين من قبلي أربك امروء القيس وأحمد رامي وكمال الطويل وعبدالحليم وفريد ونابكوف وتشيخوف وكل من تنفس بحبه وكتبه للعلن.

  

أنا اليوم أسكن في غيمتها ولربما قريباً سأغادر معها إلى أبعد نقطة من هذا الكوكب لكي أصبح بعيداً عن كل شيئ حتى عن نفسي وألبسها كما تلبسني روحي ربما سأذهب دون رجعة مليء بالخطايا ولكن ستكون هي جنتي التي تغفر لي كل ذنوب هذه الحياة فهي تلك الرحمة التي نزلت وسكنتني دون أن أدري ودون أن أعلم بأنها غيمة الله في الأرض فهي حقاً غيمة الله في الأرض وستبقى كذلك مهما طال هذا الوقت أم قصر وسنكون يوماً أمام الله ليسألني عنها وسأقول له يا الله هذه غيمتك لتدخلني الجنة لأنها قطعة من السماء أتت برحمتك أنت وأنت العالي في سمائك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.