شعار قسم مدونات

لم يسقط النظام في يناير!

blogs ثورة يناير

يدي الآن على لوحة المفاتيح تنظر إلى الحروف وكأنها تُنذرهم إنذار الثورة والغضب، تنظر إلى الحروف التي شاركتها الرقص والعزف شاركتها الحب والكره..  تنظر إلى حروف اتحدّت مع العقل وصاغت كل مقالات الرأي الممكنة، فتنطق حروفي إنني هنا حية أرزق! في الخلفية أستمع إلى أغنية ثورية، في القلب دقات متصاعدة وفي عيني دمع كان وما زال ثمن لطلب حرية لم تتحقق.

"لم يسقط النظام في يناير"
إنني أعترف بغباء الثوار وقوة الطواغيت، ولا إنسانيتنا وتفرقنا وغلنا في بعضنا.. أعترف بكل الأمراض النفسية التي تَرَكتها الثورة خلفها في كل من كان..  وغالبا لم يعد!، أين نحن الآن بعد سنوات من الهُتاف في ليالي شتاء باردة، في نهار صيام وشمس حارقة، كنا ثوار كل وقت وكل آذان.. الكبير والصغير، الغني والفقير كلنا كنا سواء.

كيف نُكرر الأخطاء هكذا؟ كيف أننا وثقنا واعتمدنا وسلمنا أنفسنا؟ وانطفأنا.. نعم انطفأنا بكامل النور فينا بزهرة العمر ورونقه وشبابه وطموحه ورغباته.. إننا نُعامل أنفسنا كضحايا حرب لم تكتمل، نحن عجائز في العشرين أصابتنا الشيخوخة مُبكراً برغبة وتسليم، وكي أكون مُنصفاً كانت الخسارات والنتائج قاتلة لأي طموح كانت شديدة حتى على الأقوياء، لذا كان السقوط مدوياً. لكن.. قليلون هم من كانت النار فيهم هي ذاتها وقودهم للأمام، من خرج حاملاً ضعفه بقوة يديه مُقسماً على البقاء حتى النهاية حتى شهقة الموت؛ هم من يدفعون الثمن خلف القضبان وخارجها فالعالم كما تعلم ملئ بالقضبان والأسلاك الشائكة.

يقولون اعقلها وتوكل.. هكذا تفعل مع الله، يعمل عقلك أولاً ثم تُوكلها إلى وليّ يستحق الولاية عليك

شاب في مقتبل العمر ممنوع من الدخول من بوابة العائدين إلى الوطن، ذهب ولم يعد! لكنه لم يعد مجبوراً على ذلك، سبعة عشر عاماً يعني في قاموس الدولة يُعتبر طفلاً.. فبحقك ما مقدار الخوف من هكذا طفل أن يعود إلى وطنه سالماً دون أن يَمسه أحد بسوء، لماذا لا يتحدث أحد من بين مئة برنامج يومي عن هكذا موضوع؟

"لا تبكي على اللبن المسكوب"
هكذا يقول الحكماء، فكم من الأعوام تكفيك كي تنسى حلم ضائع وتصنع آخر بين يديك! ، اعلم تمام العلم أن مصابك في قلبك وفي عقلك وفي مالك وأهلك وولدك وإن خيرت..  فالاستسلام أيسرهما، لكنني أعلم أن من ذاق الحرية لا يرضى بنصفها، ومن كان شجاع القلب والكلمة لم يرضى بكتمانها، وكان الحق سيده والباطل عدوه. أراك الآن جالس مثلي لا يتعدى رفضك للباطل سوى حُروف تَخطها وكلمة تُخبر بها ولا أستصغر فعلتك، إنما أخشى من حالات الركود من موت الثورة بدواخلنا، أن نتحول لبشر عاديين يمنعنا الخوف من إبداء الرأي.. من تصحيح المسار.. نختار الأيسر فالأيسر فنتحول إلى آلات تأكل وتعمل، عُذرا بل حيوانات لا تُفكر!

"التماثيل"
أحرقها كلها، كل التماثيل في عقلك لا تدعها، من أصاب اليوم يُخطأ غداً، وإن أخطأ تمثالك فاغفر له فكان من أول خلقه بشر مثلك، فعلام تعظمه ولما تؤذيه بتمجيد ليس أهل له! لكن للأسف ما يحدث أنه يسقط الجمع بعده..  فلِمَا؟ يقولون اعقلها وتوكل..  هكذا تفعل مع الله، يعمل عقلك أولاً ثم تُوكلها إلى وليّ يستحق الولاية عليك، فكان أولى مع البشر مثلك أن تعقلها وتفكر بها فتتفق مع قائدك أو تختلف لا ضير في ذلك فإن أخلف طريقه، أكملت أنت!؛ كن كبيراً إن أردت أن تمتلك القرار.

قف الآن، وانفض عنك غبار مسرحية حرب زائفة.. تذكر كل الخسارات التي زلزلت دواخلك وكل قواعدك التي تحطمت، تذكر يا صديقي حتى تستطيع المُضي من حيث توقفت، ربما أصبحت الآن أباً وأنتِ أُمّاً.. أرجوكما ألا تُكرروا أخطائنا فيهم، لا تُملوا عليهم رغباتكم، فقط اجعلوا منهم أفراد مُدركين للحق يتحدثون الإنسانية رافضين للظُلم، عَلموهم ولا تُلقنوهم.

 

"يا بلادي عيشي حرة.. واسلمي رغم الأعادي"

"بلادي بلادي بلادي.. لك حبي وفؤادي"

 

آخر سؤال لك أنت، كم عام يا بطل الثورة والثوار..  حتى تَعُود بنفسك وعِلمكَ وقَلمِك!؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.