شعار قسم مدونات

اغتيال خاشقجي.. هل عطلت "كالامارد" طريق العدالة؟

blogs خاشقجي

في حوار عابر لي مع المحققة الأممية أغنيس كالامارد المعنية بملف الإعدامات خارج نطاق القانون في الثاني من أكتوبر عام 2019 أي بعد مرور عام على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلادة في اسطنبول ومن أمام النصب التذكاري الذي بنته تركيا مقابل مبنى القنصلية سألتها أي جهة كانت مقصرة معها في سير التحقيقات التي تقوم بها في قضية خاشقجي فكانت إجابتها أن تركيا تتحمل جزءاً من تعطيل سير العدالة وإنهاء التحقيقات فكان من الطبيعي أن أستوضح منها الأمر فكانت الإجابة الأغرب بأن تركيا لا زالت تحجب بعض المعلومات والتسجيلات عن المجتمع الدولي.

 

رغم استمرارها في الأدلاء بتصريحات من شبيه أن البحث عن العدالة ما زال مستمراً إلا انني لا أفهم تحميلها تركيا جزءاً من أسباب تعطيل العدالة وقد أعلنت هي بنفسها في تقريرها عن القضية تفاصيل جديدة استندت فيها على تسجيلات الاستخبارات التركية حينها منها ما هو كاف لتسريع وتيرة التحقيقات ولرفع الحرج عن تركيا وبالمرور السريع على ما ذكره التقرير نجد ثلاث جمل هامة جداً منها مضمون مكالمة دارت قبل دقائق قليلة من دخول خاشقجي إلى مقر القنصلية، بين خبير الطب الشرعي صلاح الطبيقي عضو فريق الإعدام وماهر عبد العزيز مطرب المقرب جداً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي يعمل في جهاز المخابرات السعودية وفي المكالمة وجه مطرب سؤالًا للطبيقي قائلا: هل وصل الحيوان الضحية قاصدا خاشقجي فأتاه الجواب: نعم.

 

وفي جزء ثان وجه مطرب سؤالا للطبيقي حول إمكانية وضع جثة خاشقجي في حقيبة وجاء رد الطبيقي بعدم امكانية ذلك باعتبار جثة خاشقجي رحمه الله ثقيل للغاية وزاد بأن الأمر سيكون سهلا فيما لو تم فصل المفاصل وتقطيع الجثة على الأرض وتعبئة الاجزاء المقطعة في أكياس بلاستيكية، وفي هذا الحوار الذي يعتبر الأطول فيما شاركته تركيا من تسجيلات مع مخابرات الدول المعنية وكذلك المقررة الاممية اختتم الطبيقي التسجيل بقوله إن مديره المباشر ليس على دراية بما يقوم به مضيفا أنه لا يوجد أحد يحميه.

  undefined

   

هنا ما يفترض أن تبحث عنه المقررة الأممية قامت تركيا بدور كبير معها في سعيها لتحقيق العدالة وأوصلتها لهذه الحقائق التي أعلنتها هي بنفسها ليبقى السؤال الذي كان يجب عليها ان تعلن إجابته في الفعالية التي أقيمت أمام قبر خاشقجي أي مقر القنصلية في اسطنبول من هو المدير المباشر للطبيقي الذي يدير عملية القتل كما أسمعتها تركيا.

  

لابد أيضا من عطف ما صرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لا زال يسعى لعدم بقاء الجناة بدون عقاب واعتبر تحقيق العدالة في هذه القضية دين عليه لعائلة جمال خاشقجي، أسئلة مشروعة كرهها أردوغان مراراً وكان يجب على المقررة الاممية أن تجيب عليها أو على معظمها خاصة بعد مرور عام على الجريمة منها على سبيل المثال أين جثة خاشقجي؟ ومن أصدر أمر قتل خاشقجي؟ ومن أرسل القتلى إلى إسطنبول؟

 

الادعاءات السعودية بإدارة المحاكمة في ثمان جلسات بعيداً عن الشفافية وراء الأبواب المغلقة وإخلاء سبيل المتهمين بشكل غير رسمي يتنافى مع ما ينتظره المجتمع الدولي وتعد حقيقة محزنة يجب على المجتمع الدولي التفكير بها ولكن دوراً أكثر فعالية كان يجب أن تقوم به المقررة الاممية في ذلك حتى تصل الى ماهية تلك المحاكمات وما دار فيها أما ان تكون كغيرها لا تعلم عنها إلا ما صُرح به في وسائل الإعلام فهنا تفرض علامة استفهام كبيرة على الأمر. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أقر بمسئوليته كقائد ثان في الدولة السعودية عن الجريمة في خطوة مجدتها كالامارد دون أن توضح كيف ستسفيد من تصريح كهذا فيما هو منتظر منها مثلا في خطوات من شأنها الكشف عن مكان الجثة.

 

يدرك الجميع أن طريق كالامارد في تحقيق وانجاز العدالة في القضية لن يكون مفروشاً بالورود وستمر فيه على العديد من المطبات والعوائق في ظل محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التستر على من صرح أخيراً بمسؤليته كقائد سياسي عن الجريمة ورغم وصف جهات عدة منها شبكة إفيكس لكالامارد بالمرأة الخارقة في مجال قضايا حقوق الإنسان إلا أنها لم تكن خارقة بما يكفي في هذه قضية خاشقجي خاصة مع مرور أكثر من عام على القضية وإنجاز الجانب التركي للجزء الاهم في القضية بمشاركة اجهزة غالبية الدول المعنية بتحقيق العدالة في القضية لجزء كبير من التسجيلات التي لديها ما يمكن تفسيره بأنها وضعت حجر الأساس الأقوى للمقررة الاممية لتقوم بما يجب عليها القيام به.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.