شعار قسم مدونات

رقعة الحرب الكبرى بسوريا والعراق.. هل تسعى واشنطن لتدمير إيران؟

blogs ترمب في العراق

في زيارةً خاصة غامضة ومفاجئ لم يكن للحكومة العراقية وسيادتها نصيباً منها أتت الأولى من نوعها تزامنة بعدها إعلاناً لانسحاب القوات العسكرية من الأراضي السورية أكثر غرابة من سابقهِ كل هذا أتى في غضون أيام قليلة تُلوح إلى سياسة جديدة في منطقة الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي ترمب. 

مبدئياً بدأت ملامح بزوغها تتضح رغم أنها لم تبلغ الأربعين يوماً من عمرها لكنها بدأت تتجسد بجولة وزير خارجيتهِ بومبيو لمنطقة الشرق الأوسط التي شملت سبعة دول استهلها بزيارتهِ إلى العراق بزيارةٍ لا تختلف عن زيارةَ رئيسه كثيراً وسط أنباءٍ عديدة عن زيادة الدعم العسكري للقواعد العسكرية في العراق والانتشار الغريب لقواته في بعض مناطق تواجدهم داخل المحافظات العراقية وأنباءً عن زيادةِ أعدادها هذهِ جملة الأحداث المتوالية بدت كما لو إنها تنذرُ لحرباً باردةً حقيقة ضد إيران وتوسعها في منطقة الشرق الأوسط وأسناد دور القيادة الاقتصادية للدول العربية المنزعجة من هذا النفوذ وتوسعه سطعت معالمها في تركيز بومبيو خلال تصريحاته على استمرار استراتيجية أمريكا ضد إيران في جولته وبدأت تتأكد بالتوجيه الأمريكي الأخير للحكومة العراقية في حل (٦٧) فصيلاً مسلح ينضوي تحت قيادة الحشد الشعبي الذي يتبين حسب الرؤية الأمريكية إن هذا القرار سيكون القشة التي ستقصم ظهر البعير خصوصاً بعد العقوبات المتتالية التي أرهقت اقتصاد السياسة الإيرانية وشعبها والتي تعدها إيران الشريان الرئيسي لمشروع نفوذها في المنطقة.

قرار حل الفصائل المسلحة التي كان تشكيلها وزجها أساساً ضمن قيادة منظمة وتحت لواء الحكومة وشرعيتها لا يكتمل إلا بموافقة أمريكية أو غض النظر على أقل تقدير يأتي تقاطع هذا القرار مع بدايات تشكيل هذه الفصائل دليلاً على الإقبال والرغبة الأمريكية لانتهاج إدارة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط خالية من النفوذ الإيراني الهدف منها تضيق الخناق وإجبار السياسة الإيرانية التخلي عن المشروع النووي الذي تراهن عليه أمريكا من خلال تمويل مشروعها الجديد من قبل دول المنطقة مقابل طمأنتهم بإزاحة هذا الوجود انطلاقاً باعتبار أمريكا دول المنطقة هذه الغذاء المفضل لديمومة اقتصاد السياسة الأمريكي والهيمنة العالمية لذى من الطبيعي أن تنحاز لرغباتها التي من الممكن أن يشكل المشروع الإيراني ورقة ضغط دولية على السياسة الأمريكية مستقبلياً أبان إذ أنجز انطلاقاً من علاقتها الجيدة مع الروس لذى أن الواضح منه الرغبة أو الجزم في قطع خط الأمداد وبوابة العبور الرئيسة لإيران للمنطقة.

أمريكا تبدو في ملامح تحركاتها الجدية الواضحة التي تحاول تعزيز موقفها من كافة الجوانب التي لم تستبعد عنه من الممكن التدخل الصيني الذي يعتبر نسبياً مناهضاً لها الذي تحاول إرباكهُ مسبقاً من خلال تعزيز موقف حلف الناتو بجانبها

إضافة إلى استنزاف الاقتصاد الإيراني من خلال إضعاف أو قطع الروح الاقتصادية التي تعتبر هذهِ الفصائل الساعد الأيمن بتنشيطها داخل العراق فضلاً عن دعمها البشري والمادي في الصراعات الإيرانية في المنطقة والبين من جدية هذا القرار تزامنه بعد الانتشار العسكري المكثف والعلني في شوارع المدن العراقية عن غيره مُنذ الانسحاب عام 2011 من العراق على الرغم أن هذا الإعداد والاستعراض الأهم في مضمون أقبالهِ جاء وسط تهديدات بعض الفصائل المسلحة بالمقاومة كما لو أنها رسالةً تندد بالقوة العسكرية ووجودها واستخدمها إن احتكمت الضرورة وإيصال بريداً لإيران عنوانه إن الوجود الأمريكي في المنطقة أصبح لا يتسع لشريكاً أخر وإن الامتداد الإيراني المسموح به قد انتهى حتى لو اضطر الأمر بتحويل العراق إلى ساحة مواجه صريحة على ما يبدو هذا ما تنبئ بهِ تطورات المشهد.

كما من الجانب الآخر لقرار إعلان الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية الذي من المنطق لا يمكن الاقتناع به أن أمريكا تقدم هذا التنازل في سوريا إلى روسيا على طبق من ذهب بعد عناءً عسكريا واقتصادياً ولا ليكون لفسح المجال أمام تركيا لقمع عدوها الكردي دون مقابل لذى يمكن القول عنه نسبياً أن أمريكا ما كانت أن تدع الصراع يستمر منذ منتصف شهر آذار (مارس) عام 2011 داخل سوريا وفسح المجال أما النفوذ الإيراني إلا وهو أحد طرق الاستنزاف للقوى الشعبية السوريا وزرع خراعتاً تستنزف بها دول منطقة الشرق الأوسط وتقويم الجانب الكردي كورقة ضغط ضد تركيا وتعزيزاً للقرار في شمال العراق وإعادةً لبناء الثقة من جديد بعد موقفهم المحبط في الاستفتاء الذي مضى فيه أكراد العراق لتكون المحصلة قنوط القوى الشعبية لأي قرار يبشرها بالاستقرار وترحيباً من دول المنطقة بأي قرار المهم فيه إعادة تحجيم إيران ومن جانب آخر هو إرضاءً للمطامع الروسية في سوريا مقابل التخلي عن دعمها لإيران والسيطرة على جزءاً من القرار التركي في أي خطوةً تُتخذ اتجاه إيران وعلى هذهِ الصورة سيكون الحصار مقيت تحديداً من نقطة الارتكاز العراق.

الذي بدأ بعض رؤساء وممثلي دول المنطقة بالتوافد إليه لبحث سبل الشراكات والاقتصاد والدعم المتبادل على حد الادعاء يمكن تلخيص مضمونها إنها نوعاً من أنواع محاولات إعادة العراق إلى أحضان وتحالف الدول العربية المضادة للسياسة الإيرانية الذي سيصب طردياً في إنجاح المشروع الأمريكي الجديد إذا نجحت هذه المحاولات لكن نجاحها يمكن أن يتمحور فيما إذا نجح الأمريكان في حل الفصائل المسلحة التي ستصب هذهِ الخطوة بترجيح كفة سائرون المتمثلة بتحالف الإصلاح بالقرار السياسي وإبعاد كفة تحالف البناء الممثل الشرعي لهذهِ الفصائل في الحكومة وإضعافها بالقرار السياسي التي يمكن تحديد نقطة قوة قرارها في هذهِ الفصائل الذي دائماً ما يكونون فيه منحازين للمصلحة الإيرانية عكس الإصلاح باعتبار سائرون منفتحةً بنافذةٍ أوسع على الدول العربية وفي ظل تردي علاقتها مع الجانب الإيراني فضلاً عن استخدام واستغلال سخط الرأي العام العراقي اتجاه تردي الواقع المعيشي الذي يعتبُر إيران جزءاً أساسي فيه. 

أما الزاوية الأخرى التي يمكن أن تبرهن هذهِ المساعي والرغبات الأمريكية تتضح من خلال زيارة وزير خارجية إيران جواد ظريف للعراق كما لو أنها زيارةً جاءت لإخذ بيعةً سياسي شاملة من الشمال إلى الجنوب وشعبية من قبل وجهاء العشائر بحجة رفض الوجود الأمريكي الذي تحاول طهران كسب الوقت في تحركهِ لإقناع جميع السياسيين وعلى رأسهم ممثلي الأكراد والسنة لدعم قراراً ساسي بالإجماع يقوده تحالف البناء بقيادة الفتح لا شك اتجاه الوجود الأمريكي لكن مؤشرات مكنون هذهِ التحركات لطهران هو ليس إلا شعوراً بالخطر لما تجهزهُ حكومة ترمب في جولةِ مبعوثهُ بومبيو ولكسب دعم إيران أمام أي خطوة ضدها يتبين هذا كاستعداد من خلال تصريحاتهِ بأنهم هم أهل الأرض وهم الباقون وإن أمريكا هي من يجب عليها أن يرحل إلا أن أمريكا تبدو في ملامح تحركاتها الجدية الواضحة التي تحاول تعزيز موقفها من كافة الجوانب التي لم تستبعد عنه من الممكن التدخل الصيني الذي يعتبر نسبياً مناهضاً لها الذي تحاول إرباكهُ مسبقاً من خلال تعزيز موقف حلف الناتو بجانبها.

هذا إذا ما لم يكبر المشروع الأمريكي ويتجاوز عمره الأربعين يوماً ويفاجئنا بملامح غير متوقعة كزيارة راعيهِ للعراق وتظهر ملامحه كتغريداته في تويتر المتباينة من ليلةً إلى أخرى ليأتي وزير خارجيتهِ بومبيو ليبرر لنا أن نتاج رئيسهُ لا يمكن أن يكون ابن خالاً لإيران.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.