شعار قسم مدونات

هكذا يؤثر حكمك المسبق على التواصل مع الآخرين!

blogs حوار

كم من أحذية فاخرة بداخلها جوارب ممزقة، كما يقول سقراط. يعرف التواصل بأنه إرسال رسالة من مرسل وتشفيرها واستقبالها من مستقبل وفك هذا التشفير، وهو ما يميز التواصل عن الاتصال والذي هو فقط جزء من التواصل. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" كما جاء في سورة الحجرات الآية 11.

وروى البخاريُّ في الأدب المفرد عن أبي هريرة، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن فلانةَ تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل، وتَصدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا خيرَ فيها، هي مِن أهل النار)، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة، وتصدق بأثوارٍ (أي بقطعٍ مِن اللبن المجفف)، ولا تؤذي أحدًا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي مِن أهل الجنة). حديث صحيح كما جاء في صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 88.

تواصلك ليس فقط محصور بإرسال رسالتك للآخر واستقبالها منه وبالعكس، أي أن يرسل هو لك هذه الرسالة وتستقبلها أنت، وإنما تخضع هذه الرسالة في الطريق لعوامل تشويش

وروى الشيخانِ عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِمْ ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمُتْ). كما ورد في البخاري حديث 6018 ومسلم حديث 75. وروى مسلمٌ عن عائشة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرِّفقَ لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانه). كما جاء في مسلم حديث 2594. ونحن كثيراً ما نفهم الرسالة خطأً، وكثيراً ما صادفتنا العديد من المواقف التي فسرنا بها الرسائل التي تأتينا من الآخرين بطريقة وهم كانوا يقصدون شيئاً مختلفاً تماماً، وهنا يدخل عنصر التشويش على الرسالة.

الأشياء التي تأثر سلبا على التواصل

ومن العناصر التي تفلتر هذه الرسائل وهي اللباس والمسكن والجنس واللون والعمر ونوع السيارة التي يركبها الآخرون ومكانتهم الاجتماعية وغيرها، فعندما نقيم الأشخاص بناءً على مظهرهم الخارجي فإننا كثيراً ما نخطئ. لذلك يجب علينا الاتصال بهم عن قرب حتى نفهمهم بشكل صحيح، فقد وجدنا أن الكثير من الأغنياء والذين يعيشون في القصور فإن تواصلهم ركيك وضعيف وليس كلهم، ووجدنا أن الكثير من الفقراء ومن يسكنون في بيت قش، إلا أن تواصلهم من أروع ما يكون.

كيف نستطيع أن نتفادى المشاكل التي تحصل عند التواصل مع الناس؟

فلنتوقف عن إصدار الأحكام على الناس، وأنت عندما لا تحكم على شخص فأنت أقدر على فهم رسالته بشكل واضح، وتستطيع سماع كلامه كاملاً دون أن يصيبه تشويش هذه الفلاتر، فتواصلك ليس فقط محصور بإرسال رسالتك للآخر واستقبالها منه وبالعكس، أي أن يرسل هو لك هذه الرسالة وتستقبلها أنت، وإنما تخضع هذه الرسالة في الطريق لعوامل تشويش، ومنها المؤثرات على الصوت ولغة الجسد وغيرها.

تجربة لأحد المعلمين الحكماء تبرهن صحة ما سبق

وأحد المعلمين الحكماء أجرى تجربة لما رأى طالبين من طلابه يتبادلان المشادات الكلامية ويتشاجران عندما دخل للصف، فأمرهما بأن يأتيا لمنطقة طاولة المعلم ووضع كل منهما على طرف، وقال لهما أديرا ظهريكما، ووضع كرة على الطاولة بنصفين أبيض وأسود، وقال لهما استديرا وانظرا للكرة وصفاها، فقال أحدهما إنها بيضاء فقال له الآخر أنت حتماً أعمى بل إنها سوداء، ثم طلب منهما المعلم أن يتبادلان الأماكن وألا ينظرا للكرة حتى يتبادلان الأماكن، ففعلا فإذا بهما يريان اللون الآخر عندما وقفوا في مكان الآخر. وكثير من المشاكل التي تحصل عند التواصل تنشأ عندما لا نقترب من الآخرين ونسمع عنهم فقط دون أن نسمع منهم مباشرة، وبمعرفتك لهذه المشوشات وعدم حكمك على الآخرين المسبق فإنك تحسن تواصلك معهم بشكل ملحوظ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.