شعار قسم مدونات

فلسطين.. سؤال الهوية وآفاق الخروج من الأزمة

blogs القدس

حينما أسمع كلمة فلسطين، يتبادر إلى ذهني؛ أسئلة كثيرة ومحيرة، من قبيل الهوية، ما موقعنا نحن من فلسطين؟، ماذا قدمنا لفلسطين؟، هل فلسطين بحاجة لنا؟ هي في الحقيقة، أسئلة متعددة ومتشابكة تشابكا قد نفقد الفهم عند طرحها، ولم أجد لها أجوبة كافية، من هنا أتت الفكرة، لابتلى بالنبش في التاريخ السياسي، ليس حبا في هذا التخصص، ولا غاية فيه، وإنما نحن في حاجة أمس إلى الاطلاع على أدبيات التاريخ السياسي، ومعرفة موقعنا في خريطة التاريخ السياسي.

  
كنموذج ذلك كيف استطاعت جماعة بسيطة كإسرائيل أن تمتلك رساميل قوية كالمال والمعرفة المتخصصة في ظرف وجيز؟، وكان لديها ما يكفي من الزاد المعرفي لكي تحتل بقعة جغرافية اسمها فلسطين، عقدت لقاءات كثيرة مع المتخصصين في هذا المجال، فأبهرني صديق وهو متخصص في التاريخ السياسي، أن فلسطين ليست إلا لعبة دولية، لكن في مقابل هذا الأمر، هناك موقف يقول أن فلسطين لها ما يقويها وما يجعلها أكثر، لو أراد أهلها ذلك، لكن الأمر يتطلب جهود متضاعفة من أهل البلد، وممن يحملون هوية الفلسطيني الحر، سواء كانوا داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها، في موقفي الشخصي.

  

كل الذين يشتغلون في المجال السياسي، إما أن تطوروا من أساليب اشتغالكم أو تنسحبوا لتتركوا الشباب يعتلي مراكز القرار، وليدافعوا عن المقدسات كالوطن والدين والأمة، وفلسطين كمقدس إسلامي

أجد نحن المغاربة أننا نحب فلسطين، أكثر مما يحبها بعض أفرادها، ربما تكون الهزيمة دخلت إلى نفوس الكثير من الفلسطينيين، وإلى نفوس الغالبية من العرب الذين عايشوا تلك الحقبة التاريخية، وكانوا حينئذ في موضع القرار؛ تساؤلات وخبايا يثيرها الموضوع، وأصبح هذا الموضوع حديث كل تنظير، تلك التنظيرات التي توهم الناس وتقول أنها رؤية سياسية جديدة، أتت لتحل أزمة فلسطين.

 
إننا ومن خلال اطلاعنا البسيط في التاريخ السياسي، وخبراتنا التي راكمناها في مجال العلوم الإنسانية، نؤكد وبصدق أن الأمر يحتاج إلى رساميل معرفية واقتصادية واجتماعية لحل أزمة فلسطين، فلابد أن تكون اهتمامات الناس كبيرة وفي المستوى المطلوب، وأن تكون هناك رؤية معينة، تكون محل إجماع القادة من مختلف المجالات، وللأسف في مجال السياسة، ليس لدينا قادة أفذاذ، لأن الذين يتصدرون المشهد السياسي، ليسوا إلا أناس بسطاء يلهثون تجاه المال والسلطة والمكانة الاجتماعية، فاطلعت على سير السياسيين المغاربة والعرب، واستفاضت في الموضوع وبحثت مرات عديدة، لأجد أن أغلبهم لا تكوين أكاديمي سليم، ولا معرفة علمية متخصصة، ولا النبل في شخصهم، هي حقائق تنبهنا بالوضع السياسي المزري الذي تعيشه جل الدول العربية.

  
لا ننكر أن هناك قيادات شابة متميزة، تحاول أن تلج إلى عالم السياسة وان تقود الأحزاب والمنظمات السياسية، لكنها تجد عراقيل كثيرة تكبلها ولا تجعلها تكون في موقع القرار، ربما الموضوع يحتاج إلى كثير من التعمق لسبر أغواره، لكن أحببت أن أعطي تلميحات لعل القارئ الكريم يفيدنا بتساؤلات وأجوبة، ويطرح نافذة للنقاش وتكون هذه فرصة للتفكير في ضرورة تعبئة الشباب للانخراط في الفعل السياسي، من أجل ماذا ؟، من أجل الدفاع عن مقدسات الأمة وليمثل الوطن والمواطنين في المحافل الدولية.

   

هذه دعوة صريحة مني كمتخصص في التطوير الذاتي، إلى كل الذين يشتغلون في المجال السياسي، إما أن تطوروا من أساليب اشتغالكم أو تنسحبوا لتتركوا الشباب يعتلي مراكز القرار، وليدافعوا عن المقدسات كالوطن والدين والأمة، وفلسطين كمقدس إسلامي، لست ممن يدعي البطولة، ولكني بصدق أرى أنه لابد من اشتغال مستمر على الذات الإنسانية، حتى تكبر الهمة في نفوس الكثيرين، ولندافع بالعلم والمعرفة من أجل حماية مقدساتنا، فالصراع العربي الإسرائيلي هو صراع الإيديولوجيا وصراع الثقافات والرموز والشعائر الدينية، قبل أن يكون صراع المصالح العامة والخاصة، فليس غريبا أن تجد انتهاك حقوق إنسان باسم حقوق الانسان، وأن يمارس القمع باسم الحرية، كلها انتهاكات اجتماعية تصب في أن الحل اجتماعي، فلابد أن تستثمر برامج اجتماعية لمناهضة تلك البرامج الاجتماعية السابقة التي تحث في جوهرها على زرع التخلف والتخلي عن القيم الإسلامية السامية.

 
وللقضاء على كل أنواع السلوك الاجتماعي السلبي، لابد من تقوية البيت الداخلي، فالمنهزم داخليا لا يستطيع على نفسه، فكيف له أن ينتصر على عدوه؟، أرجو أن يجد هذا المقال قبولا لديكم، وأن تطرح في نفس السياق أفكار نيرة، تنير الطريق لفتح لحوار إيجابي وفعال نحو قضايانا القومية ولنصهر في بناء ذواتنا من أجل القضايا المجتمعية، وأن تكون فرصة لتدخل كل الباحثين لفك أزمتنا الاجتماعية، ومن خلال ذلك نستطيع أن نهدي أول نصر لفلسطين هو أننا تغلبنا على عجزنا الذاتي وصرنا نبحث عن حل فعال لقضية فلسطين. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.