شعار قسم مدونات

حوار CBS.. عندما غرق السيسي في عرقه

حوار CBS

لم يكن السيسي موفقا – كالعادة- كما ذهبت محاولاته لتدارك الفضيحة أدراج الرياح، ولم تستجب شبكة CBS الأمريكية لطلب عدم إذاعة المقابلة. هي ليست قناة cbc المصرية حتى يمكن السيطرة عليها وتهديدها بالإغلاق من أجهزته الأمنية، كما أن مقدم البرنامج الشهير "سكوت بيللي" ليس كإبراهيم أبو حمالات، وإذا تحدثنا عن مضمون الأسئلة فملفات شائكة حقوق الإنسان، وفض اعتصامات بالقوة خلفت مئات القتلى، ومعتقلات تأن بمن فيها ممن يقدر عددهم ب 60 ألف سجين سياسي.
 
لم يتراجع الإعلامي الأمريكي "بيللي" كما بدا في إعلان الحلقة برؤية العرق يتصبب من خد الجنرال، ولن تمر الحلقة على مونتاج الرئاسة قبل إذاعتها فاللقاء يختلف عن حلقات "اسأل الرئيس" واكتب اسمك وعنوانك ووظيفتك ورقمك القومي عند إرسال الأسئلة. أصبح السيسي أمام محاوره في موقف أشبه بمحاف القاهرة قبل أسبوعين، عندها كان السيسي يسأل والآن عليه أن يجيب إذا كان يعرف كل شيء كما يزعم أمام مسئوليه في لقاءاته واحتفالاته.

في حديثه هذا أإيضا اعترف السيسي لأول مرة أمام وسائل الإعلام بالتعاون الأمني والعسكري والعملياتي مع الجيش الإسرائيلي لمواجهة التنظيمات المسلحة بسيناء. ووصف هذا التعاون بأنه غير مسبوق، بما يعني أنه تخطى مرحلة "صديقي بيريز" الذي تم الترويج لها إبان الرئيس المنقلب عليه محمد مرسي. أشارت القناة الأمريكية على موقعها بأن طلب عدم إذاعة المقابلة جاءهم من السفير المصري بواشنطن، وهو ما يعني خوف النظام من تصريحات جاءت على لسان السيسي قد تضر بصورته لدى مؤيديه، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض.

حفاوة إسرائيلية
وقع السيسي في ورطة وأحرز هدفا في فريقه، بدلا من أن يحرزه في مرمى المجتمع الدولي الذي لا يزال يعايره بملف حقوق الإنسان ويبتزه من أجل ذلك بصفقات مشبوهة لكي يعترف بنظامه الانقلابي

بدورها احتفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بما قاله السيسي واعتبرته أول اعتراف رسمي مصري بالتعاون الأمني بين تل أبيب والقاهرة في محاربة الإرهاب، صحيفة يديعوت أحرونوت كمثال نشرت تعقيبا على إعلان الحلقة وما تضمنه من مقتطفات تناولت العلاقة بين القاهرة وتل ابيب وأبرزت تصريحات السيسي وركزت على قوله: "التعاون بين مصر وإسرائيل في أفضل حالاته وأكثر من أي وقت مضى، مع اتساع حجم هذا التعاون ومجالاته.
 

تقارير أمريكية

ما جاء على لسان السيسي ليس جديدا على الخبراء والمتابعين للشأن الأمني والعسكري، فقد ورد تفصيلا في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في شهر فبراير/ شباط 2018 أن "طائرات سلاح الجو الإسرائيلي قامت خلال عامين فقط بأكثر من 100 هجوم فوق الأراضي المصرية بسيناء ضد ما زعمت أنها أهداف تابعة لتنظيم داعش. واستند تقرير الصحيفة الأمريكية "نيويورك تايمز" إلى سبعة من المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين القريبين من الأحداث بالمنطقة والمتواصلين مع الجانب الإسرائيلي، فيما رفضت القاهرة التعليق آنذاك على ما جاء بالتقرير.

في فيلمها الوثائقي "سيناء -حروب التيه" عبر برنامج المسافة صفر كان لي حديث مع اثنين من الخبراء الأمنيين الإسرائيليين حول الدور الذي تقوم به إسرائيل في سيناء تحت ما يسمى الحرب على الإرهاب وإصابتها مدنيين أبرياء أثناء تلك الغارات قال "يوسي ملمان" أن هذه العمليات العسكرية تأتي بالتنسيق مع الطرف المصري وبناء على طلب منه وما يقع من ضحايا أبرياء شيء طبيعي يفرضه واقع الحرب وهو ما أكده ايضا الدكتور إيدي كوهين خلال مداخلته في الفيلم نفسه.

ووفقا لنيويورك تايمز فقد بدأت المساندة العسكرية الإسرائيلية لمصر بناءا على طلب القاهرة في أعقاب حادث إسقاط الطائرة الروسية بسيناء في أكتوبر 2015. والتي أدت إلى مصرع ما يزيد عن 224 من الركاب وأفراد الطاقم، ومعظمهم من المواطنين الروس. وقال مسؤولون أميركيون للصحيفة "إن سلاح الجو الإسرائيلي لعب دورا رئيسيا في مساعدة الجيش المصري في الحرب ضد داعش في سيناء، وكان الأسبوع الواحد يشهد العديد من الطلعات الجوية لجمع المعلومات أو إصابة الأهداف.

أثبت السيسي التدخل الإسرائيلي عسكريا في الأراضي المصرية، كما أنكر في اللقاء نفسه ما يعلمه القاصي والداني من وجود عشرات الالاف من مواطنيه في السجون بسبب آرائهم السياسية وردا على تقرير هيومن رايتس ووتش الذي أشار إلى وجود 60 ألف معتقل سياسي في سجون مصر كانت إجابته "لا أعرف من أين أتوا بهذا الرقم، لا يوجد سجناء سياسيين أو معتقلين رأي بمصر".

وفيما يتعلق بفض رابعة العدوية ومسئوليته عن مقتل ما يزيد عن 800 متظاهر، تجنب السيسي الرد بوضوح على سؤال من أعطى الأوامر لإنهاء اعتصام رابعة، بزعم أن الاعتصام شارك فيه "الآلاف من المسلحين"، وهو ما يخالف الرواية الحكومية الرسمية التي نشرت في حينها ما زعمت أنه أسلحة بيد المعتصمين وهو ما لا يتخطى عدة قطع تم تصويرها بالفيديو بعد فض الاعتصام. وقع السيسي في ورطة وأحرز هدفا في فريقه، بدلا من أن يحرزه في مرمى المجتمع الدولي الذي لا يزال يعايره بملف حقوق الإنسان ويبتزه من أجل ذلك بصفقات مشبوهة لكي يعترف بنظامه الانقلابي وليحظى منهم بعد كل صفقة بشرف اللقطة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.