شعار قسم مدونات

الواقع النقابي والمهني الفلسطيني.. بين انتهاكات الاحتلال وتحديات اللجوء

blogs - علم فلسطين

ثمّة واقع صعب جداً ومرير حد الألم يرزح تحته النقابي والمهني الفلسطيني على مدار سنوات اللجوء والنكبة وحديثاً الاغتراب القسري والهجرة المفروضة؟! هذا الواقع كان محركاً أساسياً ومحفزاً للقائمين على الهيئة الدولية للدفاع عن النقابيين والمهنيين الفلسطينيين كي يكون محل دراسة وفحص وتمحيص عن كثب عبر ثلة من خبراء العمل النقابي الفلسطيني والعربي والدولي تنادوا لذلك ضمن مؤتمر نقابي جامع استضافته تونس العاصمة على مدار يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من شهر أيلول سبتمبر لهذا العام.

 

هي محطة ووقفة اقتضاها واجب الوقت بين يدي عنوان مهم وركيزة أساس من ركائز المشروع الوطني الفلسطيني حيث من نافلة القول الاستطراد في الحديث عن أهمية العمل النقابي ودوره في الحركة الوطنية الفلسطينية. استحضار تاريخ العمل النقابي الفلسطيني ودراسة حاضره واستشراف مستقبله كان محوراً من محاور المؤتمر من خلال جملة من أوراق عمل ناقشت ذلك في جغرافيات متعددة توزعت بين داخل فلسطين وخارجها وسط إصرار من المشاركين على الخروج بمبادرات وحلول عملية تسبر أغوار هذا الواقع وتلامس معاناة النقابيين والمهنيين الفلسطينيين بما يتجاوز حالة التنظير فقط؟!

 

لدينا رهان على العمل النقابي ونعتقد جازمين أن إعادة تشكيل نقابات فلسطينية بطريقة مهنية وعلى أسس صحيحة وسليمة من شأنه أن يغيّر الكثير في المشهد الفلسطيني العام فهي صمام أمان

ربما ساعد على ذلك زخم الحضور الفلسطيني والعربي والدولي وتنوع مشاربه وهو ما حرص عليه القائمون على المؤتمر منذ الإرهاصات المبكرة للتحضيرات ومن دون شك لا يمكن إغفال قيمة البلد المضيف النوعية كبيئة حاضنة ومتقدمة في تصدير تجارب ونماذج نقابية على المستويين العربي والدولي وكذا رياح الثورة وروح الديمقراطية التي تسري في شرايين أبناء تونس وكلاهما ركائز أساسية في نجاح أي عمل نقابي.

 

بعد تأسيس الهيئة الدولية للدفاع عن النقابيين والمهنيين في مدينة ميلانو وضمن فعاليات مؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس  عشر وبعد محطة ثانية مرت بها الهيئة في كوبنهاجن الدانماركية جاءت خطوة مؤتمر تونس لتراكم على ما سبق؛ وهنا لسنا بحاجة لكيل المديح بالقدر الذي نحتاج فيه إلى التقييم والتقويم الصحيح؛ ثمة أمل يعقده المتابعون على أي إطار خدمي يشكل رافعة للعمل الوطني الفلسطيني في ظل الوضع الذي تعيشه القضية الفلسطينية بشكل عام وشريحة المهنيين والنقابيين الفلسطينيين بشكل خاص وعليه ليس مطلوباً اليوم الإكثار من عقد المؤتمرات بقدر ما هو مطلوب إنتاج بصمات ملموسة وواضحة تُصرف على شكل أعمال تعكس تحسناً مادياً ومعنوياً مدروساً ومقاساً بلا تضخيم ولا تهويل وفي ذات الوقت دونما تقليل أو تيئيس من أي جهد مخلص يبذل على هذا الطريق.

 

لقد عالج المؤتمر وفق رؤية علمية أكاديمية ثلاثة جوانب مهمة بتقديرنا الحقوقية القانونية والمعيشية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي وكذا العلاقات الدولية من زاوية الهيئات والمؤسسات العربية والعالمية المؤثرة في واقع النقابيين والمهنيين الفلسطينيين إن لجهة تدويل انتهاكات الاحتلال بحقهم أو من خلال تقديم مقاربات تجترح حلولاً عملية لمعاناتهم. وخرج المؤتمرون بمبادرات نوعية بهذا الصدد إضافة إلى عناوين مهمة لمشاريع تنموية تحاكي متطلبات الحياة للنقابي والمهني الفلسطيني بمختلف تفاصيلها من شأن تطبيقها إحداث اختراق إيجابي لصالحه.

 

باختصار يبقى الحكم للميدان في إنزال كل ما سبق على أرض الواقع ويظل الرقيب الحقيقي لجودة ما نتج هو النقابي والمهني الفلسطيني في الداخل والشتات فهو القادر على تلمّس مردوده بحق. وبكلمة.. لدينا رهان على العمل النقابي ونعتقد جازمين أن إعادة تشكيل نقابات فلسطينية بطريقة مهنية وعلى أسس صحيحة وسليمة من شأنه أن يغيّر الكثير في المشهد الفلسطيني العام فهي صمام أمان ورديف حقيقي لأي منظومة حُكم ومحرك ودافع أساسي للتدخل في وقت الحاجة والأزمات التي تعتري أي نظام سياسي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.