شعار قسم مدونات

نونو إسبريتو.. أهكذا تهزمُ الخصوم

blogs نونو إسبريتو

في صراع من ساعةٍ ونصف، تختلط مجموعة من الأساليب، صاحبُ القُدرة الأكبر على تجسيد قوة معتقداتهِ هو الفائز في النّهاية، هناك من يستحوذُ، وهناك من يُقدم تضحية خسارة الكُرة في سبيل إرساء خطة خادعة، في موسم 15/16 حقق ليستر سيتي معدل استحواذٍ بلغ اثنين وأربعين بالمائة، فريقُ الثعالب استمد خطة التحول من الأب رانييري، عبر مجموعة من الهائجين نحو الهجوم في لحظة زمنية تتلو اختطفاهم للكُرة من المستحوذين في مناطق معينة.

 

الخبير جوزيه مورينهو حول ريال مدريد إلى فريق قاتل عبر نظام الصد في أماكن تتيح للمنظومة قلب الطاولة على الخصم الحامل للكرة، جوزيه يُحدد المهام والأدوار، وفي لمح بصر عند اختلال توازن الخصم وتخلخل خطوطهِ يشن هجوماً خاطفاً، ذلك الوقت القصير من الزمن لهو توقيتٌ رائع لعكس الخطوط إلى الهجوم كما يخبرنا هو.

 

حسنا، إذا كنت تعتقد أنني لن أستغل ذلك في فريقي فأنت مجنون، أنا أحب الهجوم المضاد، أستعملهُ في الخطط والتدريبات ولو لزمن يسير، هو إحدى النقاط الفعالة، بالطبع لا أستخدمه كثيراً، ولا أضعه كطريقة أساسية، تلك كانت كلمات بيب سابقاً.. شكل أي فريق يتسلسل عبر مجموعة من الأساليب، مجرد نظرة عابرة لوولفرهامبتون كافية لإعطائك إجابة وافية عن توجّه الفريق تحت قيادة الفيلسوف البرتغالي نونو اسبريتو، تلميذ مدرسة مورينهو سابقاً، الذي سلخ جلدهُ، واعتدّ بمُعتقدات رسم بها شكل الذّئاب.

 

لا يركن نونو لا يشبك يديه، أو يضع أصابعه فاركة جبهته مستسلماً، بل هو ذلك الشّجاع الذي يصنعُ المعجزات من اللاشيء، ويقدم رفاهية لا حد لها للمُتابع العادي

بين الموسم الماضي والحالي، الأخبار والأرقام القادمة من هناك ترسم صورة جميلة عن الوولفز، منظومة أفراد لا عشوائية تستلهم القدرة من المدرب، لتُغِير على الخصوم، وتستلب بجودة جماعية النّقاط من غالبية الفرق المتصدرة لجدول الدّوري، لا يمكننا بناء خطة لعب على التّعادل، عليك أن تستعد للفوز، لا شيء غير الفوز، مع تلك الألفاظ التّحفيزية، يركز نونو جهدهُ على الفوز، الثقة في المنظومة لها أساس تكتيكي.. ذهني وبدني.. ليست عمياء، وإلا فإن الحظ السائر بالفريق نحو تطور دائم كان لينتهي منذ زمن ماضٍ.

 

ميدانياً الـ 3-5-2 هي دعامة الفريق الأولية، نونو بتلك الخطة يستغل كل قطعة من الملعب ليطبق بجماعته أسلوباً قاتلاً في التّسرب نحو خطوط الفرق الأخرى، دائماً هنالك خطة واضحة، وهدف مرسوم للإيقاع بالفرق، وتحويل العدد السّالب استحوذاً على قلتهِ إلى عدد موجب، بناء على فاعلية الاستراتيجية والسلاسة في تطبيق اللعبة، لتوّي شاهدت إحصائية تعود للموسم الماضي، من سبعة وأربعين هدفاً سجل فريق الذئاب عشرة أهداف من هجوم مضاد، ما يجعل ذلك سلساً هي الايجابية في تطبيق أن المرتدات، سانتو مهووسٌ بالتفاصيل، ما يفكر فيهِ دائما التكيف مع جميع الوضعيات الأربع، الاستحواذ على الكرة، فقدان الكرة، الحالة الدفاعية، الحالة الهجومية..

 

في كرة الطائرة تجدُ نظاماً معينا أثناء الصدّ، تارة ثلاثة وتارة اثنين، في وولفرهامبتون فارق التوقيت وقالب الصد يمتزجان معاً، روبن نيفيز وموتينهو هما السّاحران في الثلث الثّاني ما قبل الدّائرة وفي منتصفها وما بعدها.. التّسلسل حسب الأوضاع هو المهم، أثناء فقدان الحيازة في حالة الدّفاع من مناطق مُنخفضة، يضع نونو الحيل، وينصب الأفخاخ، موتينهو وروبين نيفيز يستحوذان على الجهة الموجودة أمام المدافعين، والنصف جناح والنصف ظهير أداما تراوري وفيناغري يحتلان المكان على الخطّ.

 

ديندونيكر يضغط في حراً، كخط وسط مساند أمام الارتكاز مرة، وبجانبهم مرة أخرى، الكرة هي التي تحدد الدور الأكبر لدينودنيكر، المُهاجمان لا يفتكان الكُرة إلا في منطقة الدّائرة، ومع ذلك فإنهما يمضيان أنيابهما بشراسة للفترة التي تعقب افتكاك الكُرة من المناطق العميقة، أثناء التّحولات هناك ثلاثة إلى أربعة، يمثلون القدرة الاستيعابية لشن الهجوم المضاد، الموسم الماضي بلغت هجمة مرتدة للولفوز زمناً لم يتجاوز الـــ8.5 ثانية مع أربع تمريرة كانت كافية للوصول بأقصى سرعة إلى الهدف.

 

في التحولات الخاطفة هذه، يستلم دائما موتينهو الدور في فك اللعبة كاملة عبر تمرير مفتاحية، وتمثل انطلاقات أداما وجوتا وخيمينز أهمية قصوى لمنح جواو خيارات تمريرة في زوايا سريعة، لمنع عودة الخصم إلى الوضعية الطبيعية، مع الأخذ بعين الاعتبار تمركز المهاجمين، ووضعيات التمركز هي التي تحكم على مكان وزمان تمرير الكُرة لاستغلال الارتداد، حالة وجود المهاجمين في منطقة متقاربة، فاللعبة المباشرة أولى من المرور عبر دائرة المنتصف، أما في حالة التباعد، فيربط روبن أو ديندونيكر خط الوسط وخط الهجوم بالتمرير الثانية، لتنسيق توقيت جميع الخطوط، التمريرة تلك تختصر الطّريق أولا لإطالة زمن الاستحواذ على الكُرة، ومنح المهاجمين فرصة التّحرك ثانياً..

 

الايقاع العام لمنهجية الفريق يشكل إثارة للمحلل المتعمق، مع كل ذلك النّظام، وضعف جودة أفراد الفريق مقارنة بمن يحكون قبضتهم على السير العادي للبريميرليغ، لا يركن نونو لا يشبك يديه، أو يضع أصابعه فاركة جبهته مستسلماً، بل هو ذلك الشّجاع الذي يصنعُ المعجزات من اللاشيء، ويقدم رفاهية لا حد لها للمُتابع العادي، شيء ممتع.. شيء ممتع.. هي الصرخة التي تتلو كل هجوم مضاد للذئاب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.