شعار قسم مدونات

الصورة و"مو صلاح".. كنز الجمهور أوشك على النفاذ

blogs محمد صلاح

كون اللاعب الدولي المصري محمد صلاح جمهورا على الأقل في مصر يفضل شراء باقة (بي إن سبورت) من أجل أنفاس مصرية في الملاعب الدولي من خلال لاعبه المهاجم في صفوف الفريق الإنجليزي ليفربول، العجيب هو تفضيل هذا الجمهور للدوري الانجليزي لأجل عيون صلاح على أن يتابع الدوري الإسباني الأشهر خلال السنوات العشر الأخيرة بين عشاق البارسا والريال أو برشلونة والريال إلا إذا كان فريق محمد صلاح أحد أطرافه.

  

السؤال الدائم عن محمد صلاح أو الأهداف التي ساعد فيها صلاح أو مستوى اللاعب وحالته النفسية وإصاباته بات حديث المقاهي يوم "ماتش" ليفربول.. اليوم، كسر مو صلاح، كم اشتهر بهذا الاسم بخاطر شريحة من جماهيره المصرية تحديدا التي باتت تتابع مباريات ليفربول أكثر ما تتابع مبارايات "الأهلي" أو"الزمالك"، صحيح أن لذلك أسباب أخرى غير صلاح. فمزاجية الجمهور قد تتغاضى في عشق محبوبهم عن أدائه السيئ أو أنانيته في الملعب لكنها لا تتنازل عن مكونها القيمي ومذهبها الأخلاقي فهما كنز الإنسان والذي أوشك على النفاذ من صلاح القروي الريفي الساذج ويحتاج من اللاعب المصري إعادة شحن رصيده منهما.

 

إطلالة صلاح الأخيرة في أبو ظبي سحبت من رصيده، أبو مكة التي احتفل بعيد ميلادها قبل ساعات من كتابة هذا المقال ظهر تطوقه، بشكل معتاد لمشاهير آخرين من غير عينة محمد صلاح، أذرع عارضة أزياء برازيلية شهيرة احترفت التصوير بشكل أكثر تحررا مع نجوم كرة القدم مثل كريستيانو رونالدو وعلى صفحات المجلات كمجلة (GQ) الشرق الأوسط، صورتان لصلاح و"الموديل" كانتا صارختان في كسر الصورة الذهنية عن محمد صلاح من قبل جمهوره، رغم أن ظهوره فيهما كانا جزء من تعاقد صلاح مع المجلة، اللافت أن الصورتين كانت واحدة منهما "الحضن" ضمن حفل تكريم صلاح "رجل العام" الشرق الأوسط، في أبوظبي، والصورة الأخرى ظهر أنها على هامش الحفل الذي التقط فيه صلاح صورة مع "إعلامية مثيرة للجدل وأخرى مع الفنانة يسرا.

    

   

علق كثير من الجمهور على إضافة رجل العام إلى الشرق الأوسط، مستغربين الربط واللقب غير المرتبط باختيارات الاستفتاءات والاستبيانات، فسيدة العام كانت فنانة لبنانية! ويبدو أن اختيارات "جي كيو" حملت تدخل بشكل ما من البلد المضيف للحفل الذي عادة ما يمنع أشخاصا بعينهم ويفتح الباب على مصراعيه لآخرين، مصطلح "الشرق الأوسط" بما له من دلالات يتعلق أحدهما بالإمارات التي باتت وجهة شرق أوسطية لوزراء من أصحاب القلنسوات، ورياضيين من نفس عينة الوزراء وموسيقا "وطنية" كتلك التي تعزف في الاستقبالات الرسمية في تل أبيب!

 

وفي سياق أقلمة الجمهور اختارت المجلة في التعامل مع شخصية محمد صلاح باستراتيجية التدرج، محبو محمد صلاح فوجئوا ابتداء به في جلسة تصوير ملابس داخلية، اللانجيري الرجالي، تغاضى عنه الجمهور بعدما صالحهم بصورة لاحقة وهو بنفس الملابس في رحلة صيد، ظهر أنها جميعا لشركة واحدة بعدما كانت مقدمة تقديم موصلاح لتسلم جائزته مقابل لقبه، استعراض الساخر باسم يوسف لهذه الصور على سبيل "الفرفشة".

 

تعليقات التواصل الاجتماعي جانب كبير منها رأى أن صلاح خسر جانب غير قليل من جمهوره، ولعله يندم على ذلك لاحقا، فيبدو أنه يدرك بالتخطيط لمستقبله كيفية التعامل مع جماهيره بالتدريج لم يصدمهم مرة واحدة، لم ينتقل بهم من مرحلة الاقتراب والإشادة بمحمد أبو تريكة إرهابي القلوب، مرورا بمرحلة التبريق وإخراج اللسان مع باسم يوسف وصولا إلى صورته مع ياسمين الخطيب أو بالقرب الشديد من يسرا، والتي بحسب اجتهادات بعضهم قد تسبب له مشكلات مع زوجته أم مكة، وباتت الآن المقارنة بين لاعبين افريقيين يلعبان لصالح نفس الفريق أحدهما "مو صلاح" الباحث عن الصورة التي توفر له ربما أمانا ماليا، واكتساب جمهور ليس بالكثير هم من هواة متابعة مجلات الموضة والأزياء.

  

أما اللاعب الثاني فهو السنغالي ساديو ماني، الذي يراه المراقبون أذكى كثيرا من صلاح، يذهب للمسجد بجلباب رخيص، وينظف حمامات المسجد، بعضهم يراه ذكاء لأنه يكسر في نفسه الغرور أو الكبرياء، ويعتقد أن أمامه الكثير ليعتلي قمة هدافي الدوري الإنجليزي، غير مكترث بغيرة أحدهم أو صوره، لذلك فرصيده من الكنز ما يزال متوفرا وفي زيادة، يلخص "ماني" فلسفته تجاه المال يقول "فلماذا يجب أن أشتري ١٠ سيارات فيراري و٢٠ ساعه من المجوهرات؟.. لقد كنت فقيراً معدماً لا أجد التعليم ولا أجد الطعام.. يكفيني الان أن أساعد تلك الأسر المحتاجة في بلدي وأبني لهم الملاعب والمدراس وأشتري لهم الملابس والطعام هؤلاء الناس يستحقون العيش كالبقية.

    

  

غير أن الموقف في المجمل يعكس طرفا آخر غير اللاعب وهو الجماهير التي لا تستطيع الخروج ذهنيا عن قولبة الأشخاص لاسيما المشاهير منهم .. محمد صلاح بات من هذه الشخصيات التي قولبها المصريون، على أنه شاب بسيط ناجح حظه حلو ساقته قدمه لارتداء الحذاء الذهبي إلى الشهرة ومن ثم عروض تنهال عليه من دنيا الإعلانات والدعاية حيث الصورة ومشتقاتها.

  

لا يدرك كثير من جماهيرنا العاشقة للرياضة أن جزء من حياة أي لاعب ومحمد صلاح من بين هو لوحة مكتوب عليها "ATM".. تشغل باله ومحور في رحلاته اليومية .. بالمقابل لا يدرك هؤلاء اللاعبين أن حب الجماهير هو الكنز الذي يستر من حوادث من عينة شده كتف كالتي أداها الأسباني سرجيو راموس في مايو 2018 كادت أن تطوي صلاح في صفحة النسيان من الملاعب الخضراء لينتقل به الحال مرغما إلى التعليق أو التحليل أو التدريب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.